10 نحاتين سعوديين ينفذون أعمالاً فنّية لتزيين مدينة الخبر

أحد النحاتين السعوديين يعمل على مجسم («الشرق الأوسط»)
أحد النحاتين السعوديين يعمل على مجسم («الشرق الأوسط»)
TT

10 نحاتين سعوديين ينفذون أعمالاً فنّية لتزيين مدينة الخبر

أحد النحاتين السعوديين يعمل على مجسم («الشرق الأوسط»)
أحد النحاتين السعوديين يعمل على مجسم («الشرق الأوسط»)

ينتهي اليوم 10 نحاتين سعوديين، بينهم سيدة، من إنتاج 10 منحوتات صخرية معبرة لتزيين مدينة الخبر في المنطقة الشرقية، حيث يقام «سمبوزيوم نقوش الخبر»، بالتعاون بين مجلس المسؤولية الاجتماعية وجمعية الثقافة والفنون وبلدية الخبر.
وحسب القائمين على الفعالية، فقد أخذت الأعمال صبغة تاريخية أو ثقافية أو وطنية، حيث عبرت إحدى المنحوتات عن الأحداث على الحد الجنوبي للسعودية في الحرب مع جماعة الحوثيين، وأخرى عن قصص الفروسية والحب كتمثال عنتر وعبلة أو النقوش التلمودية وغيرها.
وتعد فعالية «سبموزيوم نقوش الخبر» الفعالية الأولى من نوعها في المنطقة الشرقية التي تستهدف تزيين مدينة الخبر، حيث أكّد القائمون على أنّ الفعالية ستكون مناسبة سنوية تستقطب أشهر النحاتين السعوديين لتقديم أعمال جمالية يُستفاد منها في تزيين المدينة.
وبدأت الأعمال النحتية منذ 11 فبراير (شباط) الحالي، في الواجهة البحرية بمدينة الخبر، ويفتح «سمبوزيوم نقوش الخبر» وتختتم اليوم بعد أن أتاح القائمون على الفعالية للجمهور التجول بين المنحوتات ومشاهدة الأعمال الفنية لثلاثة أيام، في حين أقيم محترف للفن التشكيلي على هامش الفعالية شارك فيه 65 فناناً من مختلف مناطق المملكة.
ويعد «سبموزيوم نقوش الخبر»، إحدى المبادرات الرئيسية لنقوش الشرقية، وتهدف الفعالية إلى خلق تجربة جديدة ومختلفة في مجال الفنون التشكيلية المختلفة وخلق فرصة جديدة لنشر المتعة للزوار، بالإضافة إلى احتواء الفنانين والفنانات التشكيليين السعوديين وتقديم أعمالهم بصورة جميلة في المجتمع، وتسعى نقوش الخبر لأن تكون تظاهرة فنية تشكل نقلة نوعية في الحركة الفنية على الصعيد المحلي والإقليمي.
وتنظم فعالية «سمبوزيوم نقوش الخبر»، ثلاث جهات، هي مجلس المسؤولية الاجتماعية وبلدية الخبر وجمعية الثقافة والفنون في الدمام، حيث يحاول النحاتون العشرة المشاركون في الفعالية، تأثيث وتجميل مدينة الخبر بكتل جمالية، وإنشاء أعمال إبداعية وجمالية تمثل البيئة التاريخية والثقافية للمنطقة، حتى اليوم السبت.
أمام ذلك يقول يوسف الحربي مدير جمعية الثقافة والفنون فرع الدمام، إنّ للفعالية أهدافاً ثقافية وفنية وتقدّم ما يخدم الهوية الوطنية السعودية والشرقية بشكل خاص، عبر تاريخها ونقوشها ودلالاتها التاريخية، مضيفاً أنّ التجمع الفني الذي يستقطب أبرز النحاتين سيكون النشاط الأبرز في المنطقة الشرقية، لتقديم واحد من أصعب الفنون بالتعامل مع المجسمات الثلاثية الأبعاد، مع التطلع إلى الارتقاء في الجانب النحتي.
يشار إلى أنّ إقامة أول «سبموزيوم» احتضنته شركة «آرامكو» السعودية في العام 2010. وتعد الفعالية الحالية الأولى من نوعها التي تكون متاحة للجمهور وتستهدف تزيين مدينة بحجم مدينة الخبر.
وعلى مدار 15 يوماً بمعدل 12 ساعة عمل يومياً أنتج الفنانون المشاركون 10 منحوتات حجرية بطول 2.5 متر لكل منحوتة. ويشارك في الفعالية علي الطخيس أحد أشهر النحاتين السعوديين وكمال المعلم ومحمد الثقفي، وطلال الطخيس، وفيصل النعمان، وسعيد الزهراني، وأزهار سعيد، وعلي الحسن، والدكتور فهد الجبرين، وعصام جميل.



مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
TT

مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)

«زهوري اليانعة في داخل خميلة»... كلمات للشاعر الجاغريو، وهي نفسها الكلمات التي اختارها الفنان التشكيلي السوداني صلاح المر، لوصف السنوات التي قضاها في مصر، والأعمال الإبداعية التي قدّمها خلالها، وضمنها في البيان الخاص بأحدث معارضه بالقاهرة «احتفالية القرد والحمار».

تنقل المر خلال 15 عاماً قضاها في مصر ما بين حواري الحسين، ومقاهي وسط البلد، وحارات السبتية، ودروب الأحياء العتيقة، متأثراً بناسها وفنانيها، ومبدعي الحِرف اليدوية، وراقصي المولوية، وبائعي التحف، ونجوم السينما والمسرح؛ لتأتي لوحاته التي تضمنها المعرض سرداً بصرياً يعبّر عن ولعه بالبلد الذي احتضنه منذ توجهه إليه.

لوحة لرجل مصري مستلهمة من صورة فوتوغرافية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول المر لـ«الشرق الأوسط»: «أعمال هذا المعرض هي تعبير صادق عن امتناني وشكري البالغين لمصر، ويوضح: «جاءت فكرة المعرض عندما وقعت عقد تعاون مع إحدى الغاليريهات المعروفة في الولايات المتحدة، وبموجب هذا العقد لن أتمكن من إقامة أي معارض في أي دول أخرى، ومنها مصر التي عشت فيها أجمل السنوات، أردت قبل بدء الموعد الرسمي لتفعيل هذا الاتفاق أن أقول لها شكراً وأعبّر عن تقديري لأصحاب صالات العرض الذين فتحوا أبوابهم لأعمالي، والنقاد الذين كتبوا عني، والمبدعين الذين تأثرت بهم وما زلت، وحتى للأشخاص العاديين الذين التقيت بهم مصادفة».

اللوحات تقدم مشاهد مصرية (الشرق الأوسط)

استلهم الفنان 25 لوحة بخامة ألوان الأكريلك والأعمال الورقية من مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية والـ«بوستال كارد» المصرية القديمة، التي تعكس بدورها روعة الحياة المصرية اليومية، ودفء المشاعر والترابط المجتمعي فيها وفق المر: «لدي نحو 5 آلاف صورة مصرية، جمعتها من (الاستوديوهات) وتجار الروبابكيا، ومتاجر الأنتيكات، ومنا استلهمت لوحاتي».

ويضيف: «مصر غنية جداً باستوديوهات التصوير منذ عشرات السنين، ولديها قدراً ضخماً من الصور النادرة المُلهمة، التي تحكي الكثير عن تاريخها الاجتماعي».

الفنان صلاح المر (الشرق الأوسط)

يستطيع زائر المعرض أن يتعرف على الصور الأصلية التي ألهمت الفنان في أعماله؛ حيث حرص المر على أن يضع بجوار اللوحات داخل القاعة الصور المرتبطة بها، ولكن لن يعثر المتلقي على التفاصيل نفسها، يقول: «لا أقدم نسخة منها ولا أحاكيها، إنما أرسم الحالة التي تضعني فيها الصورة، مجسداً انفعالي بها، وتأثري بها، عبر أسلوبي الخاص».

لوحة مأخوذة عن صورة لطفل مصري مع لعبة الحصان (الشرق الأوسط)

تأتي هذه الأعمال كجزء من مشروع فني كبير بدأه الفنان منذ سنوات طويلة، وهو المزج ما بين التجريد التصويري والموضوعات ذات الطابع العائلي، مع الاحتفاء بالجماليات الهندسية، والرموز التراثية، والاستلهام من الصور، ويعكس ذلك ولعه بهذا الفن، تأثراً بوالده الذي عشق الفوتوغرافيا في شبابه.

يقول: «بدأ تعلقي بالفوتوغرافيا حين عثرت ذات يوم على كنز من الصور في مجموعة صناديق كانت تحتفظ به الأسرة في مخزن داخل المنزل بالسودان، وكانت هذه الصور بعدسة والدي الذي انضم إلى جماعة التصوير بكلية الهندسة جامعة الخرطوم أثناء دراسته بها».

لوحة مستلهمة من صورة قديمة لعروسين (الشرق الأوسط)

هذا «الكنز» الذي عثر عليه المر شكّل جزءاً مهماً من ذاكرته البصرية ومؤثراً وملهماً حقيقياً في أعماله، والمدهش أنه قرر أن يبوح للمتلقي لأول مرة بذكرياته العزيزة في طفولته بالسودان، وأن يبرز دور والده في مشواره الفني عبر هذا المعرض؛ حيث يحتضن جدران الغاليري مجسماً ضخماً لـ«استوديو كمال»؛ وهو اسم محل التصوير الذي افتتحه والده في الستينات من القرن الماضي.

لوحة تعكس تفاصيل مصرية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول: «أقنع والدي جدي، بإنشاء استوديو تصوير بمحل الحلاقة الخاص به في (سوق السجانة) بالخرطوم، وتم تجهيز الاستوديو مع غرفة مظلمة من الخشب للتحميض، وذلك في الجزء الخلفي من الدكان».

وجوه مصرية (الشرق الأوسط)

وداخل المجسم تدفع المقتنيات الخاصة المتلقي للتفاعل مع ذكريات المر، والمؤثر الفني الذي شكل أعماله؛ ما يجعله أكثر تواصلاً، وتأثراً بلوحات المعرض؛ فالمتلقي هنا يستكشف تفاصيل تجربة الوالد في التصوير، بل يمكنه التقاط صور لنفسه داخل محله القديم!

وأثناء ذلك أيضاً يتعرف على جانب من تاريخ الفوتوغرافيا، حيث المعدات، وهي عبارة عن الكاميرا YASHIKA التي تستخدم أفلام مقاس 621 وEnlarger والستارة التي تعمل كخلفية وأدوات أخرى للتحميض والطباعة، وتجفيف الفيلم والصور بواسطة مروحة طاولة، وقص الصور بمقص يدوي: «استمر العمل لمدة سنة تقريباً، وأغلق الاستوديو قبل أن أولد، لكن امتد تأثير هذه التجربة داخلي حتى اللحظة الراهنة».

مجسم لاستوديو والد الفنان في الغاليري (الشرق الأوسط)

«احتفالية القرد والحمار» هو اسم «بوستال كارد» عثر عليه الفنان لدى تاجر روبابكيا، ويجسد مشهداً كان موجوداً في الشارع المصري قديماً؛ حيث يقدم أحد الفنانين البسطاء عرضاً احتفالياً بطلاه هما القرد والحمار، ومنه استلهم الفنان إحدى لوحات معرضه، ويقول: «تأثرت للغاية بهذا الملصق؛ وجعلت اسمه عنواناً لمعرضي؛ لأنه يجمع ما بين ملامح الجمال الخفي في مصر ما بين الفن الفطري، والسعادة لأكثر الأسباب بساطة، وصخب المدن التي لا تنام».