الحكومة المغربية تستنفر للفوز باستضافة مونديال 2026

بعد خمس محاولات فاشلة

TT

الحكومة المغربية تستنفر للفوز باستضافة مونديال 2026

أعربت الحكومة المغربية، أمس، عن تفاؤلها بنجاح المغرب في استضافة كأس العالم لكرة القدم لعام 2026، وذلك بعد خمس محاولات فاشلة خلال أعوام 1994 و1998 و2006 و2010.
ومن المقرر أن يقوم المغرب في 16 من مارس (آذار) المقبل بإيداع وعرض ملف الترشيح على المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم، على أن تزور لجنة خاصة المغرب في شهر أبريل (نيسان)، من أجل تقييم ملف الترشيح المغربي على أرض الواقع، وزيارة جميع المدن المرشحة لاحتضان المنافسات، وفي شهر مايو (أيار) سيصدر التقرير المنجز من قبل لجنة التفتيش التابعة للـ«فيفا» حول المغرب. وسيكون شهر يونيو (حزيران) حاسماً، حيث سيتم يومي 6 و7 منه اختيار ملفات الترشيح لعرضها على التصويت، الذي سيكون في 13 من الشهر ذاته، أي قبل يوم من انطلاق منافسات كأس العالم في روسيا.
ودعا سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، كل القطاعات الوزارية والمؤسسات المنتخبة والفعاليات المدنية والرياضية والثقافية، وكذا الإعلامية، إلى دعم ترشيح المغرب لكأس العالم 2026.
وقال العثماني خلال افتتاحه المجلس الحكومي إن الحكومة ستتجند مع اللجنة المكلفة دعم ترشيح المغرب، مبرزاً أنها ستفي بجميع الالتزامات الضرورية للفوز بهذا الترشيح، ودعا جميع القطاعات الوزارية وجل المؤسسات المعنية إلى المشاركة في إنجاح هذا الورش، الذي يتابعه الملك محمد السادس عن كثب.
وأوضح العثماني أن الحكومة تدعم البرنامج الغني، الذي أعدته اللجنة المكلفة ملف ترشيح المغرب، كما شدد على أن حكومته ستتفاعل معه إيجابيّاً بتقديم الاقتراحات والملاحظات الضرورية، مشيراً إلى أن «القطاعات الحكومية المعنية والجامعات الرياضية ستكون في الصورة، ولدينا أمل كبير في أن ننجح».
من جهته، قدم مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، رئيس اللجنة المكلفة ملف الترشح، عرضا أمام أعضاء الحكومة حول عملية الترشيح.
وكشف مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة خلال لقاء صحافي، أمس، أن العلمي أكد وجود «حالة من التعبئة الشاملة لتقديم ملف بجودة عالية، والوفاء بمختلف المعايير المعتمدة من قبل (الفيفا)، والعمل على ترجمة الالتزامات إلى إجراءات محددة ومدققة». كما تعهد بأنه سيتم تقديم ملف الترشيح في آجاله المقررة، ووفقا لمختلف المعايير التي وضعها الاتحاد الدولي لكرة القدم، مشيراً إلى أن هناك «مستوى من الاحترافية والجودة في ملف الترشيح سيمكن المغرب من ربح هذا الرهان».
وتعهد المغرب ببناء سبعة ملاعب جديدة إذا فاز بحق استضافة كأس العالم لكرة القدم لعام 2026. وفي هذا السياق قال وزير الرياضة والشباب المغربي رشيد الطالبي علمي إن المغرب سيبني ستة ملاعب جديدة بسعة 45 ألف مقعد، وملعب بسعة 100 ألف مقعد في مدينة الدار البيضاء، أكبر مدن المملكة، مضيفاً أن الملاعب السبعة الجديدة ستضاف إلى خمسة ملاعب موجودة أصلاً، وكذلك ملعبان قيد البناء حالياً في مدينة تطوان ومدينة وجدة شرق البلاد. وسيكلف إنشاء الملاعب الجديدة وتطوير القديمة ما بين 800 مليون إلى مليار دولار، حسب توقعات الوزير العلمي.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.