السودان وجنوب السودان يعلنان استئناف التجارة الحدودية

بعد توقف طويل وتعثر بسبب خلافات حادة

TT

السودان وجنوب السودان يعلنان استئناف التجارة الحدودية

أعلن السودان استئناف التجارة وتبادل السلع والخدمات بينه وبين جارته المنفصلة عنه دولة جنوب السودان، وذلك بعد أيام قلائل من توجيهات رئاسية باستئناف تجارة الحدود مع دول الجوار، وبعد اتفاق وقعه البلدان يقضي بتنشيط المنطقة العازلة منزوعة السلاح على حدود الدولتين.
ووجَّه الرئيس عمر البشير مطلع الشهر الجاري مساعديه باستئناف تجارة الحدود مع كل دول الجوار، لسد نوافذ تهريب المنتجات السودانية، كما وافقت الآلية السياسية والأمنية المشتركة بين دولتي السودان وجنوب السودان على تفعيل «المنطقة منزوعة السلاح» بين البلدين، والتي نصت عليها اتفاقية التعاون المشترك، وسحب قوات الدولتين على جانبي الحدود.
وقال وزير التجارة حاتم السر، في تصريحات صحافية بمعبر «جودة» مع دولة جنوب السودان أمس، إنه من المنتظر أن يجلب فتح المعابر العديد من الفوائد لبلاده، أبرزها الحد من عمليات التهريب، وهدر مواردها الاقتصادية، واستقرار التجارة الحدودية بين البلدين، وإتاحة انسياب السلع.
وتعتمد دولة جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان في 2011، على التجارة الحدودية بين البلدين، لا سيما المناطق الشمالية منها، ويقدر عدد السلع التي يتم تبادلها بأكثر من خمسين سلعة حيوية، وعلى رأسها المواد الغذائية، وذلك لأن الدولة الوليدة «مغلقة» بلا حدود بحرية، وتعتمد في تجارتها الخارجية على السودان بشكل أساس، ودول جوارها الأفريقي الأخرى.
ووصل السر أمس ولاية النيل الأبيض، رفقة وفد اتحادي مكون من الجمارك والمواصفات واتحاد أصحاب العمل والغرفة التجارية، لإجراء ترتيبات تسهيل حركة التجارة بالتنسيق مع الولاية المحادة لدولة جنوب السودان.
وأوضح السر أن عودة التبادل التجاري بين البلدين ستساعد في نمو واستقرار الأوضاع بينهما، وتوطيد علاقات الصداقة بين البلدين، وحل القضايا السياسية والأمنية العالقة والاقتصادية العالقة بين البلدين.
وتفجرت بعد فترة قصيرة من انفصال دولة جنوب السودان نزاعات حدودية بين البلدين، أدت إلى إغلاق الحدود المشتركة بينهما لأكثر من مرة، بيد أن رئيسي البلدين وقعا بوساطة أفريقية اتفاقية للتعاون المشترك في سبتمبر (أيلول) 2012، نصت على تكوين «الآلية السياسية والأمنية المشتركة» للحوار بشأن القضايا الخلافية، لكن تنفيذ الاتفاقية واجه العديد من التعقيدات، وعلى رأسها النزاعات الحدودية، والخلافات على صادرات النفط، وتبعية منطقة أبيي. إلا أن البلدين اتفقا في آخر اجتماعات جرت مطلع الشهر الجاري بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا على تفعيل الاتفاقية المشتركة للمنطقة منزوعة السلاح بين السودان وجنوب السودان، وسحب أي قوات متبقية بنهاية الشهر الجاري.
ونصت الاتفاقية التي وقعها في 4 فبراير (شباط) الجاري رئيس هيئة الأركان المشتركة السوداني عماد الدين عدوي من الجانب السوداني، ووزير دفاع دولة جنوب السودان كوال ميانج، على تفعيل وفتح المعابر، وإنشاء النقاط الجمركية الحدودية، وجعل الحدود مرنة تسهل حركة مواطني الدولتين.
ويسعى السودان إلى جذب تجارة دول جواره «المغلقة»، التي لا تملك شواطئ بحرية، مثل تشاد، وإثيوبيا، وجنوب السودان، وأفريقيا الوسطى. ويصدر نفط دولة جنوب السودان عبر خط الأنابيب الذي يربط بين مواقع الإنتاج وميناء التصدير على البحر الأحمر، الذي أنشئ قبل انفصال الدولتين، ويحصل على عائدات مقابل استخدام منشآته النفطية، لكن الحرب الأهلية في الدولة الوليدة، والنزاعات الحدودية بين الدولتين، أثرت على انسياب النفط وإنتاجه على الرغم من اعتماد جنوب السودان كلياً على عائداته.
وخسر السودان جراء انفصال دولة جنوب السودان 75 في المائة من عائداته النفطية، التي تعادل زهاء 90 في المائة من إيراداته من النقد الأجنبي، ولا يعطي إنتاجه المتبقي حاجته للاستهلاك المحلي، وهو الأمر الذي أثر على اقتصاده المعتمد كلياً على النفط، وتبدت آثاره القاسية بتدهور سعر صرف العملة المحلية بأرقام قياسية، والارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية الحالي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.