لبنان يتعهد باستكشاف النفط في بلوك بحري متنازع عليه مع إسرائيل

الرئيس عون خلال توقيع عقد النفط والغاز أمس (دلاتي ونهرا)
الرئيس عون خلال توقيع عقد النفط والغاز أمس (دلاتي ونهرا)
TT

لبنان يتعهد باستكشاف النفط في بلوك بحري متنازع عليه مع إسرائيل

الرئيس عون خلال توقيع عقد النفط والغاز أمس (دلاتي ونهرا)
الرئيس عون خلال توقيع عقد النفط والغاز أمس (دلاتي ونهرا)

تعهد وزير الطاقة اللبناني سيزار أبي خليل، أمس، بأنه سيكون هناك تنقيب كامل في منطقة الامتياز البحرية رقم 9، التي يقع جزء منها في المياه المتنازع عليها مع إسرائيل، وذلك بموازاة إعلان لبنان أنه وقع أول عقوده للتنقيب والإنتاج للنفط والغاز البحريين في منطقتي امتياز، هما البلوك البحري رقم 4 في الشمال، والبلوك 9 في الجنوب.
وهنأ الرئيس اللبناني ميشال عون، اللبنانيين، بتوقيع اتفاقي التنقيب عن النفط والغاز في الحقلين 4 و9 من المياه اللبنانية، وقال في تغريدة على حسابه الشخصي على صفحة «تويتر»: «مبروك، حلم كبير تحقق، وصار لبنان دولة نفطية... نأمل أن نتمكن من استخراج النفط من دون عراقيل، ويصبح عنصراً أساسياً في اقتصادنا».
وكان عون قد شارك في الاحتفال الذي أقيم في مجمع بيال لمناسبة تسليم الاتفاقين إلى ممثلي شركات «توتال» الفرنسية و«إيني» الإيطالية و«نوفاتك» الروسية. وقال وزير الطاقة سيزار أبي خليل خلال حفل توقيع اتفاقي النفط والغاز: «ها نحن أعلنا للعالم اليوم أننا بدأنا مسارنا البترولي في المياه البحرية اللبنانية بصورة عملية، بعد توقيع الاتفاقات وانطلاق أنشطة الاستكشاف». ولفت أبي خليل إلى أنه «على الدولة اللبنانية أن تصدر الموافقات والتراخيص المطلوبة لتنفيذ الأنشطة البترولية من دون تأخير».
وأضاف: «يحاول العدو الإسرائيلي أن يعتدي على حقوقنا السيادية ويعلن زوراً حقوقاً مزعومة له في الموارد البترولية المحتملة في الرقعة 9. أكدنا ونعيد التأكيد أن الرقعة 9 تقع ضمن المياه البحرية اللبنانية، وهي خاضعة بشكل تام وناجز لسيادة الدولة اللبنانية، وأنشطة الاستكشاف فيها ستتم بصورة كاملة».
ووقع كونسورتيوم يضم شركات «توتال» الفرنسية و«إيني» الإيطالية و«نوفاتك» الروسية عقوداً لمنطقتين من بين خمس مناطق امتياز طرحها لبنان للتلزيم في وقت سابق.
وقالت شركة النفط الفرنسية العملاقة «توتال» إنها تعزز وجودها في منطقة شرق المتوسط عبر دخول منطقتي امتياز للتنقيب البحري في لبنان. وأضافت أن الكونسورتيوم الدولي الذي تقوده الشركة الفرنسية وقع اتفاقين للتنقيب والإنتاج مع حكومة لبنان، حيث ستتولى «توتال» تشغيل المشروع الذي تبلغ حصتها فيه 40 في المائة مقابل 40 في المائة لـ«إيني» و20 في المائة لـ«نوفاتك».
وقالت «توتال» إن الاتفاق يشمل منطقي الامتياز 4 و9 الواقعتين قبالة سواحل لبنان في الجزء الشرقي من البحر المتوسط، مضيفة أن أولوية الكونسورتيوم تتمثل في حفر أول بئر استكشافية في المنطقة رقم 4 في 2019.
وذكرت «توتال» أنها وشركاءها على دراية كاملة بالنزاع الحدودي بين إسرائيل ولبنان في الجزء الجنوبي، الذي لا يغطي سوى منطقة محدودة للغاية من الامتياز رقم 9.
ويؤكد الكونسورتيوم أن البئر الاستكشافية في المنطقة رقم 9 لن تتداخل على الإطلاق مع أي حقول أو مكامن محتملة تقع جنوب المنطقة الحدودية، وفقاً لما ذكرته «توتال».
وكان عون استقبل مساء في قصر بعبدا، وفداً من شركة «توتال» برئاسة مدير قسم الشرق الأوسط وأفريقيا ستيفان ميشال، واطلع منهم على استعدادات الشركة وبرنامج عملها في إطار التنقيب عن النفط والغاز في لبنان، في ضوء تجربتهم في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط خصوصاً.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.