بلغت العلاقة بين الحكومة الجزائرية ونقابات الأطباء والتعليم أمس درجة عالية من التوتر، تمثلت في شل النشاط بآلاف المدارس والمستشفيات والمصحات، فيما دعت وزارة الشؤون الدينية أئمة المساجد إلى تخصيص خطبة الجمعة المقبلة للحديث عن «نعمة الاستقرار وضرورة الحفاظ عليه»، وهي إشارة إلى أن «الغليان الاجتماعي» الجاري في البلاد منذ شهور يهدد بالفوضى.
وكان التحاق نقابات جديدة بإضراب نقابتي التعليم والأطباء المستقلتين عن الحكومة، إيذانا بفشل جولات طويلة من المفاوضات مع وزارتي التعليم والصحة. وتدخلت وزارة العمل أمس للتأكيد على أن المضربين «يريدون فرض شروط تعجيزية على الحكومة».
وتقول الحكومة إن الأوضاع المالية للدولة لا تسمح بمزيد من الضغط على الخزينة العمومية، في حين تذكر النقابات المضربة عن العمل أنها تطرح مطالب يمكن تلبيتها حاليا، بينما توجد مطالب أخرى يمكن تأجيلها على أن تتعهد الحكومة في محضر مكتوب بتلبيتها، وفق أجندة زمنية يتم الاتفاق عليها. وتطالب نقابة الأطباء بإلغاء الخدمة المدنية بعد نهاية سنوات التخصص (4 أو 5 سنوات بحسب الاختصاص إضافة إلى سبع سنوات في الطب العام)، التي تجبرهم على العمل بين سنة وأربع سنوات في المناطق النائية.
وصرحت وزيرة التعليم نورية بن غبريط بأنها لن تعود إلى طاولة المفاوضات مع «النقابة الوطنية المستقلة للتعليم التقني والثانوي»، التي تعد أشهر الاتحادات المهنية في البلاد، إذا لم توقف الإضراب. وقالت إنها أعطت أوامر ببدء فصل 19 ألف أستاذ مضرب عن العمل، وتعويضهم بمستخلفين نجحوا حديثا، في مسابقات التوظيف التي نظمتها الوزارة. أما وزير الصحة الطبيب مختار حسبلاوي فزار مستشفى بالجلفة أمس (300 كلم جنوب)، حيث صرح لعدد من الصحافيين بأن المستشفيات بالمناطق البعيدة عن المدن «تتوفر على عتاد وتجهيزات، ربما لا توجد بمستشفيات العاصمة، وبالتالي ما يردده الأطباء المحتجون عن نقص العتاد لا أساس له من الصحة».
ولجأت الحكومة إلى قوات الأمن لوقف إضراب الأطباء في بدايته، إذ تم من تنظيم مظاهرات في الشارع. فيما شنت وسائل إعلام موالية للحكومة حملة ضد النقابات المستقلة، واتهمتها بـ«اتخاذ المرضى والتلاميذ رهائن». وزاد من توتر العلاقة بين الطرفين انخراط رئيس «المجلس الإسلامي الأعلى» الشيخ بوعبد الله غلام الله في ساحة النقاش بإصدار «فتوى»، مفادها أن الإضرابات «باطلة» لأن القضاء حكم بعدم شرعيتها، بناء على شكوى من الحكومة. لكن هذا التصريح أثار سخط النقابات والفاعلين بالمجتمع المدني.
وطالبت أحزاب المعارضة بوقف استعمال القضاء «سلاحا» لتخويف الناشطين في عالم الشغل، خاصة أن دستور البلاد يعتبر الإضراب «حقا» لا يجوز للحكومة أن تحرم العمال منه، بشرط أن يضمن المضرب الحد الأدنى من الخدمة، عندما يكون الإضراب في مرفق عام كالمستشفى، أو مركز بريد.
وقال رشيد معلاوي، أمين عام «النقابة المستقلة لعمال الإدارة العمومية»، لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة «تستعمل الدين في صراعها مع المضربين، وهذا أمر غير أخلاقي».
وكشف معلاوي عن زيارة لوفد عن «مكتب العمل الدولي» إلى الجزائر يوم 26 من الشهر الحالي، حيث ستلتقي بوزير العمل مراد زمالي لتسأله، بحسبه، عن «التضييق على النقابات المستقلة»، وعن مدى احترام الحكومة الجزائرية لتعهداتها بخصوص اتفاقات دولية وقعت عليها، تتحدث عن الإضراب كحق تكفله الدساتير والتشريعات.
الجزائر: فشل مفاوضات الحكومة مع النقابات يوقف المدارس والمستشفيات
وزارة الشؤون الدينية دعت أئمة المساجد إلى تخصيص خطبة الجمعة للحديث عن «نعمة الاستقرار»
الجزائر: فشل مفاوضات الحكومة مع النقابات يوقف المدارس والمستشفيات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة