وزير حقوق الإنسان المغربي: لا نقاش حول الإرث

الرميد قال إنه لا يمكن مصادرة حرية المعتقد

TT

وزير حقوق الإنسان المغربي: لا نقاش حول الإرث

أعلن مصطفى الرميد، وزير الدولة المغربي المكلف بحقوق الإنسان، أنه تقرر فتح حوار حول القضايا الخلافية التي لم يتم التوافق بشأنها بين الحكومة والمنظمات الحقوقية، وهي الإعدام والانضمام إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87. وبعض القضايا المرتبطة بمدونة الأسرة.
وأوضح الرميد، الذي كان يتحدث أمس خلال لقاء نظمته وكالة الأنباء المغربية حول «الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان»، التي اعتمدها المغرب أخيرا، أن المساواة في الإرث لن يكون ضمن القضايا التي سيجري النقاش بشأنها، مشيرا إلى أنه لم يتوصل بأي توصية من جهة ما حول هذا الموضوع: «لكن المجتمع حر، ولا أحد بإمكانه أن يصادر حق الناس في النقاش، مع ضمان حق الطرف الآخر الذي يعارض هذه المساواة»، لافتا إلى أن المغرب دأب على حل كل القضايا الخلافية «بتدرج وليس بطريقة مستفزة».
وبخصوص الجدل المثار حول حرية المعتقد، أكد الرميد المنتمي لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، إنه «لا يمكن أن نصادر حرية المعتقد... والعقيدة هي بين الإنسان وربه»، قبل أن يوضح أنه «ينبغي التفريق بين ما هو خاص وبين ما هو عام. فمن شاء أن يكون مسلما فليكن، ومن شاء أن يكون شيئا آخر فله ذلك، ولا حق لأحد في أن يتدخل فيه، لكن تعامل صاحب العقيدة مع المجتمع، تحكمه ضوابط نصت عليها الفصول الأولى من القانون الجنائي، الذي يجرم كل ما يؤدي إلى المس بأمن وطمأنينة المجتمع».
ولم يستبعد الوزير المغربي أن يمنح للأفراد في المغرب ممارسة الحرية الدينية بشكل علني عندما «تترسخ المؤسسات والثقافة الديمقراطية» في البلاد، إلا أنه قبل ذلك لا بد من التحفظ لأن «استقرار أمن المجتمع أساس الحقوق»، حسب رأيه.
ومن أبرز المحاور التي تضمنتها الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان، الحكامة الأمنية، وفي هذا الصدد، وردا على سؤال حول عدم منح أفراد الأمن الحق في تأسيس نقابات، قال الرميد إنه لا يؤيد هذه الخطوة في هذه المرحلة، ويفضل التركيز على ضمان حقوق النقابيين العمال أولا.
وعندما جرى تذكيره بتجربة تونس في هذا المجال رد الوزير المغربي بأن «تونس ليست مثالا في كل شي، فهي اليوم غير مستقرة. وإذا كنا سنتخذ إجراء يجر علينا المشاكل فإننا لا نريده». وزاد متسائلا: «هل نريد أن يقوم عندنا أفراد الشرطة بمحاصرة وزارة الداخلية وأن يفرضوا شروطهم؟ هل سنصل إلى هذا؟».
في سياق منفصل، وبعد إلحاح الصحافيين على معرفة رأيه في تصريحات عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة السابق والأمين العام السابق للحزب، التي هاجم فيها قادة حزبين في التحالف الحكومي، كشف الرميد أنه لا يؤيد تلك التصريحات. وعبر عن ذلك بالقول: «بصفتي كنت لمرحلة طويلة اليد اليمنى لابن كيران، أذكر أنه كان لا يقبل أن تتم الإساءة إلى وزرائه، وأعتقد أن هذا الأمر ما زال مستمرا حتى مع العثماني».
وبالنسبة لما اعتبر مقاطعة من قبل وزراء التجمع للمجلس الحكومي احتجاجا على تلك التصريحات، قال الرميد إنه ما زال يتساءل حول ما إذا كانت هناك مقاطعة أم لا؟، موضحا أن الذي عليه أن يجيب هو الوزير عزيز أخنوش، الذي لم يقل لحد الآن إن حزبه مقاطع». وأضاف موضحا أنه «إذا كانت هناك مقاطعة لأي حزب للمجلس الحكومي فإن هذا المستوى من التعامل غير مقبول».
وأوضح الرميد أنه خلال انعقاد المجلس الحكومي الخميس الماضي تلقى اتصالات من الصحافيين يتساءلون فيها عن حقيقة تلك المقاطعة فأجابهم بأنه «يستحيل أن يقع ذلك لأنه قد تكون هناك خلافات أو مشاكل. لكن المجلس الحكومي من مؤسسات الدولة، ولا يمكن تصور حدوث أي مقاطعة جماعية لها رغم ما قد يحدث من خلافات». قبل أن يضيف أنه «إذا وقع هذا فأنا لم أعد أفهم في السياسة، ولا بد أن هناك اختلالات جسيمة طالت منطق الفاعل الحزبي والسياسي».
وكشف الرميد أن العثماني أكد له أن جميع الغيابات توصل بشأنها باعتذار من الوزراء بالطريقة الرسمية، كما أن أصدقاءه في «التجمع» أكدوا أنهم غير مقاطعين، وأن وزراء الحزب برروا عدم مرافقتهم العثماني لجهة الشرق بوجود التزمات سابقة لديهم، موضحا أن أخنوش اتصل بالعثماني ليؤكد له الأمر ذاته.
وعلق الرميد بالقول على أنه «إذا كانت فئة معينة تؤاخذ (العدالة والتنمية) على تصريحات أمينه العام السابق فإن الحزب لديه لائحة بالإساءات البليغة، التي لا يمكن أن تتصور قساوتها، ولم يسبق أن قرر الحزب مقاطعة لا مؤسسة الأغلبية، ولا الحزب الذي صدرت منه الإساءة ولا المجلس الحكومي». وخلص إلى القول: «سنعالج هذه الأمور مع الوقت في إطار ميثاق الأغلبية الذي جرى التوافق حوله، والذي سيعلن عنه قريبا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».