الرئاسة التونسية تمدد حالة الطوارئ شهراً

TT

الرئاسة التونسية تمدد حالة الطوارئ شهراً

دخل أمس قرار الرئيس التونسي القاضي بتمديد حالة الطوارئ حيز التنفيذ، الذي سيمتد إلى 11 مارس (آذار) المقبل، في ظل تساؤلات وجدل سياسي وأمني حاد حول حقيقة الإرهاب في تونس، بعد إدراج البرلمان الأوروبي تونس ضمن قائمة الدول الأكثر عرضة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وكانت الرئاسة التونسية قد أعلنت حالة الطوارئ لأول مرة إثر التفجير الإرهابي، الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي وسط العاصمة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، وأودى بحياة 12 عنصرا من الأمن الرئاسي.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر أمنية أن عدد الإرهابيين الموجودين في السجون على خلفية قضايا ذات صبغة إرهابية بلغ حتى حدود نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي 1270 متهما، موضحة أنه صدرت في حق 190 منهم أحكام قضائية، في حين ما يزال 1080 موقوفا في السجون على ذمة التحقيقات القضائية بشأن تهم يرتبط أغلبها بالانضمام إلى تنظيم إرهابي.
من جهة ثانية، كشف لطفي براهم، وزير الداخلية، أمس خلال جلسة مساءلة أمام البرلمان عن وجود حالات كثيرة لشبهات الفساد التي شابت المؤسسة الأمنية خلال السنوات الماضية. وقال إن ما بين 400 و500 مسؤول في الوزارة تحوم حولهم شبهات فساد، وأنهم باتوا موضوع متابعة من قبل النيابة العامة.
وشدد لطفي على استمرار وزارة الداخلية في متابعة ملفات الفساد، مهما كانت رتب ووظائف المسؤولين، مبرزا أن الوزارة لا تتوانى عن محاسبة كل من ثبتت إدانته من العاملين في مختلف الأسلاك، خاصة ممن ثبت تورطهم في قضايا فساد إداري ومالي.
وبسؤال الوزير عن نشاط شركة «بلاك ووتر» الأجنبية الخاصة بحماية الأشخاص فوق الأراضي التونسية، أجاب براهم بالقول إن وزارة الداخلية فتحت تحقيقا في الموضوع ولم تصل إلى أي نتائج، موضحا أن هذه الشركة تفتقر إلى سجل تجاري باسمها ولا يوجد لها أي نشاط يتعلق بحماية الأشخاص أو حماية المواد الثمينة، ونفى بشكل قاطع التحاق أي رجل أمن تونسي متقاعد بهذه الشركة الأجنبية، كما أن الشركة المذكورة لم ترسل أي فرد من أعوانها إلى تونس، على حد تعبيره.
وكان تحالف الجبهة الشعبية اليساري، المعارض، قد قدم خلال شهر نوفمبر الماضي سؤالا كتابيا إلى وزير الداخلية، حول وجود شركة «بلاك ووتر» في تونس، وهي شركة أمنية أميركية شاركت في الحرب على العراق. وطلبن الجبهة توضيحات حول عدد الموظفين الذين تدرّبهم هذه الشركة الأمنيّة وعلاقاتهم بأشخاص يتولّون تجنيد الموظفين على حد قولها.
وبخصوص عقود العمل الوهمية في الخارج، أوضح براهم أن المؤسسة الأمنية تتعامل بشكل يومي مع الشركات والمؤسسات، التي تبيع الأوهام للراغبين في العمل على حد تعبيره، مشيرا إلى انتشار هذا النوع من الشركات في البلاد، لكن بعد الكشف مؤخرا عن أربع شركات تنشط في هذا المجال تم توقيف أصحاب هذه الشركات والوسطاء وإحالتهم إلى القضاء. وفي هذا السياق، بين وزير الداخلية أن الوزارة تلقت مراسلات من السفارة التونسية في قطر تفيد بتقديم تسعة شبان تونسيين شكاوى تتعلق بتعرضهم إلى عملية احتيال بخصوص عقود عمل وهمية، حصلوا عليها من شركات في تونس العاصمة.
من جهة ثانية، قال سفيان السليطي، المتحدث باسم المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة والقطب القضائي المالي، إن كل ما يتم تداوله حول ملف تحقيق قضائي رسمي بشأن شبكة تجسس أجنبية تنشط فوق الأراضي التونسية «عار من الصحة ولا وجود له من الأساس». وأكد السليطي فتح تحقيق قضائي من قبل النيابة العامة حول جرائم ارتشاء، نافيا وجود شبكة تجسس، في إشارة إلى ما أوردته إحدى الصحف المحلية حول وجود شبكة تجسس طالت عدة مؤسسات رسمية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.