مساعٍ حوثية لفرض موالين على وفد «المؤتمر» التفاوضي

الجماعة تتوقع استئناف المشاورات في مسقط الشهر المقبل

TT

مساعٍ حوثية لفرض موالين على وفد «المؤتمر» التفاوضي

كشف مصدر في حزب «المؤتمر الشعبي» (جناح الرئيس السابق) في صنعاء، أن ميليشيا جماعة الحوثيين الانقلابية تسعى إلى إبعاد أشخاص، وفرض آخرين موالين لها ليكونوا أعضاء في وفد الحزب الذي من المقرر أن يشارك مع وفد الجماعة في الجولة الجديدة المرتقبة من مشاورات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة بين الانقلابيين والحكومة الشرعية.
وجاء ذلك غداة حديث رسمي تم تداوله في اجتماع لأعضاء الحكومة الحوثية الانقلابية غير المعترف بها في صنعاء، عن ترتيبات تقوم بها للمشاركة في مشاورات السلام المرتقبة التي قالت إنها تتوقع أن تنعقد في مارس (آذار) المقبل في سلطنة عمان برعاية مبعوث الأمم المتحدة الجديد إلى اليمن مارتن غريفثتس.
وقال المصدر، الذي رفض ذكر اسمه لاعتبارات تتعلق بسلامته الشخصية في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة أخطرت في وقت سابق قيادات الحزب بمن فيهم صادق أمين أبو راس، وهو القائم الحالي بأعمال رئاسة جناح «المؤتمر» الذي كان مواليا للرئيس الراحل علي عبد الله صالح، بأنها تريد إجراء تغيير أشخاص في قوام وفد الحزب لعدم ضمانها ولاء بعض الأعضاء الحاليين.
وكشف المصدر أن الجماعة تسعى إلى إطاحة القيادي في الحزب والزعيم القبلي ياسر العواضي، ووزير الخارجية الأسبق أبو بكر القربي، والقيادي المقرب من الرئيس السابق يحيى دويد، لجهة مخاوفها من أن يقود هؤلاء الثلاثة إضافة إلى القيادية في الحزب فائقة السيد انقلابا على الجماعة أثناء المفاوضات المرتقبة يؤدي إلى ترجيح كفة الحكومة الشرعية.
وتسعى الجماعة، بحسب المصدر، إلى تشكيل وفد واحد من صنعاء برئاسة المتحدث باسم الجماعة محمد عبد السلام، يضم أعضاء وفدها السابق وأعضاء موالين لها في حزب «المؤتمر الشعبي» دون السماح بوجود رئيس لوفد الحزب.
وكشف المصدر «المؤتمري» أن القائد الميداني في الجماعة الذي عينته رئيسا لاستخباراتها العسكرية أبو علي الحاكم، وهو من ضمن المشمولين بعقوبات مجلس الأمن، نقل قبل أيام إلى القائم بأعمال الحزب صادق أمين أبو راس رغبة الجماعة لتوحيد الوفد المفاوض القادم من صنعاء تحت إمرتها، وإضافة شخصيات أخرى إلى قوامه خلفا للقيادات المؤتمرية السالفة الذكر.
وقال المصدر إن التسريبات التي حصل عليها تفيد بأن الجماعة اقترحت على أبو راس عدة أسماء لشخصيات محسوبة على «المؤتمر»، لكنها موالية للجماعة لترشيحها ضمن أعضاء الوفد المفاوض خلفا للأربعة المستبعدين.
ومن بين الأسماء المطروحة، طبقا للمصدر، وزير خارجية حكومة الانقلاب هشام شرف، ووزير التعليم العالي في حكومة الانقلاب حسين حازب، ووزير الانقلاب للإدارة المحلية علي بن علي القيسي، والمسؤول عن إعلام الحزب المقرب من الجماعة طارق الشامي، إضافة إلى السفير السابق يحيى محمد أحمد السياغي.
ويرجح مراقبون أن قرار القائم برئاسة «مؤتمر صنعاء» صادق أمين أبو راس تعيين يحيى السياغي قبل أيام رئيسا لدائرة العلاقات الخارجية في الحزب، خلفا لوزير الخارجية الأسبق أبو بكر القربي، دليل إضافي على أن الجماعة الحوثية هي من تقف وراء القرار تمهيدا لضم السياغي إلى عضوية الوفد المفاوض ممثلا لحزب «المؤتمر».
ورغم أن القيادية فائقة السيد ما زالت في منصبها وزيرة للشؤون الاجتماعية في حكومة الانقلاب الحوثية فإنها تمثل صداعا للميليشيات لجهة مساعيها المناهضة للجماعة ورغبتها للانتقام لمقتل الرئيس السابق علي صالح، بخلاف قيادات أخرى في الحزب وزراء محسوبين عليه كانوا أعلنوا ولاءهم التام للجماعة منذ اليوم الأول لمقتل صالح وفي طليعتهم القيادي هشام شرف.
وكان القيادي في الحزب والزعيم القبلي ياسر العواضي آثر قبل أسابيع مغادرة صنعاء إلى مسقط رأسه في محافظة البيضاء، رافضا استمرار الشراكة مع الجماعة الحوثية التي قتلت رئيس الحزب صالح وأمينه العام عارف الزوكا في الرابع من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ويعيش القيادي القربي خارج اليمن منذ مدة طويلة متنقلا بين عدة عواصم أوروبية وعربية، في حين يرجح أن القيادي الآخر يحيى دويد الذي تربطه بالرئيس السابق صالح علاقة مصاهرة موجود مع آخرين من أقاربه في إحدى الدول الخليجية.
وأفادت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» أول من أمس، بأن اجتماع حكومة الانقلاب في صنعاء اطلع على تقرير من خارجيتها عن المستجدات السياسية وما يتصل بالترتيبات حول احتمال عقد لقاء مشاورات في العاصمة العمانية مسقط خلال مارس المقبل، علاوة على ما يتعلق بالتحضيرات الجارية لاستقبال فريق التحقيق الدولي الخاص بحقوق الإنسان المتوقع زيارته لليمن خلال الفترة القليلة المقبلة.
ومنذ مقتل صالح والتنكيل بأقاربه وأنصار حزبه سعت الجماعة للسيطرة على إرثه السياسي عبر تطويع قيادات حزبه والنواب الموالين له طوعا وكرها، للاستمرار في صفها الانقلابي في مواجهة الحكومة الشرعية، كما أنها استولت على كل ما وقع تحت يدها من أمواله وأموال عائلته وحزبه ولا تزال تعتقل أربعة من أقاربه، اثنان منهم نجلاه، والآخران أحدهما نجل شقيقه، والأخير نجل ابن أخيه.
وأفاد أبو راس قبل أيام في لقاء مع إعلاميي حزبه بأن الجماعة أطلقت سراح نحو 3 آلاف ألف معتقل من أنصار الحزب والرئيس السابق بناء على تفاهمات مع قيادتها في حين لا يزال نحو 150 آخرين رهن الاعتقال.
ورغم محاولات الميليشيات استرضاء قيادات الحزب عقب قتل صالح، فإنها استمرت في أعمال القمع ضد أنصاره وإقصائهم من وظائفهم، إذ أفادت مصادر حزبية بأن قيادة الجماعة أقالت في محافظة حجة هذا الأسبوع نحو 20 قياديا مؤتمريا من وظائفهم وعينت خلفا لهم من عناصرها الطائفيين.


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».