النزاعات العشائرية في العراق تقوض سلطة الدولة والاستثمار

في الوقت الذي ينتظر فيه العراق عشرات مليارات الدولارات على شكل استثمارات عقب ما أسفر عنه مؤتمر إعادة الإعمار في الكويت الأسبوع الماضي إلا أن استمرار النزاعات العشائرية من شأنه تقويض سلطة الدولة مما يضع آمال الاستثمار تذهب أدراج الرياح.
ففي غضون اليومين الماضيين تمكنت بالكاد القوات الأمنية العراقية من فض نزاع عشائري اندلع في منطقة متاخمة للعاصمة بغداد من جهتها الشرقية. وفي محاولة منها للحد من هذه النزاعات التي كثيرا ما تحدث حتى داخل أحياء العاصمة فقد قامت الأجهزة الأمنية بحملة دهم وتفتيش في منطقة الفضيلية شرقي بغداد أسفرت عن القبض على 3 أشخاص. وكان نزاع عشائري اندلع بين عشيرتين في المنطقة وصل إلى تبادل إطلاق النار باستخدام أسلحة خفيفة ومتوسطة. وفي هذا السياق يقول عضو البرلمان العراقي الشيخ إياد الجبوري، وهو أحد شيوخ منطقة الرضوانية غربي العاصمة بغداد ورئيس رابطة شيوخ حزام بغداد، لـ«الشرق الأوسط» إن «النزاعات العشائرية واحدة من المشكلات التي نواجهها كثيرا في مختلف المناطق لأسباب تبدو في الغالب تافهة ويتسبب بها أفراد خارجون على القانون باعتراف شيوخ العشائر التي ينتسبون إليها»، مشيرا إلى «أننا في الرابطة ومن خلال اللقاءات المنتظمة التي نعقدها مع مختلف الأطراف بالإضافة إلى الفصول العشائرية التي نتولاها نحرص على سيادة القانون بما يؤدي في النهاية إلى احترام هيبة الدولة التي لا يمكن للعشيرة أن تكون بديلا عنها مهما كانت الحكمة التي يملكها الشيوخ».
وأوضح الجبوري أن «المفارقة اللافتة هي أن الأدوار التي نقوم بها ذات بعد سياسي وتتعلق بالمصالحة الوطنية والمجتمعية التي لعبت دورا في تخفيف حدة التوترات الطائفية». وتابع أن النزاعات العشائرية «لا تكون بالضرورة بين عشيرتين بل أحيانا بين أفراد من العشيرة نفسها».
بدوره، يرى الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطون في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «الخطورة في النزاعات العشائرية تتمثل في نفور الشركات والمستثمرين، خاصة العرب والأجانب، من الاستثمار في السوق العراقية». وأضاف أنطون أن «الاستثمار يحتاج إلى بيئة آمنة من كل النواحي لكن الظرف الأمني، سواء تمثل في الخروقات أو النزاعات العشائرية أو حتى مظاهر الابتزاز التي كثيرا ما تمارس ضد الشركات الأجنبية في مناطق مختلفة من الوسط والجنوب، يمكن أن يكون رادعا أمام الشركات العالمية رغم استعدادها لإنفاق عشرات المليارات من الدولارات».
وتعد محافظات الوسط والجنوب، خاصة محافظة البصرة، أسواقا استثمارية هامة في العراق، لا سيما بعد مؤتمر إعادة الإعمار في الكويت، لكن نزاعاتها العشائرية يمكن أن تحول دون تحقيق حلمها بالاستثمار. وفي هذا السياق تقول رحاب العبودة، عضو البرلمان عن محافظة البصرة، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه النزاعات أصبحت مرفوضة من قبل الجميع وهناك وقفة جادة من قبل أبناء العشائر والمسؤولين في المحافظة من أجل وضع حد لها». وتضيف أن «النزاعات العشائرية كثيرا ما تعطي بعدا إعلاميا وكأنها حالة جديدة بينما هي في الواقع متوارثة من عهد النظام السابق لكن كان يجري التعتيم عليها، بينما الآن أصبحت الحوادث تنتشر بسرعة». وتابعت: «مع ذلك نعمل بقوة من أجل وضع حد لها من خلال تفعيل القانون لأن استمرارها يعني بقاء المحافظة تحت رحمة الخارجين على القانون والمافيات».