توقع محادثات صعبة لتيلرسون في أنقرة

تركيا تطالب بـ«الصدق» في التعامل مع ملف الأكراد

TT

توقع محادثات صعبة لتيلرسون في أنقرة

أعطت التصريحات المتبادَلة بين وزيري خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو والولايات المتحدة ريكس تيلرسون انطباعاً عما يُمكن أن يكتنف زيارة تيلرسون لأنقرة، التي يبدأها اليوم لأنقرة، من صعوبات، محورها الملف السوري، لا سيما الدعم العسكري والمالي الأميركي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية، وتستهدفها تركيا بعملية «غصن الزيتون» العسكرية، بالمشاركة مع فصائل من الجيش السوري الحر، التي أوشكت على دخول شهرها الأول، عمودها الفقري.
واستبق جاويش أوغلو زيارة نظيره الأميركي، بمطالبة الولايات المتحدة بالتوقف عن دعم «تنظيمات إرهابية تعمل على تقسيم سوريا والعمل مع تركيا من أجل الحفاظ على وحدة الأراضي السورية».
وأكد جاويش أوغلو، في تصريحات لعدد من الصحافيين قبيل مغادرته الكويت بعد مشاركته في «مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق»، استعداد بلاده للمشاركة في إعادة إعمار سوريا خلال المرحلة المقبلة، وشدد على أهمية نشر الاستقرار في كل من سوريا والعراق بالنسبة إلى بلاده، ودعا بعض الدول الفاعلة (في إشارة إلى أميركا) إلى وقف دعمها لـ«التنظيمات الإرهابية» التي تسعى لتقسيم الأراضي السورية. ودعا جاويش أوغلو الجهات الدولية الراغبة في التعاون مع تركيا بشأن الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وإيجاد الحل السياسي في هذا البلد، إلى التزام «الوضوح والشفافية».
وحول ما تردد بشأن مناقشة ملف إعادة إعمار سوريا مع وزير الخارجية الأميركي خلال لقائهما في أنقرة غداً، قال جاويش أوغلو: «نحن مستعدون للمشاركة في إعادة إعمار سوريا، لكن على الدول الراغبة في التعاون معنا أن تلتزم الشفافية والصدق».
في المقابل، اعتبر تيلرسون الهجوم التركي ضد المقاتلين الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة في شمال سوريا من خلال عملية «غصن الزيتون»، انحرافاً عن المعركة من أجل هزيمة تنظيم داعش الإرهابي.
وأكد تيلرسون، خلال اجتماع التحالف الدولي ضد «داعش» في الكويت، أول من أمس، أنه فيما يتعلق بالوضع في عفرين، فقد انحرف عن معركتنا لهزيمة «داعش» في شرق سوريا. وتابع تيلرسون: «نجري محادثات مع حليفتنا في حلف شمال الأطلسي (ناتو) تركيا... وهم يدركون آثار هذا على قضيتنا الرئيسية وهي هزيمة (داعش)».
وقال تيلرسون، في عمان أمس إنه «فيما يتعلق باجتماعاتي في أنقرة، لا تزال تركيا حليفاً مهمّاً لـ(الناتو) وللولايات المتحدة.. نحن بحاجة إلى إيجاد وسيلة لمواصلة العمل في الاتجاه نفسه».
وحذر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الولايات المتحدة، في سوريا، من استمرار دعمها «الوحدات» الكردية. وقال إردوغان إنه سيتم استعراض جميع الحقائق أمام تيلرسون عندما يأتي إلى أنقرة «قرار حليفنا تقديم الدعم المالي لوحدات الحماية الكردية سيؤثر قطعاً على القرارات التي سنتخذها».
وأضاف: «سيكون من الأفضل بالنسبة لهم (الأميركيين) عدم الوقوف في صف الإرهابيين الذين يدعمونهم اليوم، أنا أناشد شعب الولايات المتحدة: (هذا المال يأتي من ميزانية الولايات المتحدة، يأتي من جيوب أفراد الشعب)».
ويلتقي تيلرسون إردوغان في أنقرة، مساء اليوم، قبل لقاء نظيره التركي غداً في مباحثات توقَّعَت واشنطن أن تكون صعبة، واستبقتها بقرار الدعم المالي لـ«الوحدات» الكردية، مما يزيد من صعوبتها، بحسب مراقبين في أنقرة.
وتوقعت مصادر دبلوماسية أن يطالب تيلرسون بوقف عملية عفرين التركية، وأن يتم استبدال التدخل العسكري بصيغة لحفظ أمن الحدود التركية، في إشارة إلى المقترح الأميركي بإقامة شريط آمن بعمق 30 كيلومتراً على الحدود السورية التركية. لكن وزير الدفاع التركي نور الدين جانيكلي أكد أن بلاده مصممة على «تطهير منطقة عفرين من الإرهاب لحماية حدودها».
وواصلت المدفعية التركية، أمس، قصفها لمواقع الوحدات الكردية في عفرين ضمن عملية «غصن الزيتون» من مواقعها على الحدود في ولاية هطاي جنوب تركيا، وسط استمرار الجيش التركي في إرسال التعزيز العسكرية إلى الشريط الحدودي مع سوريا.



مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

جدّدت مصر الحديث عن صعوبات مسار التفاوض مع إثيوبيا بشأن قضية «سد النهضة»، مؤكدة أنها «خاضت تجربة مريرة لمدة 13 عاماً»، ورهنت حدوث انفراجة في الملف بـ«توافر إرادة سياسية لدى أديس أبابا».

وجدَّد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء تلفزيوني، مساء السبت، تأكيده «محورية حقوقها المائية من مياه النيل»، وقال إن بلاده «ترفض الممارسات الأحادية، من الجانب الإثيوبي، بشأن مشروع (السد)».

وتقيم إثيوبيا مشروع سد النهضة على رافد نهر النيل الرئيسي، منذ 2011، ويواجَه مشروع السد باعتراضات من دولتَي المصب مصر والسودان؛ للمطالبة باتفاق قانوني ينظم عمليات «تشغيل السد».

وشدد وزير الخارجية المصري على «ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم بشأن السد الإثيوبي»، وقال إن «بلاده لها تجربة مريرة امتدت إلى 13 عاماً دون التوصل إلى أي نتيجة بشأن (سد النهضة)»، مشيراً إلى أن «أديس أبابا ليست لديها الإرادة السياسية للوصول لاتفاق قانوني».

وعدّ عبد العاطي ملف المياه «قضية وجودية لمصر والسودان»، وقال إن «موقف الدولتين متطابق بشأن السد الإثيوبي».

وتنظر القاهرة لأمنها المائي بوصفه «قضية وجودية»، حيث تعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، وفق بيانات وزارة الري المصرية.

ورهن عبد العاطي الوصول لاتفاق بين الدول الثلاث بشأن السد بـ«ضرورة توافر الإرادة السياسية لدى إثيوبيا؛ من أجل التوصل لاتفاق قانوني». وقال إن «ممارسات أديس أبابا الأحادية بملء بحيرة السد وتشغيله انتهاك لمبادئ القانون الدولي، باعتبار نهر النيل نهراً دولياً مشتركاً عابراً للحدود».

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، قرب «اكتمال بناء مشروع السد»، وقال، في شهر أغسطس (آب) الماضي، إن «إجمالي المياه في بحيرة السد ستصل إلى 70 مليار متر مكعب، نهاية عام 2024».

ويرى الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية، السفير أحمد حجاج، أن «الحكومة الإثيوبية لم تلتزم باتفاقيات التعاون المبرَمة بينها وبين مصر والسودان، خصوصاً إعلان المبادئ الذي جرى توقيعه عام 2015، بين الدول الثلاث»، إلى جانب «مخالفة الاتفاقيات الدولية، المتعلقة بالأنهار العابرة للحدود، والتي تقضي بعدم إقامة أي مشروعات مائية، في دول المنابع، دون موافقة دول المصب»، منوهاً بأن «أديس أبابا لم تستشِر القاهرة والخرطوم بخصوص مشروع السد».

ووقَّعت مصر وإثيوبيا والسودان، في مارس (آذار) 2015، اتفاق «إعلان مبادئ» بشأن سد النهضة، تضمَّن ورقة تشمل 10 مبادئ وتعهدات تلتزم بها الدول الثلاث، من بينها التزام إثيوبيا «بعدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب».

وفي تقدير حجاج، فإن «الجانب الإثيوبي لم يشارك في مسارات التفاوض بشأن السد، بحسن نية». وقال إن «أديس أبابا أفشلت المفاوضات بسبب التعنت وغياب الإرادة السياسية لإبرام اتفاق قانوني بشأن السد»، ودلل على ذلك بـ«عدم التجاوب الإثيوبي مع توصيات مجلس الأمن بضرورة الوصول لاتفاق نهائي بشأن السد».

كان مجلس الأمن قد أصدر بياناً، في سبتمبر (أيلول) 2021، حثّ فيه مصر وإثيوبيا والسودان على «استئناف المفاوضات؛ بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزِم للأطراف بشأن ملء (السد) وتشغيله ضمن إطار زمني معقول».

بدوره، يعتقد خبير الشؤون الأفريقية المصري، رامي زهدي، أن «القاهرة واجهت صعوبات عدة في مسار مفاوضات سد النهضة؛ بسبب تعنت الجانب الإثيوبي». وقال إن «أديس أبابا لم تُثبت جديتها في جولات التفاوض على مدار 13 عاماً»، معتبراً أن ما يحرك الجانب الإثيوبي «المكايدة السياسية ضد القاهرة، وممارسة ضغوط جيوسياسية عليها».

وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب إلى مجلس الأمن، نهاية أغسطس الماضي، من «تأثيرات خطيرة للسد على حصتي مصر والسودان المائيتين». وأشارت إلى «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنيّاتٍ صادقة». وأرجعت ذلك إلى أن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».