تتفرّع عن اللغة الأمازيغية بالجزائر لهجات عدة، هي: «القبائلية» – نسبة إلى منطقة القبائل الواقعة إلى الشرق من مدينة الجزائر العاصمة، وهي منتشرة في ولايات تيزي وزو وبجاية بالشرق، والبويرة وبومرداس بالوسط، وهي الأكثر تحدثاً من حيث العدد. وأطلق قطاع من سكان هذه المناطق، قبل سنوات عدة، تنظيماً انفصالياً على أساس «التميَز اللغوي». ويتعامل التنظيم مع سكان بقية مناطق البلاد بأنهم «جزائريون»، في حين يطلق على سكان الولايات الأربع المذكورة مسمى «قبائليين». ويدافع هؤلاء بقوة عن كتابة لهجتهم بالحرف اللاتيني، ويظهرون حساسية سلبية بالغة تجاه العربية.
وهناك اللهجة «الشاوية»، المنتشرة شمال شرقي البلاد، في محيط مدن باتنة وتبسة وخنشلة وسوق أهراس بالشرق، وسكان هذه المناطق لم يطرحوا أبداً لهجتهم كبديل للعربية على عكس سكان القبائل، بل هم من أكثر مناطق البلاد دفاعاً عن «الانتماء العربي الإسلامي للجزائر». وهذا الجانب فيهم يثير حساسية «القبائليين» الذين يطمحون في أن يكونوا «حليفاً» لهم ضد الحكومة في مسائل الهوية، بحكم الثقل التاريخي لمنطقة الشاويّة (جبال الأوراس) التي احتضنت ثورة الاستقلال (1954 - 1962)، وكانت أول رصاصة انطلقت ضد المستعمر الفرنسي، قد أطلقت من أعالي باتنة.
وتنتشر اللهجة «الطرقية» - أو «التارقية» - في مدينة تمنراست ومحيطها بأقصى جنوب الجزائر، ويمتد التواصل بها إلى شمال مالي وبعض مناطق النيجر. ولقد اختلطت القبائل الطرقية في هذه البلدان عن طريق الزواج، ولهم تمثيل في البرلمان الجزائري. وهؤلاء الأمازيغ ليست لهم منطلقات سياسية في مسائل اللغة والهوية، وهم يفضَلون العربية على الأمازيغية، وبقيت ثقافتهم منحصرة في التراث والثقافة. وللطرقيين وزير في الحكومة هو وزير السياحة حسن مرموري.
ثم، هناك «المزابية» – أو «الميزابية» – نسبة إلى منطقة المزاب و«عاصمتها» مدينة غرداية (600 كلم جنوب العاصمة) وفيها كثرة من المتعصّبين. وكانت بلدات عدة قريبة من غرداية، قد شهدت بين عامي 2011 و2013 «حرباً عرقية ولغوية ومذهبية، بين أمازيغ المنطقة الذين يتبعون المذهب الإباضي، وعربها المسمَون «شعانبة» التابعين للمذهب المالكي. وخلَفت المواجهات بين الطائفتين قتلى وجرحى وخراباً في المرافق العامة، وحالة احتقان ما زالت قائمة. وسجنت الحكومة الكثير من الأمازيغ الإباضيين، بتهمة «ضرب الوحدة الوطنية» و«التشجيع على الانفصال».
وتنتشر «المزابية» أيضاً، في منطقة وادي سوف التي تعرف بـ«بوابة الصحراء»، وهي قريبة من الحدود التونسية. وهناك اللهجة «الشلحية» في بشار (غرب البلاد) وشينوي في تيبازة غربي العاصمة.
واللافت، أن «القبائلية» تتصدر بقية اللهجات سياسياً؛ ذلك أنه، تاريخياً كان «القبائليون» هم الذين ناضلوا من أجل «القضية الأمازيغية»، مع الإشارة إلى التوزيع الجغرافي للهجات الأمازيغية وتباعد المسافات بين مناطق الأمازيغ كانا حائلاً دون وحدة اللغة.
تعدّد لهجات الأمازيغية وتوزيعها الجغرافي بالجزائر
تعدّد لهجات الأمازيغية وتوزيعها الجغرافي بالجزائر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة