الحكومة اليمنية تبدأ مهمة «تضميد الجراح» بالدعوة للمصالحة

أعلنت في أول اجتماع رسمي في عدن مساواة تعويضات قتلى «الطرفين»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء اليمني في عدن أمس (سبأ)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء اليمني في عدن أمس (سبأ)
TT

الحكومة اليمنية تبدأ مهمة «تضميد الجراح» بالدعوة للمصالحة

جانب من اجتماع مجلس الوزراء اليمني في عدن أمس (سبأ)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء اليمني في عدن أمس (سبأ)

دعت الحكومة اليمنية في أول اجتماع رسمي لها في عدن أمس، منذ انتهاء الأحداث العنيفة التي شهدتها، إلى «رأب الصدع وتضميد الجراح». وبدأت ذلك بالدعوة للمصالحة والتخلص من الشحن السياسي، وطالبت بفتح تحقيق، يشمل اتهامها بالفساد من خصومها في «المجلس الانتقالي الجنوبي».
وقال رئيس مجلس الوزراء، أحمد عبيد بن دغر: «نطالب بالتحقيق فيما جعلته عناصر الانقلاب والتمرد سبباً للانقضاض على الشرعية، وأعني بها تهمة الفساد، نقترح على الأشقاء إرسال خبراء ماليين عرب للتحقيق في هذا الادعاء الكاذب الذي سوقته آلة إعلامية هائلة القوة، متعددة المنابر، مهدت للتمرد وروجت له، عربياً وعالمياً»، على حد قوله، بحسب ما نقلته وكالة (سبأ) الرسمية.
وشكرت الحكومة في الاجتماع برئاسة أحمد عبيد بن دغر التحالف على نزع فتيل الأزمة، وتعهدت بالسعي إلى تحقيق مصالحة اجتماعية في عدن والمحافظات المجاورة، وأعلنت دفع تعويضات لأسر قتلى المواجهات من كل الأطراف واعتماد رواتب شهرية.
ووقف الاجتماع دقيقة حداد على أرواح من وصفهم بـ«الشهداء» جراء المواجهات، التي جددت الحكومة وصفها لها بأنها كانت محاولة «انقلاب على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي» وقالت: إنها «تحتاج مع التحالف العربي إلى جهود كثيرة لمنع تكرار ما حدث». وكانت المواجهات العنيفة شلت الحركة في المدينة لنحو ثلاثة أيام، أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي خلفت 28 قتيلاً، بحسب إحصاء حكومي، وأكثر من 300 جريح قبل أن يؤدي التدخل الحاسم للتحالف العربي إلى إعادة الهدوء والاستقرار إلى المدينة.
وفيما اعتبرتها «الشرعية» محاولة انقلابية، قال أنصار «المجلس الانتقالي الجنوبي» الذي يقوده محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي: إنها «تصعيد مشروع لإسقاط حكومة بن دغر جراء تجاهل الرئيس هادي للمهلة التي منحها المجلس لتنفيذ مطلب إقالة الحكومة».
وقال بن دغر: إن أحداث عدن الأخيرة «ستظل ذكرى أليمة في حياتنا، لن نتحدث عن المتسبب بها الآن، سنترك هذا للمحققين في أسبابها، وما لم تكشفه السياسة اليوم سوف تتبدى حقيقته غداً، ووراء كل حدث هدف، شعبنا شبّ عن الطوق، ويعرف الحقيقة، والإعلام الكاذب قد يشوَّه الحقيقة اليوم، لكنه لا يستطيع إخفاءها إلى الأبد».
وأكد الاجتماع الحكومي على أن «المهمة اليوم هي في رأب الصدع، وتضميد الجراح، والخروج من حالة الشحن السياسي والمناطقي، والاهتمام بأسر كل الشهداء دون استثناء، والعناية بالجرحى كل الجرحى، وتطبيع الحياة في عدن ورعاية مصالح المواطنين، وقيام مؤسسات الدولة بدورها في تقديم الخدمات ودعم الجهود الوطنية والقومية لاستعادة الدولة»
ودعت الحكومة اليمنية «جميع القوى للقيام بمهمة وطنية عاجلة هي تجاوز الأزمة والتسامح والعمل على معالجة الجراح، التي خلّفتها أحداث الأيام الثلاثة الأخيرة من الشهر الماضي. وقال بن دغر: «نحن نثق في قيادة التحالف وفي دول التحالف، والحقيقة وحدها هي التي ستحدد سير العدالة، وتحمّل المسؤولية من كان مسؤولاً عن هذه الأحداث، ومن كان سبباً في القتل والدمار الذي لحق بعدن وبأهلها واليمن وأهله».
وكشف رئيس الحكومة اليمنية، عن أنه نصح قادة «المجلس الانتقالي الجنوبي» بالتحول إلى حزب سياسي لدخول أول انتخابات يتم تنظيمها؛ إذ إن لديهم - بحسب قوله - فرصة كبيرة للوصول للسلطة في المحافظات الجنوبية والشرقية؛ وهو ما سيمكّنهم حينها من إدارة حوار ونقاش مع بقية القوى الوطنية حول مطالبهم.
وتابع بن دغر حديثه الموجه إلى قادة «الانتقالي» قائلاً: «أما مجلس انتقالي ولديكم جيش وتريدون فرض إرادتكم بقوة السلاح فذلك سيصطدم بالشرعية التي ينبغي عليها الدفاع عن الدستور، والدفاع عن المصالح العليا للبلاد ومنها الوحدة، وحدة الأرض والشعب».
وكشف بن دغر، عن أن حكومته ستسعى بتوجيه من الرئيس هادي لإنجاز «مصالحة اجتماعية في عدن والمحافظات المجاورة لها، كخطوة على طريق مصالحة وطنية شاملة في اليمن» وقال: «لقد نَكأت التطورات الأخيرة جراحاً كادت أن تندمل، لا شيء يستحق القتال وسفك الدماء من أجله، لا شيء مهم بما في ذلك السلطة، لقد ضمنت المرجعيات الثلاث علاجاً لأزماتنا، وحروبنا التي لا تنتهي، وخروجاً آمناً من أزمة الدولة والمجتمع». وطالب الجميع «أحزاباً وقوى وشخصيات وعلماء ومنظمات بالدعوة للسلام، وبث روح الإخاء بين أبناء الوطن، ووقف التحريض المناطقي والطائفي والتركيز على الهدف الرئيسي وهو دحر الانقلاب الحوثي الإيراني واستعادة الدولة، والتوجه نحو بناء اليمن الجديد اليمن الاتحادي».
وأعلن «أن الرئيس هادي وجّه بصرف مليون ريال يمني (الدولار = 450 ريالاً) مساعدةً عاجلة لأسرة كل شهيد سقط خلال أحداث التمرد والانقلاب على الشرعية، وضمان صرف مرتب لعائلته»، وقال: «سنعتني بجرحانا على قدم المساواة، وسنلملم الصفوف، ونضمد الجراح، وسنفتح باباً للحوار قاعدته المرجعيات الثلاث، وأبواباً للتسامح، وعودة روح الإخاء والمحبة».
وأفادت وكالة (سبأ) بأن الحكومة صادقت في ختام اجتماعها «على تجديد عقود الطاقة المشتراة في العاصمة المؤقتة عدن حتى نهاية صيف 2018؛ وذلك لمواجهة الصيف المقبل في عدن والمحافظات المجاورة لها، وبما يؤدي إلى توليد 100 ميغاواط».


مقالات ذات صلة

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.