التورية والمجاز البصري

في تجربة الفنان التشكيلي عبد الكريم سعدون

لوحة للفنان عبد الكريم سعدون
لوحة للفنان عبد الكريم سعدون
TT

التورية والمجاز البصري

لوحة للفنان عبد الكريم سعدون
لوحة للفنان عبد الكريم سعدون

احتضنت المكتبة الإسلامية بمدريد لوحة «وجوه» للفنان التشكيلي العراقي عبد الكريم سعدون المقيم في السويد حالياً علما بأن هذه المكتبة التابعة «لوكالة التعاون الدولي» قد اقتنت لوحات أخرى لفنانين مهمين من جنسيات مختلفة وقبِلت في حالات نادرة جداً بعض الأعمال الفنية المتفردة كهدية من مبدعيها الذين رغبوا في تعليق أعمالهم الفنية على جدران هذا الصرح الثقافي الذي يعتبر غاية لكل فنان جاد يفكر في إيصال ثيمته، وتقديم خطابه البصري إلى الشريحة المثقفة التي ترتاد هذا المكان، وتتفاعل مع أيقوناته الفنية الجذّابة، تماماً كما فعل عبد الفنان عبد الكريم سعدون، حيث أهدى لوحته ضمن شروط مُحددة وهي أن تُوثّق بشكل رسمي بالنص والصورة، وأن تُدرج في كتالوغ المكتبة، وتُعرَض في صالة القراءة، وهي للمناسبة العمل الفني العراقي الثاني في هذه المكتبة بعد لوحة «لفظ الجلالة» التي اقتناها القائمون على المكتبة عام 1968 من الفنان والحفّار العراقي المشهور فائق حسين، المولود في الناصرية عام 1944، والذي اشتهر برسم الرؤوس المسجونة في مكعبات زجاجية، تاركاً بصمةً قوية في المشهد التشكيلي العراقي.
على الرغم من أهمية الاحتفاء بهذه اللوحة الفنية في المكتبة الإسلامية بمدريد إلا أن هدف المقال يذهب أبعد من الحدود الاحتفائية العابرة، فهذا العمل الفني المتفرد يمثل نقطة فاصلة في حياة الفنان عبد الكريم سعدون، بل هو يؤشر على مرحلة انتقالية في عموم تجربته الفنية التي غادر فيها فن الكاريكاتير ورسوم الأطفال ليشرع في رحلته الجديدة التي تتمثل بالرسم والنحت معاً. ففي عام 2001 نُظم له في «قاعة أكد» ببغداد معرض شخصي مهم ضمّ خمسين لوحة تتمحور على ثيمة «الوجوه المكمّمة الأفواه» ولكنه لم يستطع أن يتكلم بالفم الملآن ويُفصح عن الفكرة الأساسية صراحة فلا غرابة أن يلتجئ إلى التورية Periphrasis التي تحتمل معنيين أو قراءتين، الأولى قريبة إلى الذهن لكنها غير مقصودة كأن يقول «وجوه أعرابية ملثمة تتقي الغُبار»، والثانية بعيدة عن الذهن لكنها مقصودة حينما يقول «وجوه مكمّمة الأفواه» ليشير جهاراً نهاراً إلى القمع، وكبت الحريات، ومصادرة الحقوق الفردية والجماعية، والغرض من هذه التورية الفنية هو إثارة الذهن وتأجيجه، والتملص من المسؤولية القانونية في الوقت ذاته. ولو دققنا النظر في لوحة «وجوه» لوجدناها تتألف من أربعة فيكَرات تشخيصية مُعبِّرة، ثلاثة منها لكائنات بشرية مُكمّمة الأفواه، والفيكَر الرابع هو الهلال في إشارة واضحة إلى الموروث العربي والإسلامي المستقر في ذاكرتنا الجمعية. وبما أن عبد الكريم يَعتبر الفنان المبدع «مُركِّب علامات» فيتوجب علينا أن نفكِّك العلامات البصرية الأخرى المُرافقة للفيكَرات الأربعة التي استجارت بالتورية الفنية اتقاء لأعين المتربِّصين. وإذا اعتبرنا هذه الفيكَرات متناً للوحة فإن هوامشها هي العلامات الرمزية التي يمكن أن نجدها في وشوم النساء الريفيات والبدويات تحديداً.
لا يراهن الفنان في هذه اللوحة على الشكل فقط وإنما على المضمون الذي ترجّحت كفتهُ منذ البدء ولا غرابة في ذلك حينما يعرف المتلقي بأن خلفية عبد الكريم كاريكاتيرية تهمهُ الفكرة اللاذعة التي توخِز المُشاهد وتتمنى عليه أن يلتقط التلميحات والإشارات الدّالة التي تتكشّف أمامه رويداً رويدا ويصل في خاتمة المطاف إلى حلّ اللغز المضموني القائم على مفارقة فنية تحتاج إلى نوع من التحدّي الذهني الذي لا يخلو من متعة بصرية مريحة للنظر المُستَفزّ والأعصاب المشدودة.
دعوني أستلف من الفنان نفسه فكرة «الانتقال الأسلوبي» التي تحدث عنها بعمق ووضوح في الفيلم الوثائقي المعنون «عبد الكريم سعدون والطفولة المُستعادة» الذي يتمحور حول معرض 2001 تحديداً حيث يقول في سياق حديثه إنه انتقل من إبراز الخط على حساب اللون تارة، إلى اختزال الجسد وتسطيحه تارة أخرى، ثم العودة إلى استعمال اللون في إظهار بنية الجسد كعلامة رئيسية مُختَزلة برأس فقط لكنه يمثل الجسد برمته» ويؤشر على هذه الانتقالات الأسلوبية منذ أواسط الثمانينات، مروراً بأوائل التسعينات، وانتهاء بمعرض 2001. لا أحد يشكّ في أهمية الرأس، ودلالته التعبيرية التي قد تغنينا في بعض الحالات عن تعزيز العمل الفني برموز إضافية ويكفي هنا أن نشير إلى «الرؤوس المقلوبة» التي يشتغل عليها الفنان علي طالب، أو «الرؤوس» التي حبسها الفنان فائق حسين، مُستغنياً عن بقية أعضاء الجسد. ما أعنيه أن هذه الفكرة ليست جديدة، وقد تمّ الاشتغال عليها من قبل فنانين كثيرين، ومع ذلك فنحن نعوّل على المقاربات الفنية التي لم يطرقها أحد من قبل بذريعة أن «الأفكار مُلقاة على الأرصفة» وبإمكان الجميع أن يلتقطوها ويتعاملون معها بالطريقة التي يرونها مناسبة، وهذا ما فعله بالضبط عبد الكريم سعدون المنهمك بالتجريب منذ أربعة عقود تقريباً، مستفيداً من شطحات الكاريكاتير، ورصانة التصميم، وجمالية الخط العربي، ورسوم الأطفال التي تعزز عمله الفني المعاصر.
يُدرك عبد الكريم أن مرجعيته التشكيلية تعود إلى الموروث العراقي خاصة، والعربي والإسلامي بشكل عام لكن هذه الذاكرة الشرقية لم تمنعه من التلاقح مع الفنون الأوروبية أو النهل منها، كما فعل مع أعمال ساي تومبلي، الفنان الأميركي الشهير الذي عُرف بأسلوبه الغرافيتي الموغل في الحداثة، والمدهش في عفويته الدقيقة، والذي يلقّبه البعض بالوريث الشرعي للفنان التعبيري التجريدي جاكسون بولوك. لعل عبد الكريم انتبه إلى أهمية التكرار في أعمال تومبلي، سواء في حركته اللولبية المتقنة التي أفضت إلى بيع لوحة «بلا عنوان» بنحو سبعين مليون دولار، أو في تكرار الوحدات المتعددة في عمل واحد، وهذا ما فعله عبد الكريم في كثير من أعماله الفنية التي طوّعها لأن تستقبل هذه الوحدات المتكررة الموروثة كالمثلثات والدوائر وبقية الأشكال الهندسية التي تخدم غرض اللوحة وهدفها العميق الذي لا يجد حرجاً في استساغة التقنيات الأوروبية التي تروّض الثيمات الغريبة والبالغة التعقيد. وفي الإطار ذاته يمكن تلمّس آثار أنطوني تابيس في لوحات عبد الكريم الذي يستدعي الخربشات الغرافيتية المرسومة أو المحفورة على الجدران، مُحاكياً إيّاها على السطوح التصويرية لأعماله الفنية التي تحمل بصمته الروحية الخاصة التي يغذّيها من مرجعيات متعددة. وفي الإطار ذاته يمكن الإشارة إلى التعالق البصري بينه وبين كثير من لوحات شاكر حسن آل سعيد سواء الحروفية منها أو الأعمال الحداثية الأخرى التي تجمع بين بساطة الخط وقوته، وعفوية التعاطي مع الأفكار والنصوص البصرية، وطريقة تقديمها إلى المتلقين الذين يتقبلون التيارات الفنية الحديثة، ويندمجون معها بسرعة خاطفة لأنهم خرجوا من حاضنة التجديد المتواترة.
لا يستطيع المبدع في الفنون القولية وغير القولية أن يدير ظهره إلى تراثه الشعبي، أو ماضيه الشخصي، أو ذاكرته البصرية التي تنبجس منها العلامات، والفيكَرات الهُلامية، والأشكال المموهة التي تجد طريقها إلى لوحة عبد الكريم سعدون المنهمك في التجريب كأنه يبحث عن شيء ضائع، وسوف يظل متنقلاً بين الخط واللون والثيمة مُنقّباً في خزينه البصري عن علامات، ورموز مفقودة يبذل قصارى جهده من أجل إعادتها إلى الأنساق البصرية الصحيحة التي رآها في طفولته البريئة وظلّ يستعيدها عن قصد كلما مرقت السنوات إلى الوراء.



معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)
يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)
TT

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)
يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)

ما إنْ تدخُل معرض «المجهول» للفنان التشكيلي المصري أحمد مناويشي، حتى تستوقفك وجوه لوحاته، بريشة حرّة تستكشف ملامحَ وأحداثاً غامضة. أعماله تبحث عن مشاعر عميقة وعلامات استفهام تحضّك على التحليل وفكّ الألغاز.

ينقسم معرض مناويشي في غاليري «آرت ديستريكت» بمنطقة الجميزة البيروتية إلى قسمين، من بينها ما يروي حكايات أشخاص اختبأت مشاعرهم تحت الأقنعة الواقية من جائحة «كورونا»، وأخرى رسمها حديثاً لمَن عاشوا الحرب الأخيرة في لبنان.

مع هذا المعرض، يستعيد غاليري «آرت ديستريكت» عافيته. فالحرب منعته قسرياً من إقامة نشاطات ثقافية. ومن خلال «المجهول»، يعلن صاحبه المصوّر الشهير ماهر عطّار انطلاق الموسم الفنّي في الغاليري.

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)

في الجزء الأول من مجموعة أحمد منشاوي، تصطفُّ سلسلة لوحات صغيرة، تصوِّر جميعها وجوهاً يعتريها القلق. فالفنان المصري لفتته ملامح الإنسانية في زمن «كورونا». كان يرى الإنسان يمشي مرتدياً القناع خوفاً من الإصابة بالعدوى. وهو ما حضَّه، خلال إقامته في بروكسل، على تخيّل ملامحه الأصلية. وفي 30 لوحة يئنُّ أصحابها تحت وطأة أحاسيسهم، يُترجم أفكاره. مجموعة من النساء والرجال تصرخ بصمت، فتُخرج غضبها وقلقها وحزنها عابسةً في معظم الوقت.

تقنيته المرتكزة على الأكليريك تتدخَّل فيها أحياناً أنامل الفنان بعيداً عن ريشته (الشرق الأوسط)

يوضح مناويشي لـ«الشرق الأوسط»: «بدأتِ التجربة عندما كنتُ في بروكسل عام 2021. كانت مفاعيل الجائحة لا تزال تسيطر على حياتنا. جميعنا اعتقدنا بأنّ هذه الحقبة أبدية، كأنَّ سوادها لا حدود له. فرحتُ أتخيّل الناس الذين أراهم كأنهم خلعوا أقنعة الوقاية ورسموها. جميعهم كانوا مجهولين بالنسبة إليّ، ولا تربطني بهم أي علاقة. عندما عدتُ إلى لبنان، انتابتني الأحاسيس عينها. كانت الحرب محتدمة، وكان الناس قلقين، لا يعرفون مصيرهم. فرأيتُ بوضوح المجهول الذين يتخبَّطون فيه. حالة الترقب هذه حرّضت ريشتي على التحرُّك من جديد. ومن خلال تلك الحالتين، تناولتُ موضوع (المجهول)، إنْ من ناحية المشاعر أو المصير».

الإحساس بالتأرجُح في طريق لا رؤية واضحة لنهايتها، يُترجمه أحمد مناويشي. ويعترف من خلال ريشته بأنّ الانتظار مخيف، فكيف إذا كانت الأجواء التي يعيشها الناس غامضة؟

تحمل وجوه لوحات مناويشي أسئلة مختلفة تتعلّق بقلق المصير (الشرق الأوسط)

في واحدة من لوحاته، يشير إلى شخصيات مجموعة «أنونيموس» العاملة في مجال «النضال» عبر الاختراق البرمجي. راجت أعمالها المثيرة للجدل عام 2003، فمثَّلت مفهوماً لمستخدمي الإنترنت المجهولين. حينها، عَبَروا من العالم الواقعي إلى الوهمي في أعمال تتعارض مع الرقابة. اخترقوا مواقع حكومية عدّة، وأنظمة كومبيوتر أهم شركات الحماية. وولَّدوا «بلبلة» على أصعدة مختلفة، وهم يرتدون أقنعة تُعرَف بـ«جاي فوكس».

يتابع الرسام المصري: «قناع (الأنونيموس) كان الأشهر في القرن الحالي، فرغبتُ بالربط بينه وبين عنوان معرضي، لتُولد هذه اللوحة الوحيدة عن تلك المجموعة. مبدأ هؤلاء يرتكز على الثورة ورفض حُكم الدولة العميقة والسلطات العليا».

لم يعنون مناويشي لوحاته بأسماء معيّنة، فتركها مجهولةً. يقول: «رغبتُ في أن يسمّيها ناظرها كما يشتهي. أرنو إلى هذا التفاعل المباشر بين المُشاهد واللوحة». وهو يميل إلى المدرسة التعبيرية في الفنّ التشكيلي: «أحبُّ حالة الحركة في لمسات اللوحة وموضوعها، وأرغب في التواصل معها القائم على الشعور بأنها حيّة، فلا تكون باهتة تمرّ من دون تَرْك أثرها على ناظرها. لذلك، تسير ريشتي بشكل غير مُنتظم باحثةً عن نَفَس لا ينقطع؛ ومرات تتدخَّل أناملي مباشرة، فأبتعدُ عن ريشتي لتخرُج أعمالي من رتابتها، وتكسر تلك القدرة على التحكُّم التقليدي بمشاعر مُشاهدها».

تؤلّف الألوان التي يستعملها مناويشي حالةً بذاتها. فهو جريء باختيارها زاهيةً مرّات؛ ودافئة أخرى. يُحدِث زوبعة بألوان تبدو ثائرة، فتُعبّر عن الظلم والقلق والعنف: «مشاعر الإنسانية لا يمكن حصرها في بوتقة واحدة. وهذه الألوان تعبّر عن المشهدية المدفونة في أعماقنا، فتُبرز التنوّع في أحاسيس تنتابنا وفيها كلّ الاحتمالات. وهنا يأتي دور المتلقّي الذي يرى اللوحة من وُجهة نظره، ويُلاقي ما يمثّل تفكيره ومشاعره في أحد هذه الألوان».

ينقسم «المجهول» إلى قسمين من الأعمال التعبيرية (الشرق الأوسط)

في قسم لوحات الحرب، تأخُذ أعمال الرسام أحمد مناويشي منحى آخر، فيكبُر حجمها بشكل ملحوظ لتضع تفاصيل الوجه تحت المجهر. يعلّق: «هذه المساحات الكبيرة تزوّدنا بفرصة للتوضيح بشكل أفضل. فالعبور من زمن (كورونا) إلى زمن الحرب، كان لا بدَّ أن يحمل التطوّر. واعتمدتُ هذا التغيير؛ لئلا أقع في التكرار والتشابُه».

وأنت تتجوَّل بين أقسام معرض «المجهول»، تستوقفك ملامح وجه رجل حائر، ووجه امرأة تنظر إلى الغد بعتب. وأحياناً تلمس صلابة وجه آخر على شفير هاوية. وفي أخرى، تحملك ملامح رجل تلقّى صفعات الحياة بعينين حزينتين. لكنَّ جميع الشخصيات لا تبدو مستسلمة لقدرها، كأنها تقول: «وماذا بعد؟» على طريقتها.

يبرُز العنصر الأنثوي بوضوح في مجموعة «المجهول». وهنا كان لا بدَّ للرسام التشكيلي أن يعترف: «النساء لا يعرفن إخفاء أحاسيسهن ببراعة. مشاعرهن تخرج بقوة. لذلك نكتشفها بصورة أسهل من تلك الموجودة عند الرجل. فالأخير يحاول أن يُظهر صموداً تجاه مشاعره. ويفضّل ألا تُقرأ بسهولة».

يؤكد أحمد مناويشي أنه لا يحبّ تقييد نفسه بأسلوب رسم واحد. ويختم: «أفضّل التنويع دائماً، وعدم طَبْع لوحاتي بهوية واحدة كما يحبّ بعضهم. أُشبّه نفسي بروائي يؤلّف القصص ليستمتع بها القارئ، فلا يكرّر نفسه أو يقدّم ما يتشابه. ما أنجزه اليوم في عالم فنّ (البورتريه)، لم أقاربه مِن قبل. هو نافذة للتعبير. وهذا الاختلاف في الأسلوب يُحفزّني على دخول مدارس فنّية مختلفة. ما يهمّني هو تقديمي للناس أعمالاً يستمتعون بها فتولّد عندهم حبَّ الاكتشاف».