الرموز الانتخابية في مصر... دلالات سياسية

لافتة تأييد للرئيس المصري تحت شعار «كلنا معاك» في أحد شوارع القاهرة أمس (أ.ف.ب)
لافتة تأييد للرئيس المصري تحت شعار «كلنا معاك» في أحد شوارع القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

الرموز الانتخابية في مصر... دلالات سياسية

لافتة تأييد للرئيس المصري تحت شعار «كلنا معاك» في أحد شوارع القاهرة أمس (أ.ف.ب)
لافتة تأييد للرئيس المصري تحت شعار «كلنا معاك» في أحد شوارع القاهرة أمس (أ.ف.ب)

أعاد اختيار مرشحي الرئاسة المصرية، عبد الفتاح السيسي، ومنافسه موسى مصطفى، للرمزين الانتخابيين، النقاش في مصر، حول مدلولات وأهمية هذين الرمزين عند المصريين، الذين يعيشون في مجتمع يكثر فيه الأميون. ففي الوقت الذي اختار السيسي فيه رمز (النجمة)، اختار موسى رمز (الطائرة)، ليتم تسليط الضوء من جديد على أهمية مفهوم الرمز الانتخابي.
وتبقى الرموز الانتخابية عالقة في أذهان المصريين من حقبة سياسية إلى أخرى. فرغم وضعه بالأساس لمساعدة الناخبين الذين لا يجيدون القراءة، للتسهيل عليهم عند الاقتراع السري المباشر، فإن خبراء يعتقدون أنه إذا كان البرنامج الانتخابي طريق المرشح إلى عقل الناخب، فإن الرمز هو بوابته إلى قلبه، وهو ما جعله يحمل الكثير من الدلالات الاجتماعية والسياسية عبر عصور سياسية مختلفة، فتحت الباب أمام سخرية بعض الناخبين.
أثناء التصويت في الانتخابات البرلمانية عام 2011 تناقلت وسائل الإعلام خبرا عن ناخب مسن دخل إلى مركز الاقتراع بمحافظة الجيزة يبحث عن الرمز الانتخابي لمصطفى النحاس باشا (رئيس وزراء مصر قبل ثورة يوليو 1952)، حيث تأخر الناخب وراء الستار المخصص للإدلاء بصوته، وعندما استعجله مشرف اللجنة سأله الناخب عن رمز النحاس باشا! فأخبره القاضي أن النحاس باشا توفي لكن حزب الوفد موجود في ورقة قوائم (الأحزاب).
يقول الدكتور جمال سلامة، أستاذ العلوم السياسية، عميد كلية السياسة والاقتصاد بجامعة السويس لـ«الشرق الأوسط»: «الرموز الانتخابية بدأت بالأساس لمساعدة الناخبين الذين لا يجيدون القراءة، لكن مع الممارسة الديمقراطية استمرت باعتبارها طريقة للتسهيل على كافة الناخبين، وهي موجودة في معظم بلدان العالم وليس فقط في الدول ذات معدلات أمية مرتفعة، كالولايات المتحدة، فوجود الرمز بجانب الاسم يسهل على الناخب، خاصة إذا كانت قائمة المرشحين طويلة، كما أن المرشح يكون معروفا لدى الناس باسمه الثنائي أو اسم شهرة».
وأضاف «بعض الرموز ارتبطت بعصور مضت، وبعضها قد يثير السخرية والتهكم لدى الناخبين، فالرمز له تأثير كبير على نفسية الناخب، فإذا كان البرنامج الانتخابي هو الطريق لعقله، فإن الرمز هو بوابة المرشح لقلب الناخب، حتى اختيار الألوان في الملصقات الدعائية له تأثير، لذلك يجب أن تكون ذات دلالات ومعانٍ إيجابية، وأن يتجنبوا الرموز المثيرة للسخرية».
وبجانب الأهمية السياسية والانتخابية، يحمل الرمز الانتخابي دلالات اجتماعية تشكل مدخلا هاما للتفاعل مع نفسية الناخب وبيئته، فالرمز الذي يلقى قبولا في بيئة ما، قد يكون مرفوضا في بيئة أخرى. تقول الدكتورة سامية خضر، أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس لـ«الشرق الأوسط» الرمز الانتخابي «يشكل جسرا للتواصل بين المرشح والناخب، ويتوقف تأثيره على العديد من العوامل الاجتماعية والثقافية والبيئية، ففي المجتمعات العنيفة يمكن أن يكون رمز (المسدس) مقبولا، لكن في حالة المجتمع المصري يعطي انطباعا بالعنف، ويتفاعل الكثير من الناس مع الرموز التي تكون مستوحاة من بيئتهم، فرمز (المركب) يؤثر أكثر في المجتمعات الساحلية، و(النخلة) التي ما زالت عالقة في أذهان كبار السن كرمز لحزب الوفد القديم، كانت تؤثر في البيئة الزراعية، ويفضل بشكل عام أن يختار المرشح رمزا إيجابيا يبث الأمل لدى الناخبين».
وربطت دراسة بحثية بين الرموز الانتخابية في العصر الحديث والرموز الفرعونية في الدولة المصرية القديمة. وقالت الدراسة التي نشرها الباحث عبد المنعم عبد العظيم عام 2015، إن استخدام الرموز بشكل عام يرتبط بأقدم لغات التاريخ وهي اللغة الهيروغليفية، ويعود للعصر الفرعوني في الدولة المصرية القديمة، حيث كانت الرموز جزءا من اللغة.
بينما قال عصام ستاتي، باحث المصريات لـ«الشرق الأوسط» الرموز «تشكل جزءا هاما من مفردات اللغة الهيروغليفية التي استمدت أحرفها من الطبيعة، حيث كان يشكل الرمز طريقة للتعبير عن الكثير من المعاني العميقة، وخاصة القيم الإنسانية والوجدانية، فما زال الميزان هو رمز العدل حتى وقتنا هذا، وعين حورس أيضا ما زالت ترمز للحراسة والأمن، والشمس ترمز للبهجة والأمل، وقد استخدم المصري القديم الرموز في كل شيء ومع تطور الحضارة الإنسانية تحولت الرموز إلى لغة عالمية في العصر الحديث».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.