نافذة على جامعة: جامعة إسطنبول التقنية إحدى أقدم معاهد العلوم التطبيقية في العالم

أحد مباني جامعة إسطنبول التقنية
أحد مباني جامعة إسطنبول التقنية
TT

نافذة على جامعة: جامعة إسطنبول التقنية إحدى أقدم معاهد العلوم التطبيقية في العالم

أحد مباني جامعة إسطنبول التقنية
أحد مباني جامعة إسطنبول التقنية

قلة من الناس، بل حتى من خبراء التعليم العالي، تعرف هذه الحقيقة... وهي أن في تركيا أسست إحدى أقدم الجامعات التقنية في العالم. هذه الجامعة هي جامعة إسطنبول التقنية التي أسست عام 1773م. المعروف على نطاق واسع أن الجامعات التقليدية الكلاسيكية العريقة في العالم كانت تحصر اهتماماتها بالحقوق والفلسفة واللاهوت والطب والآداب. وحتى في الولايات المتحدة لم يتحقق الانفتاح حقا على تدريس العلوم التطبيقية كالهندسة والزراعة والعمارة إلا مع «قانون موريل» Morrill Act الذي شجع تدريس الهندسة والزراعة والطب البيطري ومختلف مجالات العلوم التطبيقية مع تمويل أبحاثها وتدريسها بـ«هبات أرض» Land Grant تمنح للجامعات المعنية. ويقدّر أن أقدم الجامعات التقنية - أو البوليتكنيكات - الأوروبية والعالمية معهد بيرغ سكولا التقني (أسس عام 1735م) الذي أصبح لاحقا جامعة ميشكولتس في المجر، بينما أسست جامعة براغ التقنية في العاصمة التشيكية براغ (صارت جامعة عام 1806، لكنها أنشئت ككلية عام 1707)، وفي عام 1745 أسست جامعة براونشفايغ (كارولو فيلهلمينا) التقنية فكانت بذا الأقدم في ألمانيا. ثم في عام 1794 أسس في فرنسا معهد البوليتيكنيك الشهير، وكانت مهمته الأساسية تأهيل مهندسين يضعون خبراتهم في خدمة الجيش الفرنسي وظل حتى اليوم يؤدي دوره تحت إشراف وزارة الدفاع. وأما في الولايات المتحدة فبين الأقدم معهد رنسلير البوليتيكنيكي (1824) ومعهد روتشستر للتكنولوجيا (1829) ولكن بين الأغنى والأشهر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الـ«إم آي تي» (1861).
جامعة إسطنبول التقنية ITU، أسسها السلطان العثماني مصطفى الثالث لتخريج مهندسين لسلاح البحرية تحت اسم «المدرسة السلطانية للهندسة البحرية» عام 1773، ثم غيّر الاسم ليغدو «المدرسة السلطانية للهندسة العسكرية» مع توسيع إطار مناهجها عام 1795. ومع استمرار التطوّر والتوسّع عُرفت رسميا باسم «مدرسة الهندسة المدنية» عام 1883، فـ«الأكاديمية الهندسية» عام 1909، وأخيرا حملت اسمها الحالي عام 1944، وهي اليوم لا تعد إحدى أبرز جامعات تركيا فحسب، بل إحدى أبرز الجامعات المهتمة بالعمارة ومختلف أنواع الهندسة في العالم.
تضم الجامعة اليوم مجموعة من الكليات والمعاهد، بالإضافة إلى دوائر شبه مستقلة عنها. يدرس فيها نحو 22300 طالب وطالب، قرابة ستة آلاف منهم يتابعون الدراسات العليا المتقدمة (الماجستير والدكتوراه)، أما عدد أعضاء هيئة التدريس فيقارب الألفي أستاذ ومحاضر ومدرس ومعيد. وفيما يلي الكليات الرئيسة: الهندسة المدنية (بما فيها الهندسة البيئية)، والعمارة (بما فيها التنظيم المدني والتصميم الصناعي والعمارة الداخلية وعمارة الحدائق والأراضي)، والهندسة الميكانيكية (بما فيها الهندسة الصناعية)، والهندسة الكهربائية والإلكترونية (بما فيها هندسة الاتصالات والهندسة الطبية)، وهندسة الكومبيوتر والمعلوماتية، والعلوم المنجمية (بما فيها الهندسة الجيولوجية وهندسة البترول والغاز وهندسة معالجة المعادن)، والهندسة الكيميائية والتعدينية (بما فيها هندسة المواد والتعدين والهندسة الغذائية والهندسة الأحيائية)، والعمارة البحرية والهندسة البحرية والمحيطية (بما فيها بناء السفن)، والعلوم البحتة والآداب والعلوم الاجتماعية، وكلية التقنيات والتصميم (بما فيها هندسة النسيج وتصميم الأزياء)، وهندسة الطيران والفضاء، والإدارة (بما فيها الاقتصاد والهندسة الصناعية)، والكلية البحرية.
ومن حيث التقييم الأكاديمي احتلت الجامعة المرتبة السابعة بين جامعات مجموعة «البريكس» ودول الاقتصادات النامية في تقييم «التايمز» للتعليم العالي لجامعات العالم. ويجعل تقييم «كيو إكس لجامعات العالم» الجامعة ضمن الجامعات الـ500 الأفضل في العالم، والأولى في تركيا على صعيد التخصصات الهندسية والتقنية. حاليا تتوزّع مباني جامعة إسطنبول التقنية على خمسة مجمّعات داخل مدينة إسطنبول وضواحيها، وأهمها مجمّع مسلك في ضواحي المدينة الذي تبلغ مساحته 2.64 كلم مربع. أما اللونان الرسميان للجامعة فهما الأزرق الغامق والأصفر العسلي الغامق، وأما شعارها فهو النحلة.
وبما يخص خريجيها وطلبتها القدامى فبين أشهرهم: الرئيس ورئيس الحكومة التركي السابق تورغوت أوزال، والرئيس ورئيس الحكومة التركي السابق سليمان ديميريل، ورئيس الحكومة السابق نجم الدين أربكان، على رأس عدد كبير من كبار الساسة ورجال الأعمال والعلماء الأتراك. كذلك بينهم أورهان باموك حامل جائزة نوبل للآداب.



«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».