المغرب: وعود الحكومة تفشل في إخماد احتجاجات إقليم جرادة

مغاربة يشاركون في احتجاجات بإقليم جرادة (شرق البلاد) نهاية الأسبوع الماضي (رويترز)
مغاربة يشاركون في احتجاجات بإقليم جرادة (شرق البلاد) نهاية الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

المغرب: وعود الحكومة تفشل في إخماد احتجاجات إقليم جرادة

مغاربة يشاركون في احتجاجات بإقليم جرادة (شرق البلاد) نهاية الأسبوع الماضي (رويترز)
مغاربة يشاركون في احتجاجات بإقليم جرادة (شرق البلاد) نهاية الأسبوع الماضي (رويترز)

لم تنجح وعود الحكومة المغربية بإطلاق مشاريع تنمية في إخماد الاحتجاجات بإقليم جرادة (شرق البلاد)، إذ خرجت مساء أول من أمس الأحد مسيرة غاضبة جابت أحياء شعبية في المنطقة رُفعت فيها شعارات تشكك بجدية الحكومة في تلبية مطالب السكان.
وكان نشطاء جرادة قد رفضوا المشاركة في اللقاء الذي عقده الدكتور سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، مع منتخبي وممثلي جمعيات المجتمع المدني خلال زيارته لمدينة وجدة السبت الماضي برفقة وفد وزاري لبحث مطالب جهة الشرق ككل.
وقال رئيس الفرع المحلي للرابطة المغربية لحقوق الإنسان بجرادة محمد الفازيقي لـ«الشرق الأوسط» إن نشطاء الحراك رفضوا لقاء العثماني احتجاجاً على عدم زيارته جرادة أسوة بالزيارة التي قام بها للمدينة قبل أسابيع كل من عزيز رباح وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، وعزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، مشيراً إلى أنه لم تخرج أمس الاثنين أي مسيرات احتجاج جديدة دأب السكان على تنظيمها للمطالبة بتلبية مطالبهم التي وصفها بـ«البسيطة والمشروعة».
من جهته، قال محمد القاسمي أحد النشطاء في مدينة جرادة لـ«الشرق الأوسط» إن لجنة الحراك التي من المقرر أن تكون قد اجتمعت مساء أمس «ستقرر ما إذا كانت ستواصل الاحتجاجات أم تعلّقها».
ووصف نشطاء وعود العثماني بأنها «مجرّد حلول ترقيعية» وأن «الحكومة لا تملك الشجاعة لمواجهة لوبيات الفساد بالإقليم التي تستغل المقالع وتملك نفوذاً سياسيا ومالياً يجعلها فوق المحاسبة».
وكان العثماني قد أعلن عن مجموعة من القرارات التي وصفها بـ«المهمة والآنية» لفائدة سكان جرادة التي اندلعت فيها احتجاجات قبل ما يزيد على شهر للمطالبة بتنمية المنطقة التي تعاني من التهميش.
وكشف العثماني أن الحكومة وضعت برنامج تنمية شاملاً لفائدة إقليم جرادة، يتضمن إنشاء منطقة صناعية ستوفر العمل للشباب. كما أعلن عن السحب الفوري لجميع رخص استغلال المعادن التي تخالف المقتضيات القانونية، وذلك بعدما تسببت وفاة شقيقين يعملان في مناجم عشوائية لاستخراج الفحم الحجري في إطلاق شرارة الاحتجاجات في جرادة، ثم أعقبها وفاة عامل آخر في حادث مماثل ليساهم في تأجيج الأوضاع.
وشهد المغرب في الأشهر الماضية موجات من الاحتجاجات الاجتماعية في مختلف المناطق أبرزها الاحتجاجات التي اندلعت في الحسيمة، ثم زاكورة، وحالياً في جرادة بسبب التهميش. وأوضح الخبير السياسي محمد ظريف لوكالة الصحافة الفرنسية أن «المغرب عرف في السنوات العشر الأخيرة احتجاجات مماثلة في مدن أخرى مهمشة». ففي 2007 هزت مظاهرات مدينة صفرو (وسط) احتجاجاً على غلاء أسعار المواد الغذائية الأساسية، وبين 2005 و2009 جرت تحركات شعبية في سيدي إفني (جنوب) وبوعرفة (شرق) احتجاجاً على سوء التنمية، كما شهدت مدينة تازة (وسط) مظاهرات مماثلة عام 2012 على خلفية ضيق اجتماعي. غير أن الحراك الحالي ومظاهرات العقد الماضي تختلف، برأيه، عن الاحتجاجات العنيفة التي جرت في عقد الثمانينات. ويرى ظريف أن «مراجعة النموذج الاقتصادي يجب أن تمر عبر خيارات سياسية جديدة من ضمنها إدخال الديمقراطية إلى المؤسسات وتوسيع نطاق الحريات».
وقال الخبير الاجتماعي عبد الرحمن رشيق الذي أصدر كتاباً مرجعياً حول التحركات الاجتماعية، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الاحتجاجات الاجتماعية انتقلت من ظاهرة الشغب التي تتسم بعنف دام سواء من جانب السكان أو من جانب الدولة، إلى المظاهرات والاعتصامات والمسيرات، وميزتها التحركات الجماعية السلمية».
ويعتبر رشيق أن خريجي الجامعات من الشبان العاطلين عن العمل وأعضاء التنظيمات النقابية لعبوا «دوراً كبيراً» في هذا التحول في نمط الاحتجاجات، كما أن موقف الدولة حيال الحراك تطوّر، فحتى في أزمة الريف حاولت السلطة، بموازاة تصديها بشدة للاحتجاجات، التعامل معها بإطلاق أو تحريك سلسلة من المشاريع الإنمائية.



رفض مجتمعي لجبايات الحوثيين تحت اسم «مساندة لبنان وغزة»

الحوثيون متهمون باستغلال منابر المساجد لخدمة مشروعهم الانقلابي (الشرق الأوسط)
الحوثيون متهمون باستغلال منابر المساجد لخدمة مشروعهم الانقلابي (الشرق الأوسط)
TT

رفض مجتمعي لجبايات الحوثيين تحت اسم «مساندة لبنان وغزة»

الحوثيون متهمون باستغلال منابر المساجد لخدمة مشروعهم الانقلابي (الشرق الأوسط)
الحوثيون متهمون باستغلال منابر المساجد لخدمة مشروعهم الانقلابي (الشرق الأوسط)

واجهت حملات الجباية الحوثية التي أطلقتها الجماعة تحت مزاعم التبرع للفلسطينيين في غزة و«حزب الله» في لبنان رفضاً مجتمعياً في العاصمة اليمنية المختطَفة، صنعاء، وبقية مناطق سيطرة الانقلاب، على الرغم من حجم الدعاية ومهاجمة المعارضين لهذه الحملات.

وكانت الجماعة أطلقت، منذ أسبوعين، وتحت ذريعة «دعم نازحي لبنان وصمود الشعب الفلسطيني» حملات لجمع التبرعات النقدية، عبر وضع صناديق داخل المحال التجارية، وفي الطرقات والشوارع الرئيسية وعلى أبواب المساجد، رغم اتساع رقعة الفقر في مناطق سيطرتها، وعجز ملايين السكان عن توفير الغذاء الضروري.

صندوق حوثي لجمع التبرعات النقدية في أحد شوارع صنعاء (إكس)

وعلى خلفية فشل حملة التبرُّع التي نفذتها الجماعة في عدة مساجد، هاجم معممو الجماعة من على المنابر جموع المصلين في مساجد بنطاق مديريات معين وآزال وصنعاء القديمة، متهمين إياهم بالتقاعس واللامبالاة والتهرب من أي مسؤوليات والموالاة للأعداء وعدم الاستجابة بتقديم الدعم المالي.

وفي حين يتجاهل الانقلابيون الحوثيون كل التحذيرات المحلية والدولية من حدوث مجاعة وشيكة في أغلب مدن سيطرتهم، يُجدد المعممون الحوثيون مناشداتهم من على منابر المساجد للسكان التبرع بالأموال، وضرورة التقليل من إنفاق السكان اليومي على أُسَرهم وأطفالهم، وتوفير ذلك لمصلحة دعم صناديق التبرع.

وأثارت حملة التبرع الأخيرة سخط السكان، حيث تواصل الجماعة منذ سنوات الانقلاب والحرب تجاهل المعاناة الإنسانية، وشن مزيد من أعمال البطش والابتزاز.

وأبدى مصلون في مساجد عُمر والتوحيد والفتح، في حي السنينة بصنعاء، امتعاضهم الشديد من وضع صناديق جمع التبرعات في المساجد بهدف إرسال الأموال لصالح المجهود الحربي، بينما يعاني الملايين من الفاقة.

الجماعة الحوثية تطلب التبرع بالأموال رغم اتساع رقعة المجاعة (الشرق الأوسط)

ويؤكد خالد، وهو أحد سكان صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن أغلب السكان لم يعد لديهم ما ينفقونه على عائلاتهم، ورغم ذلك تحاول الجماعة إجبارهم طوعاً وكرهاً على جمع التبرعات التي يستفيد منها في المقام الأول قادة الجماعة وعناصرها.

ومع إحجام السكان في صنعاء وغيرها عن التبرُّع، أعلنت الجماعة الحوثية تمديد الحملة أسبوعاً آخر، تحت مزاعم مناصرة «حزب الله» في لبنان.

وسبق للحوثيين أن أطلقوا سلسلة حملات تبرُّع مُشابهةٍ دعماً لما يسمونه «القضية الفلسطينية ولإغاثة متضررين من الكوارث الطبيعية»، لكن الأموال تذهب دائماً للمجهود الحربي ولصالح كبار قادة الجماعة ولأتباعهم وأُسَر قتلاهم وجرحاهم.

وكانت مصادر يمنية مطلعة كشفت، في أوقات سابقة، عن قيام قادة الجماعة بسرقة مبالغ طائلة، هي حصيلة ما تم جمعه من خلال التبرعات لمصلحة فلسطين، وتحويله إلى حسابات خاصة.