ترجيح تورط «داعش» في هجوم انتحاري استهدف حاجزاً للجيش الليبي

اتصالات أميركية مع برلمان طبرق وحفتر

قوات الجيش الوطني الليبي بعد إحكام سيطرتها على مدينة بنغازي (أ.ف.ب)
قوات الجيش الوطني الليبي بعد إحكام سيطرتها على مدينة بنغازي (أ.ف.ب)
TT

ترجيح تورط «داعش» في هجوم انتحاري استهدف حاجزاً للجيش الليبي

قوات الجيش الوطني الليبي بعد إحكام سيطرتها على مدينة بنغازي (أ.ف.ب)
قوات الجيش الوطني الليبي بعد إحكام سيطرتها على مدينة بنغازي (أ.ف.ب)

لقي أمس ثلاثة من جنود الجيش الوطني الليبي مصرعهم في هجوم انتحاري على حاجز عسكري في مدينة الجفرة، الواقعة على بعد 650 كلم جنوب شرقي العاصمة طرابلس. وقال العميد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني، إن سيارة مفخخة استهدفت بوابة تابعة للكتيبة 127 مشاة، التابعة لغرفة عمليات الجفرة، موضحا أن انفجار السيارة المفخخة أدى إلى استشهاد ثلاثة جنود من أفراد الكتيبة، بالإضافة إلى سقوط جريحين آخرين. وأكد ضابط مسؤول بغرفة عمليات الجفرة التابعة للجيش هذه المعلومات، لافتا إلى «أن انتحاريا كان يقود سيارة ملغمة بالمتفجرات هاجم حاجزا عسكريا عند المدخل الغربي لمدينة الجفرة»، صباح أمس بالتوقيت المحلي.
ولم يستبعد المصدر تورط تنظيم داعش في تنفيذ الهجوم، بقوله: «نحن لا نستبعد علاقة (داعش) بالهجوم لأن فلولهم موجودة بين الجفرة وسرت» الواقعة على بعد 450 كلم شرق طرابلس.
في غضون ذلك علمت «الشرق الأوسط» أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أجرت مؤخرا اتصالات غير معلنة مع مجلس النواب الليبي، والمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي، بينما واصل أمس غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، مساعيه لإنقاذ المسار السياسي للأزمة الليبية.
وأكدت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» أن اجتماعا عقد قبل أيام في إحدى العواصم العربية بين مسؤول رفيع المستوى من البرلمان الليبي ووفد أميركي، مشيرة إلى أن ثمة اتصالات أيضا شملت المشير خليفة حفتر قائد الجيش الموالي للبرلمان. لكن المصادر ذاتها، ومن بينها مسؤول مقرب من المشير حفتر، طلب عدم تعريفه، قال في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن الاتصالات الأميركية غير المعلنة مع السلطات، التي تدير شرق ليبيا، ليست على ما يبدو جزءا من مشروع وساطة محتمل تعتزم الولايات المتحدة القيام به لحلحلة الأزمة الليبية.
وسبق لحفتر أن التقى العام الماضي لمرتين على الأقل في العاصمة الأردنية عمان مع وفد أميركي رفيع المستوى. لكن هذه هي المرة الأولى التي يلتقي فيها مسؤولون من الإدارة الأميركية مع ممثلين لمجلس النواب الليبي.
من جهته، أعلن المبعوث الأممي غسان سلامة أمس أنه ناقش مع محمد سيالة، وزير الخارجية بحكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج في العاصمة طرابلس، آخر المستجدات ونتائج اللقاءات التي عقدت مؤخراً بشأن ليبيا.
وكان سلامة قد أعلن أنه اجتمع مساء أول من أمس بمقر البعثة الأممية في طرابلس مع رئيسي لجنتي الحوار في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة عبد السلام نصية وموسى فرج، بهدف مناقشة سبل تعزيز التوافق بين المجلسين، بينما وضع المجلس الأعلى للدولة في بيان له الاجتماع في «إطار الجهود الرامية للتوصل إلى توافق حول إجراء تعديلات محدودة على الاتفاق السياسي الليبي، في إشارة إلى اتفاق الصخيرات بالمغرب المبرم نهاية عام 2015 برعاية أممية».
وأوضح البيان أن اللقاء «استعرض بعض المقترحات والصيغ التوافقية لتمكين المجلسين من اختيار سلطة تنفيذية قوية تُحقق توافقاً شاملاً، وقادرة على توحيد مؤسسات الدولة ومعالجة التحديات التي تمر بها ليبيا خلال هذه المرحلة الحساسة». كما اعتبر أن اللقاء سادته «أجواء إيجابية اتسمت بالجدية والصراحة والحرص على الوصول لتوافقات تمكن البلاد من تجاوز هذه المرحلة الصعبة والوصول إلى المرحلة الدائمة».
ونقلت وكالة «آكي» الإيطالية عن موسى فرج، رئيس لجنة تعديل الاتفاق السياسي الليبي بالمجلس الأعلى للدولة، أن اجتماع طرابلس استعرض ما وصفه بمقترحات وصيغ توافقية لتمكين المجلسين من اختيار سلطة تنفيذية قوية، تُحقق توافقاً شاملاً، وقادرة على توحيد مؤسسات الدولة ومعالجة التحديات التي تمر بها البلاد. لكنه اتهم مجلس النواب الموجود في مدينة طبرق بأنه ما زال يصر على الانفراد باختيار المجلس الرئاسي الجديد دون مشاركة مجلس الدولة.
من جهة أخرى، أعلن خفر السواحل الليبية أنه أنقذ 450 مهاجرا بعد انجرافهم إلى الساحل الغربي في عمليتين منفصلتين، إذ قال متحدث باسم البحرية الليبية إن «دورية من خفر السواحل الليبية نجحت في إنقاذ 325 مهاجرا غير شرعي، بينهم 35 سيدة و16 طفلا».
وفي عملية أخرى جرى إنقاذ 117 مهاجرا، بينهم خمس سيدات وطفلين قبالة بلدة زاوية (45 كلم غرب طرابلس)، وتمت إعادتهم إلى العاصمة، وفقا لما قاله الدكتور عبد العزيز المصراتي، عضو «منظمة المساعدة الإنسانية الدولية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.