«قوش» يعود رئيساً لمخابرات السودان بعد عقد من إقالته بتهمة «الانقلاب»

{قوش} يؤدي اليمين أمام البشير في الخرطوم أمس (المركز السوداني للخدمات الصحافية)
{قوش} يؤدي اليمين أمام البشير في الخرطوم أمس (المركز السوداني للخدمات الصحافية)
TT

«قوش» يعود رئيساً لمخابرات السودان بعد عقد من إقالته بتهمة «الانقلاب»

{قوش} يؤدي اليمين أمام البشير في الخرطوم أمس (المركز السوداني للخدمات الصحافية)
{قوش} يؤدي اليمين أمام البشير في الخرطوم أمس (المركز السوداني للخدمات الصحافية)

أربكت إعادة الفريق أول صلاح عبد الله الشهير بـ«صلاح قوش» إلى منصبه مديراً لجهاز الأمن والمخابرات السوداني، حسابات المحللين والسياسيين، معارضين وحكوميين، وفاجأتهم. وأثارت أسئلة وتكهنات بتعديلات وزارية كبيرة في الحكومة، يرجح أن يعلنها الرئيس البشير في غضون ساعات، وتتضمن حل الحركة الإسلامية.
وقبل صدور هذا المرسوم، لم يكن أحسن المتفائلين يتوقع تعيين الرجل مجدداً مديراً للجهاز الحساس، أو أن يعود إلى أي منصب عام، بعد أن أقيل في 2009 من دون إبداء أسباب، وبعد اتهامه بتدبير «انقلاب» ضد الرئيس عمر البشير، وسجنه وتقديمه لمحاكمة، وإطلاق سراحه بعفو رئاسي ابتعد بعده عن الأضواء.
وفاجأ البشير السودانيين بإعادة رجل أمنه القديم إلى منصبه. وأوردت وكالة الأنباء الرسمية «سونا» خبراً مقتضباً، أمس، أفاد بأن الرئيس أصدر مرسوماً بتعيين الفريق أول مهندس صلاح عبد الله محمد صالح الشهير بـ«قوش» مديراً لجهاز الأمن والمخابرات الوطني. ولم تقدم تفاصيل أكثر عن خلفيات التعيين أو عن مصير رئيس الجهاز المُقال الفريق أول محمد عطا المولى عباس.
وفور تعيينه، أدى قوش اليمين الدستورية أمام الرئيس البشير، بحضور رئيس القضاء حيدر أحمد دفع الله، ووزير شؤون الرئاسة فضل عبد الله فضل، ومدير مكاتب الرئيس حاتم حسن بخيت.
وفور صدور قرار عودة قوش، راجت معلومات عن تعديلات وزارية كبيرة ينتظر أن يقوم بها البشير، تطول عدداً من كبار مساعديه، على خلفية الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد وتدهور سعر العملة الوطنية، والغلاء الطاحن وارتفاع أسعار الخبز والسلع الرئيسية الأخرى.
ونظمت قوى معارضة الشهر الماضي احتجاجات ومظاهرات على ارتفاع الأسعار، خصوصاً سعر الخبز، واجهتها الشرطة والأجهزة الأمنية بعنف لافت، مستخدمة العصي والهراوات والغاز المسيل للدموع.
ويعتقل جهاز الأمن منذ الشهر الماضي، عدداً من قادة المعارضة والنشطاء السياسيين والمدنيين، على خلفية تلك الاحتجاجات، ومن أبرزهم سكرتير «الحزب الشيوعي»، ونائب رئيس «حزب الأمة» المعارض، ورئيس «حزب المؤتمر»، قبل أن يفرج عن عدد منهم الأسبوع الماضي.
وتدرج قوش في أجهزة الأمن والمخابرات السودانية، حتى أصبح مديراً عاماً للجهاز قبل أن يقال منه في عام 2009، ويعين مستشاراً أمنياً، ثم يتهم بتدبير انقلاب عسكري بالتشارك مع ضباط في الأمن والجيش.
وفي 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، أعلن وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة أحمد بلال عثمان في مؤتمر صحافي، اعتقال 13 ضابطاً في الجيش وجهاز الأمن لضلوعهم في محاولة انقلابية بقيادة قوش، وبمعاونة قائد الحرس الرئاسي الأسبق العميد محمد إبراهيم، وأن أجهزة الأمن أفلحت في إحباطها قبل ساعة الصفر.
والرجل الذي دونت لصالحه سابقة رئاسة جهاز الأمن السوداني لمرتين في ملابسات غامضة، انتمى إلى الحركة الإسلامية باكراً، وطوال تاريخه ظل قريباً من الملفات ذات الطابع الأمني، فمنذ كان طالباً في جامعة الخرطوم، أوكلت إليه مهمة إدارة «جهاز معلومات» تنظيم الإسلاميين المعروف بـ«الاتجاه الإسلامي»، الذي أفلح في عهده أن يكون أقوى تنظيم سياسي طلابي.
وبعد انقلاب 30 يونيو (حزيران) الذي دبره الإسلاميون السودانيون بزعامة الراحل حسن الترابي، وأتى بالعميد عمر البشير إلى القصر الرئاسي، ألحق قوش بجهاز المخابرات الذي أسسه النظام الجديد، مدفوعاً بخلفيته وتجربته في أجهزة العمل السري الخاصة بالحركة الإسلامية.
وأخذ الرجل لقبه «قوش» من اسم أستاذ رياضيات هندي شهير كان يدرس لطلاب الهندسة في جامعة الخرطوم، ولا يعرف ما إن كان اللقب أطلق عليه لذكائه المقارب لذكاء أستاذه، أم أن اللقب أتاه نوعاً من أنواع السخرية، لكنه في النهاية أصبح يعرف بـ«صلاح قوش».
ساعدته خبراته في التدرج في جهاز الأمن، فترقى تباعاً إلى أن وصل إلى منصب نائب مدير العمليات، بيد أن ترقياته تعرضت لانتكاسة، إثر اتهامه وآخرين بالضلوع في محاولة «اغتيال» الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في أديس أبابا، فأبعد عن منصبه، مديراً لمصنع «اليرموك» للصناعات الحربية الذي دمره الطيران الإسرائيلي بغارة جوية في أكتوبر (تشرين الأول) 2014.
وفي رمضان 1999، اختار قوش الانحياز إلى معسكر البشير ضد معسكر الترابي. ويتردد أنه لعب دوراً رئيساً في إبعاد أنصار الترابي داخل الأجهزة الأمنية، وأشرف شخصياً على اعتقال الترابي والقيادات الإسلامية الموالية له، بعد أن وجهت إليهم تهمة محاولة تدبير انقلاب عسكري.
أما قوى المعارضة، فتصفه بأنه رجل الأمن الأكثر فظاظة ووحشية، فيما تتهمه دوائر في الحكم بتحويل جهاز الأمن إلى دولة داخل الدولة، بسيطرته على النشاط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والرياضي في البلاد.
خارجياً، يحتفظ قوش بعلاقات متشعبة مع أجهزة أمن واستخبارات خارجية في الإقليم والعالم، وأهمها الاستخبارات المركزية الأميركية التي تعاون معها في برامج مكافحة الإرهاب، من دون أن يتأثر هذا التعاون بإدراج اسم السودان ضمن قائمة وزارة الخارجية الأميركية للدول الراعية للإرهاب.
بلغت علاقة قوش بالمخابرات الأميركية أن دعته إلى زيارة معقلها في لانغلي. ورغم أن التسريبات التي خرجت بعد الزيارة أشارت إلى أنها لم تكتمل، لكن راج عنها أنها محاولة لإعداد الرجل لخلافة البشير. وبلغت شائعات تلك الفترة أن محاولة الانقلاب التي اتهم بتدبيرها كانت بدعم أميركي، وأن ترتيبها تم منذ ذلك التوقيت.
ولم يشفع كل هذا للرجل، إذ أدخل المعتقل الذي أدخل فيه خصومه السياسيون، لكن الرئيس البشير أصدر عفواً عن حليفه السابق الذي كان يخضع لمحاكمة بتهمة تدبير انقلاب ضد الحكم، بعد أن خضع لاعتقال مطول، تعرضت حالته الصحية خلاله إلى اضطرابات، ثم فاجأ الناس بإعادته «سالماً» إلى معقله القديم في الجهاز الذي ظل بعيداً عنه لقرابة عقد من الزمان.
ولد صلاح عبد الله قوش بقرية بلل في ضواحي محلية نوري بشمال السودان، معقل عشيرته الشايقية، ثم انتقل إلى مدينة بورتسودان شرق البلاد، ودرس فيها المرحلة الثانوية، وانتمى هناك إلى الحركة الإسلامية، وتخرج في كلية الهندسة بجامعة الخرطوم، ثم عمل مهندساً مدنياً في شركات الإسلاميين قبل الانقلاب.



مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة... والدبابات تتوغل في خان يونس

مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة (أ.ف.ب)
مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة... والدبابات تتوغل في خان يونس

مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة (أ.ف.ب)
مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة (أ.ف.ب)

توغلت دبابات إسرائيلية في الأحياء الشمالية في خان يونس بجنوب قطاع غزة، اليوم (الأربعاء)، وقال مسعفون فلسطينيون إن ضربات جوية إسرائيلية قتلت 47 شخصاً على الأقل في أنحاء القطاع.

ووفقاً لـ«رويترز»، قال سكان إن الدبابات توغلت في خان يونس بعد يوم واحد من إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء جديدة، قائلاً إنه يجري إطلاق صواريخ من المنطقة.

ومع سقوط قذائف بالقرب من المناطق السكنية، فرّت الأسر من ديارها واتجهت غرباً نحو منطقة أُعلن أنها منطقة إنسانية آمنة في المواصي.

وقال مسؤولون فلسطينيون ومن الأمم المتحدة إنه لم تعد هناك مناطق آمنة في غزة، وإن معظم سكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة نزحوا بضع مرات.

وفي وقت لاحق من اليوم (الأربعاء)، قال مسعفون إن ضربة جوية إسرائيلية على منطقة خيام للنازحين في المواصي قتلت 17 شخصاً على الأقل وأدت إلى إصابة عدد كبير.

وقال الدفاع المدني الفلسطيني إن الهجوم أدى إلى اشتعال نيران في خيام تؤوي عائلات نازحة.

وأضاف أن غارة جوية إسرائيلية أخرى أصابت 3 منازل في مدينة غزة، ما أسفر عن مقتل 10 أشخاص على الأقل وإصابة عشرات آخرين. وما زالت عمليات الإنقاذ مستمرة لانتشال آخرين مدفونين تحت الأنقاض.

وقال مسعفون إن 11 شخصاً قُتلوا في 3 غارات جوية على مناطق في وسط غزة، بينهم 6 أطفال ومسعف. وأضافوا أن 5 من القتلى لقوا حتفهم بينما كانوا ينتظرون في طابور أمام أحد المخابز.

وأضاف المسعفون أن 9 فلسطينيين آخرين قُتلوا بنيران دبابة في رفح بالقرب من الحدود مع مصر.

ولم يدلِ الجيش الإسرائيلي حتى الآن بتعليق على تقارير المسعفين.

وقال حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة، إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على المستشفى لليوم الخامس على التوالي، ما أدى إلى إصابة 3 من أفراد الطاقم الطبي، أحدهم على نحو خطير، مساء الثلاثاء.

ضربات طائرات مسيرة

قال أبو صفية: «الطائرات المسيرة تسقط قنابل معبأة بالشظايا التي تصيب كل مَن يجرؤ على التحرك، الوضع حرج للغاية».

وقال سكان في 3 بلدات؛ هي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجّرت عشرات المنازل.

ويقول الفلسطينيون إن الجيش الإسرائيلي يحاول إبعاد الناس عن الطرف الشمالي لقطاع غزة من خلال عمليات الإخلاء القسري والقصف بهدف إنشاء منطقة عازلة.

وينفي الجيش الإسرائيلي هذا ويقول إنه عاد إلى المنطقة لمنع مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) من إعادة تجميع صفوفهم في المنطقة التي أخلاها منهم قبل ذلك.

في سياق متصل، أفاد تلفزيون «الأقصى» الفلسطيني بمقتل 25 شخصاً في قصف إسرائيلي على مربع سكني في مدينة غزة.

وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية إن طائرات حربية إسرائيلية قصفت منزلاً في محيط شارع النفق بحي الشيخ رضوان في شمال المدينة.

كما قال مسؤول صحي فلسطيني إن هجوماً إسرائيلياً على مخيم في غزة أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 21 شخصاً.

وقال عاطف الحوت، مدير مستشفى ناصر في مدينة خان يونس جنوب القطاع، إن الهجوم أسفر أيضاً عن إصابة 28 شخصاً بجروح.

وذكرت القوات الإسرائيلية أن طائراتها استهدفت قياديين في «حماس»، «متورطين في أنشطة إرهابية» في المنطقة. وأضاف أن الغارة تسببت في حدوث انفجارات ثانوية، ما يشير إلى وجود مواد متفجرة في المنطقة.

ولم يكن من الممكن تأكيد الادعاءات الإسرائيلية بشكل مستقل؛ حيث إن الغارة يمكن أن تكون قد أشعلت وقوداً أو أسطوانات غاز طهي أو مواد أخرى في المخيم.