إضراب تجاري يشل قطاع غزة وينذر بوضع مأساوي

الفصائل تحذر من «برميل بارود يوشك على الانفجار»

شاب يرفع لافتة احتجاج خلال الإضراب الذي شل قطاع غزة أمس (أ.ف. ب)
شاب يرفع لافتة احتجاج خلال الإضراب الذي شل قطاع غزة أمس (أ.ف. ب)
TT

إضراب تجاري يشل قطاع غزة وينذر بوضع مأساوي

شاب يرفع لافتة احتجاج خلال الإضراب الذي شل قطاع غزة أمس (أ.ف. ب)
شاب يرفع لافتة احتجاج خلال الإضراب الذي شل قطاع غزة أمس (أ.ف. ب)

شل إضراب تجاري، أمس، مختلف جوانب الحياة في قطاع غزة، احتجاجا على الأزمة الإنسانية المتواصلة، التي تزداد تفاقما بفعل الحصار الإسرائيلي المشدد.
وأغلقت المحال التجارية ومؤسسات القطاع الخاص أبوابها، فيما توقفت حركة السير منتصف النهار، وذلك مع إطلاق صافرات الإنذار.
وأعلنت الإدارة العامة لشرطة المرور في غزة في بيان لها، عن توقف كامل لحركة السير والمواصلات في كل مناطق ومحافظات القطاع، خاصة في شارعي صلاح الدين والرشيد، وبعض المفارق الرئيسية.
ورفع متظاهرون في وقفة دعت إليها الفصائل الفلسطينية عند مفترق السرايا وسط مدينة غزة، لافتات كتب عليها: «أطفال غزة تموت»، «أنقذوا غزة قبل فوات الأوان»، «حصار غزة تسبب بدمارها».
وتعاني غزة من تدهور غير مسبوق في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، مع أزمات متفاقمة في الكهرباء والماء وعمل المشافي.
ودعت فصائل فلسطينية خلال مؤتمر صحافي بعد الوقفة الاحتجاجية، إلى التحرك العاجل لإنقاذ الوضع المأساوي في القطاع، مشيرة إلى أن الحصار طال كافة مرافق الحياة الاقتصادية والتعليمية والصحية، في ظل استمرار بتواطؤ إقليمي ودولي.
وتوجهت الفصائل بنداء عاجل إلى «الدول الشقيقة والمؤسسات الحقوقية والإغاثية، بضرورة الوقوف أمام مسؤولياتها لوقف التدهور الخطير الذي تعانيه غزة، جراء إحكام الاحتلال للحصار المفروض عليها».
وطالب ممثل عن الفصائل، مصر، بضرورة فتح معبر رفح البري، في كلا الاتجاهين، أمام سكان القطاع، وكذلك إدخال البضائع التي يحتاجها المواطنون في غزة، وإنقاذ الوضع الإنساني الآخذ بالتدهور لدرجات صعبة جداً، ومطالبة جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بالمساهمة الفاعلة في رفع الحصار عن قطاع غزة.
ودعت الفصائل السلطة الفلسطينية وحكومة الوفاق إلى التحرك الجاد للتخفيف من معاناة القطاع، ووقف الإجراءات التي فرضت على غزة، وأن تتحمل مسؤولياتها وواجباتها فورا، ومطالبة المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لإنهاء الحصار، وتقديم المساعدات اللازمة لإنقاذ الوضع.
وحذرت الفصائل من أن «غزة أصبحت برميلا للبارود يوشك على الانفجار»، مشيرة إلى تداعيات خطيرة قد تطال المستويات الحياتية المختلفة، وتنذر بكارثة بيئية مع تفاقم الأزمات، وخاصة أزمة الكهرباء والقطاع الصحي.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.