المغرب يتجه نحو إقرار منظومة حديثة للعدالة الجنائية

تهدف إلى الموازنة بين حماية الأمن العام وحقوق الأشخاص

مصطفى الرميد وزير العدل والحريات المغربي يستمع إلى محمد عبدو النبوي مدير الشؤون الجنائية والعفو خلال الندوة  التي نظمت في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
مصطفى الرميد وزير العدل والحريات المغربي يستمع إلى محمد عبدو النبوي مدير الشؤون الجنائية والعفو خلال الندوة التي نظمت في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

المغرب يتجه نحو إقرار منظومة حديثة للعدالة الجنائية

مصطفى الرميد وزير العدل والحريات المغربي يستمع إلى محمد عبدو النبوي مدير الشؤون الجنائية والعفو خلال الندوة  التي نظمت في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
مصطفى الرميد وزير العدل والحريات المغربي يستمع إلى محمد عبدو النبوي مدير الشؤون الجنائية والعفو خلال الندوة التي نظمت في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)

يتجه المغرب نحو إقرار منظومة حديثة للعدالة الجنائية تأخذ بعين الاعتبار تطور مسار الجريمة، والاستفادة من الوسائل التكنولوجية في مجال البحث والتحري، إلى جانب إجراءات أخرى تعزز حماية وحقوق حرية الأشخاص، ووجود توجه نحو إقرار مزيد من الشفافية، من خلال إبلاغ الرأي العام بمعطيات عامة عن الجرائم والأبحاث التي تجريها النيابة العامة.
وفي هذا السياق، كشف مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات أن مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي خضع للمراجعة في سياق الإصلاح الشامل للمنظومة القضائية في البلاد، استطاع إلى حد كبير تحقيق المعادلة الصعبة، المتمثلة في التوفيق والموازنة بين وقاية المجتمع من الجريمة وحماية أمنه واستقراره، مقابل حماية حقوق وحريات الأشخاص.
وأوضح الرميد، الذي كان يتحدث أمس في ندوة وطنية، عقدت في الرباط بحضور قضاة ومحامين وبرلمانيين وجمعيات المجتمع المدني، وممثلي القطاعات الحكومية، وخصصت لمناقشة مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية قبل إقراره، أن هذا القانون يعد من بين القوانين المرتبطة بحقوق الإنسان والوثيقة الصلة بالمحاكمة العادلة، لذا فقد تمحورت المراجعة حول توجهات أساسية، صبت في اتجاه اعتماد التوازن الضروري بين حماية الحقوق والحريات، وضمان المحاكمة العادلة، وبين حماية الأمن العام وسلامة الأشخاص والممتلكات، كما أن القانون، يضيف الوزير، سعى إلى تعزيز قرينة البراءة كمبدأ أصيل في سائر أطوار المحاكمة، وتكريس ضمانات المحاكمة العادل، سواء خلال مرحلة البحث أو التحقيق أو المحاكمة.
وأشار المسؤول المغربي إلى أن القانون تضمن إجراءات أخرى، من قبيل تقوية الضمانات المخولة للأشخاص المشتبه فيهم عبر مراجعة الضوابط القانونية للوضع تحت الحراسة النظرية (الحبس على ذمة التحقيق)، وذلك وفق معايير مضبوطة وواضحة. إلى جانب تعزيز حقوق الدفاع خلال مرحلة البحث عبر تمكينهم من الاتصال بالأشخاص الموقوفين منذ اللحظة الأولى لوضعهم تحت الحراسة النظرية، إلى جانب حضورهم بجانب الأحداث والأشخاص المعاقين أثناء الاستماع إليهم من طرف الشرطة القضائية.
وكشف الرميد أنه جرت ملاءمة آليات العدالة الجنائية مع تطورات الجريمة، عبر إقرار آليات بديلة للبحث والتحري واستغلال التقدم التكنولوجي في مكافحة الجريمة، وتعقب المجرمين. كما جرى تعزيز الثقة في محاضر الشرطة القضائية من خلال إقرار تسجيل تصريحات الأشخاص المستمع إليهم خلال فترة الوضع تحت الحراسة النظرية عبر أشرطة فيديو.
وقال الرميد إن القانون اهتم أيضا بالجانب الوقائي من خلال التنصيص على التحقق من الهوية وتنظيم إجراءاتها، بما يؤدي إلى درء وقوع الجريمة وحماية الأشخاص والممتلكات، وتوفير بدائل للطرق القضائية لحل النزاعات من خلال إقرار غرامات تصالحية في بعض الجرائم البسيطة قبل اللجوء إلى القضاء، مما سيؤدي إلى التخفيف من مشكل التضخم الذي ترضخ تحت وطأته منظومة العدالة الجنائية.
من جانبه، استعرض محمد عبد النبوي، مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل الإجراءات الجديدة التي تضمنها قانون المسطرة الجنائية، ومن أبرزها ترؤس الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض النيابة العامة، بدل وزير العدل في القانون الحالي، ونقل سلطات الوزير في الدعوى العمومية إليه، وسيقتصر دور وزير العدل في تبليغ المضامين العامة للسياسة الجنائية إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، وسيشرف الوكيل العام للملك على تنفيذ السياسة الجنائية، وتبليغها إلى الوكلاء العامين لتطبيقها وفقا للقانون. وسيكون الوكيل العام، وفق القانون، مطالبا برفع تقرير سنوي إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة، كما سيجري وضع التقرير رهن إشارة العموم.
وستخضع الشرطة القضائية طبقا للقانون لسلطة النيابة العامة وقضاء التحقيق.
ومنع القانون إعطاء تعليمات لضباط الشرطة القضائية في مهامهم القضائية من غير رؤسائهم القضائيين.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.