عشرات القتلى والجرحى بقصف على الغوطة الشرقية لدمشق

معارك بين «داعش» وفصائل معارضة شمال سوريا

قصف لطيران النظام على بلدة عربين شرق دمشق أمس (مركز الغوطة الإعلام)
قصف لطيران النظام على بلدة عربين شرق دمشق أمس (مركز الغوطة الإعلام)
TT

عشرات القتلى والجرحى بقصف على الغوطة الشرقية لدمشق

قصف لطيران النظام على بلدة عربين شرق دمشق أمس (مركز الغوطة الإعلام)
قصف لطيران النظام على بلدة عربين شرق دمشق أمس (مركز الغوطة الإعلام)

عاد القصف العنيف، يوم أمس، إلى الغوطة الشرقية بريف دمشق بعد هدوء ساعات، يوم السبت، وسجّل سقوط ما لا يقل عن مائة قتيل وجريح من المدنيين، بينما استمرّت الفصائل المعارض في استهداف العاصمة بالقذائف التي وصل عددها إلى 15 قذيفة ما أدى أيضاً إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى.
أتى ذلك في وقت شنّ تنظيم فيه داعش هجوماً عنيفاً على مواقع للفصائل في ريف إدلب الجنوبي، في محاولات مستمرة لتوسيع نطاق سيطرته في المنطقة.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن تواصل قوات النظام والطائرات الحربية استهدافها لغوطة دمشق الشرقية، لافتاً إلى أن ما يزيد على 42 غارة وصاروخاً وقذيفةً مدفعيةً طالت مناطق في حرستا وحمورية وعربين ودوما والنشابية وكفربطنا وسقبا وجسرين، ما أدى إلى سقوط نحو مائة قتيل وجريح منذ معاودة الطائرات الحربية قصفه بعد عصر يوم السبت، وذلك بعد اشتداد الحملة العسكرية على الغوطة في الأسبوع الأخير الذي شهد أكبر حصيلة خسائر بشرية في خمسة أيام منذ أواخر عام 2014، بحيث وصل عدد القتلى والجرحى إلى ألف شخص بينهم 250 قتيلاً.
وتردّ الفصائل المعارضة في ريف دمشق على قصف الغوطة بإطلاق قذائف على العاصمة، حيث هزت أمس انفجارات ناجمة عن استهدافها بنحو 15 قذيفة، ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان سقوطها على مناطق في ساحة التحرير وساحة الأمويين ومحيط جسر الرئيس ومنطقة القصاع منطقة العباسيين، وأعلن عن مقتل شخصين وإصابة آخرين بجروح.
وفي الشمال، جدّد تنظيم داعش محاولاته التوسعية في ريف إدلب حيث نفذ يوم أمس هجوماً جديداً على مناطق خاضعة لسيطرة «هيئة تحرير الشام» والفصائل المعارضة.
ونقل موقع «الدرر الشامية» المعارضة عن مصادر ميدانية، قولها إن «تحرير الشام» من قتل وأسر 5 عناصر من «داعش» خلال التصدي لمحاولة تقدمه في ريف إدلب الجنوبي. بدورها، ذكرت وكالة «إباء» الناطقة باسم «جبهة النصرة» أن 3 عناصر من التنظيم قُتلوا وأُسر آخران، بعد ملاحقة مقاتلي «هيئة تحرير الشام» لعناصرهم، وتمشيط كتلة البيوت الأولى على الجبهة الشرقية لقرية أم الخلاخيل بعد تسللهم إليها.
ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان معارك عنيفة منذ فجر أمس بين عناصر «داعش» من جانب، والفصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام من جانب آخر، إثر هجوم عنيف لعناصر التنظيم الذين يسعون لتوسعة نطاق سيطرته في الريف الجنوبي الشرقي لإدلب، عبر التقدم من محاور اللويبدة وأم الخلاخيل، على حساب الفصائل، بعدما منحته قوات النظام ممراً أوصلها من مناطق انسحابه في ريفي حماة الشمالي الشرقي وحلب الجنوبي، إلى ريف إدلب الجنوبي الشرقي، مقابل انسحابه من أكثر من 80 قرية، بحسب «المرصد»، مشيراً إلى عمليات ترافقت مع قصف متبادل على محاور التماس بين الطرفين اللذين خسرا المزيد من عناصرهما على جبهات القتال، وذلك بعدما كان وصل عدد قتلى التنظيم يوم أول من أمس إلى خمسين شخصاً.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.