النائب العام الليبي يتحدى قرار البرلمان بإقالته.. وتركيا تغلق قنصليتها

عودة الاغتيالات إلى بنغازي.. واشتباكات بسبب أولوية التزود بالوقود في أوباري

قوات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر خلال معارك مع ميليشيا متشددة في بنغازي (رويترز)
قوات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر خلال معارك مع ميليشيا متشددة في بنغازي (رويترز)
TT

النائب العام الليبي يتحدى قرار البرلمان بإقالته.. وتركيا تغلق قنصليتها

قوات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر خلال معارك مع ميليشيا متشددة في بنغازي (رويترز)
قوات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر خلال معارك مع ميليشيا متشددة في بنغازي (رويترز)

دخل النائب العام في ليبيا أمس على خط الأزمة السياسية في مواجهة المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، الذي يعتبر أعلى سلطة دستورية في البلاد، وندد بمحاولة إقالته من منصبه. في حين أغلقت تركيا قنصليتها في مدينة بنغازي (شرق) ونصحت رعاياها بالمغادرة. وقتل خمسة أشخاص وأصيب آخرون إثر اشتباكات دامية وقعت مساء أول من أمس بين أهالي منطقة جرمة بأوباري وعدد من أبناء الطوارق، بسبب خلاف حول أولوية الحصول على الوقود من محطة جرمة بجنوب غربي ليبيا.
وقالت مصادر ليبية إن «الاشتباكات أسفرت عن حرق بعض المنازل والسيارات القريبة من المحطة»، مشيرة إلى أن الأوضاع الأمنية بالمنطقة عادت للاستقرار عقب توقف القتال. في غضون ذلك، نفى العقيد ونيس بوخمادة، قائد القوات الخاصة (الصاعقة) التابعة للجيش الليبي، في تصريحات صحافية أمس، اندلاع تمرد وأعمال شغب في المعسكر الرئيس لهذه القوات بمنطقة بوعطني في بنغازي شرق ليبيا. وأكد أن الأمور طبيعية ولا يوجد أي اختراق، على حد قوله.
واستمرت في المقابل طائرات عسكرية تابعة لقوات اللواء المنشق بالجيش الليبي خليفة حفتر في التحليق فوق مناطق خاضعة لسيطرة تنظيمات متطرفة في بنغازي، حيث أكد مصدر في المدينة لـ«الشرق الأوسط» وقوع اشتباكات على محور بوعطني ومعسكر القوات الخاصة، بالإضافة إلى سقوط بضع قذائف على معقل تنظيم أنصار الشريعة بمزرعة أبو بكر يونس بالهواري بالمدينة.
وعادت ظاهرة الاغتيالات إلى بنغازي مجددا بعد توقفها، حيث اغتال مجهولون خطيب أحد المساجد بمنطقة حي السلام، بعدما أطلقوا عليه النار لدى خروجه من أداء صلاة الجمعة. من جهتها، نعت الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله الثني، الشيخ طارق الدرسي أحد علماء ليبيا، عضو دار الإفتاء، مسؤول مكتبها بمدينة المرج، الذي تم تعذيبه حتى الموت عقب اختطافه الخميس الماضي. واعتبرت الحكومة، في بيان لها أمس، أن مثل هذه الأعمال مرفوضة ومستهجنة دينيا وأخلاقيا وإنسانيا، وأن من قام بهذا العمل لا يمثل المسلمين المتمسكين بالدين الإسلامي الحنيف، ولا يمت بصلة لقيم ومبادئ وأخلاق الشعب الليبي الذي لا يرضى بهذه التصرفات المشينة والمستهجنة.
وكانت مدينة بنغازي بالإضافة إلى العاصمة الليبية طرابلس قد شهدتا أول من أمس مظاهرات وصفتها وكالة الأنباء الرسمية بالحاشدة، رافضة للعنف والإرهاب، وللمطالبة بدعم الجيش والشرطة واستتباب الأمن في البلاد. ودعا المتظاهرون إلى ضرورة التسريع بتفكيك التشكيلات غير الشرعية وتسليم أسلحتها للجيش الوطني، بما يعجل الانتقال من الثورة إلى بناء الدولة ومؤسساتها، كما أعلنوا رفضهم لمبادرة طارق متري مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا، واستنكروا فتوى مفتي الديار الليبية تجاه المنضمين لقوات اللواء خليفة حفتر ضمن معركة الكرامة.
في سياق آخر، سحبت تركيا دبلوماسييها بشكل مؤقت من قنصليتها بمدينة بنغازي، ونصحت رعاياها بالرحيل عن شرق البلاد، في ظل تنامي المخاوف الأمنية.
وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان رسمي إن القنصلية العامة التركية بمدينة بنغازي ستعلق أعمالها اعتبارا من أمس نظرا للأوضاع الحساسة التي تشهدها ومدن أخرى محيطة بها، مشيرة إلى أن دبلوماسييها سيواصلون العمل من طرابلس أثناء فترة إغلاق قنصلية بنغازي. كما طلب البيان من الأتراك الموجودين في ليبيا مغادرتها، إذا لم يكن بقاؤهم هناك ضروريا للغاية، ونصحتهم بالاستفادة من رحلات الطيران المستمرة بين إسطنبول وبعض المدن الليبية والتونسية من أجل مغادرة البلاد.
وكانت الخارجية التركية قد وجهت تحذيرا مماثلا في الرابع من الشهر الحالي، علما بأن هذا التحرك الأخير جاء بعد انفجار هجوم انتحاري استهدف نقطة تفتيش تتبع الجيش في برسس على بعد 50 كم شرق بنغازي، مما أسفر عن مقتل المهاجم وإصابة ستة آخرين. ونددت حكومة الثني بالحادث، وأكدت أن هذا العمل الذي وصفته بالجبان لن يثنيها عن عزمها في مكافحة الإرهاب الذي يستهدف الأبرياء والآمنين، وأنها ماضية في هذا السبيل حتى تحقيق الأمن في كل ربوع ليبيا. وأعلنت الحكومة أنها قامت باتخاذ كل الإجراءات بشأن نقل الجرحى بواسطة الإسعاف الطائر لتلقي العلاج إلى الخارج.
من جهة أخرى، اعتبر المستشار عبد القادر رضوان، النائب العام في ليبيا، أن قرار المؤتمر الوطني العام (البرلمان) الذي وصفه بالمفاجئ بتعيين رئيس النيابة بالمكتب الصديق الصور نائبا عاما خلفا له، يعني ضمنيا إقالته من منصبه بحجة أنه في طريق التقاعد. وقال رضوان، في رسالة وجهها لكل من رئيس المحكمة العليا، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، إن ما تم في الجلسة الأخيرة للمؤتمر الوطني يعد مخالفا لنصوص قانون نظام القضاء، ولما جرى عليه العمل في تعيين أعضاء الهيئات القضائية، وحالات تقاعدهم أو إنهاء أعمالهم أو ندبهم. وانتقد رضوان في الرسالة التي نشرها مكتبه عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» هذا القرار، وقال إنه «ألحق به وبالصور ضررا معنويا، لما تسبب فيه من لغو ولغط في الشارع العام وفي وسائل الإعلام، بسبب قرارات المؤتمر غير المسؤولة والتي تتعارض تعارضا صارخا مع مبدأ الفصل بين السلطات». ودعا رضوان إلى اتخاذ موقف واضح تجاه المؤتمر وإخطاره بعدم الاختصاص في هذه المسألة، مع بيان الترشيح وآلية التقاعد، لافتا إلى أن طلبه هذا لا يعني التمسك بالمنصب، وإنما من باب احترام القانون والذات والابتعاد عن الإساءة لأعضاء الهيئات القضائية بأي صورة كانت.
وقالت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» إن «محاولة البرلمان الليبي إقالة النائب العام تأتي على خلفية طلب الأخير استدعاء نوري أبو سهمين رئيس البرلمان للتحقيق معه على خلفية وجوده ليلا بمقر إقامته بالعاصمة طرابلس قبل نحو ثلاثة شهور مع فتاتين. وسربت كتيبة ثورا طرابلس فيديو وصف بأنه «مهين ومذل»، يخضع فيه أبو سهمين لاستجواب من أحد القادة السابقين للكتيبة، علما بأن النائب العام استمع إلى أقوال الفتاتين اللتين أدانتا أبو سهمين، حسبما أكدت المصادر الليبية.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.