اللهجة السورية تغزو برلين... واللاجئون قلقون من الترحيل

«الشرق الأوسط» ترصد واقعهم وترقبهم قرار الحكومة الألمانية

عائلة سورية لاجئة تنتظر في مدينة ميونيخ الألمانية دورها لدخول مأوى للاجئين (أ.ف.ب)
عائلة سورية لاجئة تنتظر في مدينة ميونيخ الألمانية دورها لدخول مأوى للاجئين (أ.ف.ب)
TT

اللهجة السورية تغزو برلين... واللاجئون قلقون من الترحيل

عائلة سورية لاجئة تنتظر في مدينة ميونيخ الألمانية دورها لدخول مأوى للاجئين (أ.ف.ب)
عائلة سورية لاجئة تنتظر في مدينة ميونيخ الألمانية دورها لدخول مأوى للاجئين (أ.ف.ب)

في شوارع برلين الواسعة وفي وسائل نقلها المتعددة، كثيراً ما تسمع لهجة السوريين وأصواتهم العالية، حين تنظر من دون تردد إلى الوجوه، تجد بعضها سعيداً مبتسماً، وأخرى حزينة كئيبة... ما يجعلك تتساءل عن سبب الاختلاف وما يجعل البعض متفائلاً والآخر متشائماً.
عائلة أبو مجد الدمشقية التي جاءت إلى ألمانيا منذ عامين، ترى أن سبب كآبتها يعود إلى عدم حصولها حتى الآن على بطاقة الإقامة التي وعدت بها مراراً وتكراراً. وتوضح أم مجد لـ«الشرق الأوسط» أنه منذ الشهر التاسع عام 2016 وهم ينتظرون قدوم قرار الإقامة ما جعلهم يوكلون محامياً لم يستفيدوا منه شيئاً «بل قام بتأخير تنفيذ الإجراءات والأوراق، خصوصاً ورقة الموافقة على تبادل المعلومات بين ألمانيا وباقي الدول الأوروبية، التي وصلتهم منذ يومين لتوقيعها، وكان يجب أن تصل إليهم قبل أشهر». وتضيف: «إدارة الهجرة الألمانية لديها حجة بأن لديها أعداداً كبيرة من اللاجئين، ولديها ضغط كبير في العمل، ما جعل كثيراً من الإضبارات تضيع ويعاد إنجازها، لكن المشكلة الأساسية كانت بالنسبة للإدارة هي مرور عائلات سورية عبر بلدان أوروبية أخرى، وإيجاد بصمتها في هذه البلدان، الأمر الذي تغاضت عنه ألمانيا في البداية، ولكنها لم تعد تستطع فعل ذلك حالياً مع دخول اتفاقية دبلن حيز التنفيذ».
أما المسؤول عن العائلة حسام فيجد أن «السوريين الذين جاءوا منذ بدء استقبال اللاجئين، أي قبل عام 2015، حصلوا على ميزات أفضل، وتلقوا بطاقات الإقامة بسهولة وسرعة. في حين بدأت التعقيدات بعد أن استغلَّ حزب اليمين المشكلات التي تسبب بها اللاجئون للصعود سياسياً». ويضيف: «سياسة (أهلاً وسهلاً) باللاجئين في ألمانيا قد انتهت في الوقت الحالي، وأصبح اللجوء صعباً خصوصاً مع السياسة التي وضعها الاتحاد المسيحي الألماني أي ائتلاف الحزبين المعارضين للحزب اليميني. بعض العائلات السورية طلبت اللجوء من نحو سنتين حتى ثلاث سنوات، وحتى الآن لم تحصل على بطاقة الإقامة».
ويوضح حسام: «معظم طالبي اللجوء السوريين أصبحوا يفتشون عن أي عمل، كي يكون عقد العمل الذي يحصلون عليه ضامناً لهم ولحصولهم على إقامة، وبقائهم على الأراضي الألمانية. فأصبحنا نرى كثيراً من الشبان السوريين حتى ممن لديهم شهادات جامعية، يعملون في مطاعم تركية مستفيدين من اللغة التي أتقنوها في تركيا قبل مجيئهم لأوروبا. لكن الشبان السوريين الذين يسعون للحصول على أي عمل، أصبحوا يتعرضون لاستغلال ومحاربة باقي الجاليات التي ثبتت أقدامها منذ زمن بعيد في ألمانيا، فأصبح صاحب مطعم قديم يشتكي من مطعم سوري جديد، وهكذا الأمر في باقي القطاعات».
الأكاديمي السوري عمران علوني أشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «في قلب ألمانيا هناك دولتان، دولة القطاع الخاص المنظمة والمدارة بشكل جيد، ودولة القطاع الحكومي، التي أصبحنا نعتبرها من أسوأ الحكومات، نظراً لكثرة الروتين. وهذا الأمر لا ينطبق فقط على معاملات اللاجئين، ففي حال أراد ألماني أن يصدر شهادة قيادة سيارة، لن يجد موعداً قبل شهرين، وكذلك لو أراد الحصول على جواز سفر ألماني. البيروقراطية قاتلة، وتدفع الناس للمطالبة بالخصخصة أكثر».
الصحافية الألمانية كريستينا شولزر تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الشعب الألماني عانى مسبقاً من ويلات الحرب خلال الحرب العالمية الثانية، ومن مقتل كثيرين ممن حاولوا اجتياز جدار برلين قبل سقوطه عام 1989. لذا رأى الألمان ضرورة استقبال الكثير من اللاجئين الهاربين من الحرب السورية، لكن بدء جذب حزب (بديل لألمانيا) اليميني لكثير من المريدين الذين يرون في مشكلات اللاجئين تحدياً لهدوء المجتمع الألماني، جعل الحكومة تحد من استقبال اللاجئين، وتتأنى في دراسة ملفات طلبات اللجوء. ومع بدء تطبيق اتفاقية دبلن، لم تعد ألمانيا تقبل باللاجئين القادمين من دول أوروبية أخرى، بل تعيدهم فوراً إلى البلد الذي مروا وبصموا به».
ويتعاطى معظم اللاجئين مع ما يتردد في الإعلام الألماني عن إمكانية إعادة اللاجئين السوريين من ألمانيا بالحذر والخوف، ويترقب معظمهم ما ستفعله الحكومة تجاه من لم يحصل بعد على بطاقة إقامة، ومن حصل على بطاقة لعام واحد، ولم يتمكن من لَمّ شمل عائلته. ويبحثون عن حلول قد يكون بعضها غير شرعي، كالعودة مجدداً إلى تركيا مجتازين طريق التهريب المعاكس.
الجدير بالذكر أن الإحصاءات الرسمية الألمانية تفيد بوجود 650 ألف لاجئ سوري في ألمانيا، بينما تؤكد بعض الجهات والجمعيات أن العدد أكبر بكثير من ذلك.



مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

هيمن كل من الحرب في غزة، وملف «سد النهضة» الإثيوبي على تقييمات سياسيين وبرلمانيين مصريين، بشأن انعكاس نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية على مصر، إذ شاعت نبرة غير متفائلة حيال مستقبل هذين الملفين سواء في عهدة الجمهوري دونالد ترمب، أو منافسته الديمقراطية كامالا هاريس اللذين يصعب توقع الفائز منهما.

وبدا تحفظ رسمي مصري بشأن شخص الرئيس الأميركي المفضل لدى الدولة المصرية، فيما قال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «الرهان على رجل أو سيدة البيت الأبيض المقبل كان من بين أسئلة وجهها برلمانيون مصريون إلى مسؤول في وزارة الخارجية المصرية، داخل مجلس النواب قبل أيام، إلا أنه لم يرد بشكل حاسم».

ويختار الأميركيون رئيسهم الـ47 بين الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترمب، في نهاية حملة ترافقت مع توتر إقليمي بمنطقة الشرق الأوسط، يراه محللون عاملاً مهماً في الترتيبات المستقبلية لحسابات مصر.

ولا يرى دبلوماسيون مصريون، ومن بينهم محمد العرابي رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق «خياراً مفضلاً للمصالح المصرية» بين أي من هاريس أو ترمب.

ويرى العرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «جوانب إيجابية وسلبية لدى كلا المرشحين، بشأن معادلة العلاقات مع مصر وحرب غزة».

فيما لا يكترث المفكر السياسي والدبلوماسي المصري السابق مصطفى الفقي، بالفروق الضئيلة بين حظوظ ترمب وهاريس، ويرى أنهما «وجهان لعملة واحدة في السياسة الأميركية، وهو الدعم المطلق لإسرائيل»، وفق وصفه لـ«الشرق الأوسط».

وإلى جانب الاقتناع بالدعم الأميركي المطلق لإسرائيل، فإن هناك تبايناً آخر في ترجيحات البعض، إذ يعتقد رئيس حزب «الوفد» (ليبرالي) عبد السند يمامة أن «نجاح هاريس بسياساتها المعتدلة يصب في صالح السياسة الخارجية المصرية في ملف غزة».

في المقابل، يرجح رئيس حزب «التجمع» المصري (يسار) سيد عبد العال «اهتمام ترمب الأكبر بسرعة إنهاء الحرب في غزة»، موضحاً أن «مصالح مصر هي ما يحدد العلاقة مع الرئيس الأميركي المقبل».

وبالنسبة لوكيل المخابرات المصرية الأسبق اللواء محمد رشاد، فإن هناك انعكاسات خطيرة لفوز ترمب على «مصالح مصر فيما يخص ملف تهجير الفلسطينيين إلى سيناء».

ويعيد رشاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، التذكير «بمشروع المرشح الجمهوري القديم لتوطين الفلسطينيين في سيناء، وهذا ضد مصر»، علماً بأن صهر ترمب وكبير مستشاريه السابق اقترح في مارس (آذار) إجلاء النازحين الفلسطينيين في غزة إلى صحراء النقب جنوب إسرائيل أو إلى مصر.

في المقابل، تبدو نبرة الثقة من برلمانيين مصريين في قدرة الدبلوماسية المصرية على التعامل مع أي مرشح فائز، خصوصاً في ملف حرب غزة.

ويقول وكيل لجنة الشؤون العربية في مجلس النواب المصري أيمن محسب، لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة ستتعاطى بإيجابية مع أي فائز ينجح في وقف الحرب في غزة والتصعيد في المنطقة».

بينما يلفت عضو مجلس الشيوخ إيهاب الهرميل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «التواصل الدوري من مصر الرسمية مع أطراف في المعسكرين الحاكمين بأميركا، بشأن غزة وجهود الوساطة المصرية - القطرية».

وخلال الشهر الماضي، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اجتماعين منفصلين وفدين من مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، ضما أعضاء من المعسكرين الديمقراطي والجمهوري، حيث تمت مناقشة جهود تجنب توسيع دائرة الصراع في المنطقة.

وبشأن نزاع «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا، يراهن متابعون على مساندة ترمب لمصر حال فوزه، بعدما أبدى اهتماماً لافتاً بالقضية في ولايته الأولى، واستضاف مفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، كما سبق أن حذّر الإثيوبيين عام 2020 من «تفجير مصر للسد، بعد أن ضاقت بها السبل لإيجاد حل سياسي للمشكلة».

لكنّ رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، يقول: «مصر لا تُعوّل على أحد، تتحرك من منطلق أنها دولة أفريقية مهمة في قارتها، وتحرص على مصالحها»، فيما يُذكّر وكيل الاستخبارات السابق بأن «ترمب لم يُحدث خرقاً في الملف» رغم اهتمامه به.

ومن بين رسائل دبلوماسية متعددة حملها آخر اتصال بين مصر وإدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، أعاد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الأحد الماضي، التأكيد لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، على أن «مصر لن تسمح لأي طرف بتهديد أمنها المائي».

سؤال وجّهه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري للمتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي

شعبياً، بدا أن المصريين لا يلقون اهتماماً كبيراً بالسباق الأميركي، وهو ما كشفته محدودية الردود على سؤال بشأن توقعات المرشح الأميركي الفائز، ضمن استطلاع أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع للحكومة المصرية.

وبدت تباينات الآراء في الاستطلاع الذي نشر عبر «السوشيال ميديا»، إذ رأى أحد المعلقين أن هاريس الأقرب، في مقابل آخر رجح فوز ترمب. لكن المثير للاهتمام هو توقع أحد المستطلعين «فوز نتنياهو»، أو على حد قول أحد المصريين باللهجة العامية المصرية: «شالوا بايدن وجابوا ترمب أو هاريس... كده كده اتفقوا على حماية إسرائيل».