34 مليون يورو من ألمانيا لحماية حدود تونس من الإرهاب

قررت الحكومة الألمانية دعم جهود تونس لتحصين حدودها ضد الإرهابيين وتجار البشر بمبلغ 34 مليون يورو.
جاء ذلك في رد للحكومة الألمانية على استفسار لكتلة حزب اليسار البرلمانية ونشر أمس الخميس في عدد من الصحف الألمانية. وقالت حكومة المستشارة أنجيلا ميركل في الرد أن من مصلحة ألمانيا تشديد الرقابة على الحدود الليبية التونسية لمنع تسلل المجرمين والإرهابيين إلى أوروبا. ويتضمن الدعم الألماني لتونس نصب نظام أمني للرقابة الإلكترونية، وإقامة نقاط تفتيش متحركة على طول الحدود مع ليبيا، ونشر أسيجة إلكترونية رادعة، وتأسيس نقاط شرطة حدودية في مناطق معينة من الصحراء، وإقامة مواقع عسكرية للجيش التونسي ونصب أنظمة للمراقبة عبر الأقمار الصناعية.
ويفترض أن تكمل أنظمة الرقابة عبر الأقمار الصناعية نظاماً أقامته الولايات المتحدة سلفاً بين الحدود الليبية ومدينة برج الخضراء الحدودية على الصحراء التونسية. وسبق للحكومة الألمانية أن ساهمت إلى جانب الولايات المتحدة مالياً وتقنياً في مد نظام الرقابة الأميركي المذكور. وتخطط الحكومة الألمانية لتنفيذ هذه الإجراءات، بالتعاون مع الحكومة التونسية، في وقت ما من العام الحالي. وليست هناك تقديرات دقيقة لتكلفة المشروع، ويمكن أن يتجاوز مبلغ أولي قدره 18 مليون يورو أقرته الحكومة الألمانية الآن.
ويشير الرد الحكومي إلى أن برلين ساهمت سلفاً بمبلغ 7 ملايين يورو في مشروع تعزيز الأمن على الحدود التونسية. وسلمت الحكومة الألمانية إلى الجانب التونسي 5 محطات رادار أرضية للرقابة على الحدود، و25 ناظوراً عالي التركيز، وخمسة أجهزة كبيرة للرؤية في المساء من طراز «نايت أول م»، إضافة إلى 25 جهازاً صغيراً للرؤية في الظلام من النوع القابل للنصب على الأسلحة الأوتوماتيكية. ويستمر العمل في هذا المشروع الأمني الحدودي مع تونس حتى نهاية سنة 2020.
وتم التعاقد مع شركة «هينزولدت»، من ولاية بافاريا، لتزويد الطرف التونسي بهذه التجهيزات، وهي شرطة كانت تابعة إلى «إيرباص» في السابق. وهي أجهزة صنعت خصيصاً للكشف عن نشاط مهربي اللاجئين عبر الحدود في أفريقيا. وبلغت التكلفة الإجمالية لهذه الأجهزة نحو 34 مليون يورو، بحسب رد الحكومة الألمانية على استفسار حزب اليسار.
ومعروف أن شرطة الحدود الألمانية دربت مثيلتها التونسية على استخدام أجهزة المسح الجسدي العاملة في المطارات الألمانية، كما زودتها بتقنيات إنتاج الوثائق الشخصية باستخدام البصمة البيولوجية. وتمتد الحدود الليبية التونسية المشتركة إلى نحو 1200 كم، بحسب الحكومة الألمانية.
وبررت الحكومة الألمانية مساعداتها الأمنية لتونس بتعرض البلد الأخير للإرهاب، وتحوله إلى ممر لتجارة البشر، بحكم محاذاته لليبيا. وأشار الرد إلى تعرض تونس إلى أكثر من عملية إرهابية خطيرة، وإلى عشرات الإرهابيين التونسيين الذين يشاركون إلى جانب «داعش» في سوريا والعراق. وأشارت الحكومة الألمانية إلى أنها تتطلع إلى تعاون مماثل على مستوى الأمن الحدوي مع البلدان الأفريقية الأخرى التي تحولت إلى دول مصدر للهجرة، أو إلى ممر لها. واعتبر الرد مساعدة مصر أمنياً في مطاراتها وعلى حدودها مشروعاً أوروبياً مهماً، وخصوصاً في مجال فرض الرقابة الإلكترونية على الأمتعة، وتفتيش المسافرين بأجهزة المسح الجسدي الجديدة.
جدير بالذكر أن العون الألماني لتونس بدأ مع زيارة رئيس الوزراء التونسي يوسف شاهد إلى برلين في فبراير (شباط) من العام الماضي. وهي الزيارة التي أعقبت العملية الإرهابية التي نفذها التونسي أنيس العامري (24 سنة) ببرلين وأودت بحياة 12 شخصاً. وبررت السلطات الألمانية آنذاك عدم تسليم العامري إلى تونس بامتناع السلطات التونسية عن توفير الأوراق الثبوتية اللازمة. والتقى شاهد حينها بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ودعا إلى «خطة مارشال» لشمال أفريقيا.
وعبرت ميركل آنذاك عن رغبة ألمانيا بتطوير التعاون في المجالين الاقتصادي والتعليمي مع تونس. واعتبرت المستشارة تونس وألمانيا هدفاً للإرهاب العالمي، وقالت إن الإرهاب انتقل إلى تونس بحكم حدودها المشتركة مع ليبيا والجزائر. وأضافت: «نحن نريد أن نساعد، لكننا نطلب أيضاً أن يكون تبادل المعلومات مكثفاً في القضايا الأمنية». وعن المحادثات حول تحفيز عودة اللاجئين التونسيين، الذين رفضت طلبات لجوئهم، اعترفت المستشارة بأن نسبة التونسيين بين اللاجئين الذين يصلون إلى الحدود الإيطالية لا يشكلون سوى 1 في المائة من المجموع، وأن الغالبية تأتي من ليبيا. وعرضت ميركل على الجانب التونسي تقديم مساعدات اقتصادية وتعليمية للراغبين بالعودة طوعاً إلى بلدهم من التونسيين، وقالت: «نعرف أنهم سيواجهون الكثير من التحديات، لكننا سنساعد». ونقلت المستشارة إلى الجانب التونسي رغبة حكومتها بإقامة «مركز تشاور» مشترك في تونس لتنظيم قضية إعادة اللاجئين التونسيين، الذي رفضت طلبات لجوئهم، إلى بلدهم.
وأشارت إلى 116 تونسياً عادوا من ألمانيا إلى بلدهم طوعاً في العام المنصرم. واعتبر أندريه هونكو، النائب البرلماني عن حزب اليسار، هذه التجهيزات والتدريبات خدمة تؤديها الحكومة الألمانية لشركات إنتاج السلاح وأجهزة الرقابة الأمنية. وانتقد النائب هذه الإجراءات الرامية إلى تحويل بلدان «الربيع العربي إلى قلاع حماية» للاتحاد الأوروبي ضد الهجرة. وأضاف أن على الاتحاد الأوروبي دعم مشاريع التنمية ومساعدة هذه البلدان في الاستقرار بهدف وضع حد لموجات اللاجئين.