استنفار لبناني لمواجهة الجدار الإسرائيلي

نائب وزير الخارجية الأميركي يلتقي المسؤولين... وتعويل على مساعيه

جندي إيطالي في قوات اليونيفيل يلتقط صورة لمروحية في الناقورة تستعد للإقلاع لمراقبة الخط الأزرق الدولي الفاصل بين لبنان وإسرائيل (أ.ب)
جندي إيطالي في قوات اليونيفيل يلتقط صورة لمروحية في الناقورة تستعد للإقلاع لمراقبة الخط الأزرق الدولي الفاصل بين لبنان وإسرائيل (أ.ب)
TT

استنفار لبناني لمواجهة الجدار الإسرائيلي

جندي إيطالي في قوات اليونيفيل يلتقط صورة لمروحية في الناقورة تستعد للإقلاع لمراقبة الخط الأزرق الدولي الفاصل بين لبنان وإسرائيل (أ.ب)
جندي إيطالي في قوات اليونيفيل يلتقط صورة لمروحية في الناقورة تستعد للإقلاع لمراقبة الخط الأزرق الدولي الفاصل بين لبنان وإسرائيل (أ.ب)

تحوّل الاهتمام اللبناني بعد الاتفاق على تجاوز الخلافات، إلى التهديدات الإسرائيلية، التي تمثّلت يوم أمس ببدء ببناء الجدار عند الحدود الجنوبية، إضافة إلى الادعاءات الإسرائيلية بامتلاك البلوك النفطي رقم 9، وهو الأمر الذي كان محور اجتماع المجلس الأعلى للدفاع أمس ولقاءات نائب وزير الخارجية ديفيد ساترفيلد بالمسؤولين اللبنانيين.
وأوضحت مصادر وزارية مشاركة في اجتماع «المجلس» أنه كان تأكيد على رفض بناء الجدار الفاصل وهو الأمر الذي كان أبلغه لبنان إلى إسرائيل عبر القوات الدولية خلال الاجتماع الثلاثي الذي يوم الاثنين الماضي في الناقورة، جنوب لبنان. وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن المعطيات المتوفرة لغاية الآن تفيد بأن إسرائيل ماضية في مخططها، بينما لبنان الجاهز دائما للتصدي إلى أي اعتداء سيمضي في اتصالاته عبر القنوات الدبلوماسية والسياسية مع الدول الفاعلة في هذه القضية، وهو ما جاء على لسان رئيس الجمهورية الذي ترأس اجتماع المجلس أمس.
وفي حين لفتت المصادر إلى أن «المجلس» أوعز إلى قيادة الجيش مواجهة أي اعتداء مع التأكيد على أن تفاصيل هذا الأمر تبقى سرية، أكدت مصادر أمنية، لـ«الشرق الأوسط» أن كل الخيارات تبقى متاحة بالنسبة إلى الجيش اللبناني، بما فيها العسكرية رفضاً لأي تجاوزات على الأراضي اللبنانية.
وبينما أعلن أمس، عن أن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الذي يتجول الأسبوع المقبل في عدد من دول المنطقة، سيصل إلى بيروت الخميس 15 فبراير (شباط) الحالي، في زيارة تستمر يوماً واحداً، يلتقي خلالها المسؤولين اللبنانيين، كان نائبه يستكمل جولته على المسؤولين اللبنانيين الذين يعولون، بحسب المصادر الوزارية، على «نجاح جهود الدبلوماسي الأميركي في منع أي مواجهة بين بيروت وتل أبيب بسبب الخلاف على ترسيم الحدود بينهما، خصوصاً أن زيارته إلى لبنان كانت للبحث في هذا الموضوع».
وكان ساترفيلد قد التقى، أمس، كلا من رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل ورئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط، من دون أن يصدر عنه أي تصريح رسمي، واكتفت البيانات الصادرة بالإشارة إلى أن البحث ارتكز على التطورات الراهنة في لبنان والمنطقة، بينما وصف باسيل لقاءه بالدبلوماسي الأميركي بـ«الجيد والجدي».
وباشر الجيش الإسرائيلي يوم أمس، أعمال بناء الجدار الإسمنتي في رأس الناقورة، وسط استنفار كبير، ورصدت مصادر أمنية وشهود عيان من بلدة الناقورة استقدام بلوكات من الإسمنت من قبل قاطرات إسرائيلية إلى نقطة الناقورة b - 23 المتنازع عليها، التي تمتد إلى المياه الإقليمية اللبنانية، وشوهد، بحسب «وكالة الأنباء المركزية»، عناصر من سلاح الهندسة وآخرون من الصيانة يعملون على إنزال البلوكات في نقطة الناقورة قرب الخط الأزرق، وسط استنفار إسرائيلي خلف الأحراش والصخور، فيما كانت الجرافات تستكمل بناء خندق الجدار الذي كانت أنجزت 40 في المائة منه سابقاً. وقالت مصادر أمنية للوكالة، إن ما يتم بناؤه هو في مناطق غير متحفظ عليها وقد قامت إسرائيل حتى الساعة بتركيب 15 «بلوكاً» إسمنتياً.
وفي حين أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «الموقف اللبناني موحد، تجاه التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية أكان بالنسبة لموضوع الجدار أو بالنسبة للنفط والغاز»، أوضح المشنوق بعيد الانتهاء من اجتماع المجلس، أن «هناك قراراً باستعمال كل الوسائل السياسية والدبلوماسية لمواجهة تهديدات إسرائيل». ووفق ما جاء في بيان للمجلس الأعلى للدفاع الذي عقد برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وحضور رئيس الحكومة والوزراء المعنيين وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، «قرر المجلس الأعلى للدفاع الاستمرار في التحرك على مختلف المستويات الإقليمية والدولية للمحافظة على حقوق لبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة بمساحة تبلغ 860 كيلومترًا مربعاً، لا سيما فيما خص الرقعة رقم 9 في المياه البحرية الخاضعة للولاية القضائية اللبنانية. وأعطى المجلس توجيهاته للتصدي لهذا التعدي من قبل إسرائيل «لمنعها من بناء ما يسمى الجدار الفاصل على الأراضي اللبنانية»، معتبراً تشييده قبالة الحدود الجنوبية وضمن الأراضي اللبنانية، «اعتداء منها على لبنان سيكون بمثابة خرق واضح للقرار (1701)». كما شدّد المجلس «رفض التصريحات والادعاءات الإسرائيلية المتعلقة بالثروة النفطية والغازية في المياه البحرية الخاضعة للولاية القضائية اللبنانية».
وقسم لبنان المنطقة التي يفترض أن تحتوي الغاز والنفط إلى عشر رقع، وقد عرضت السلطات خمساً منها للمزايدة عليها، وجاءها عرض من ائتلاف بين الشركات الثلاث على الرقعتين 4 و9. وتقع الرقعة الرقم 9 بمحاذاة منطقة متنازع عليها بين لبنان وإسرائيل مساحتها 860 كيلومتراً مربعاً، ولا تشملها أعمال التنقيب.
من المقرر أن يوقع لبنان خلال أيام عقوداً مع ثلاث شركات دولية هي «توتال» الفرنسية و«إيني» الإيطالية و«نوفاتيك» الروسية للتنقيب عن النفط والغاز في الرقعتين 4 و9 في المياه الإقليمية اللبنانية، على أن تبدأ عمليات الاستكشاف العام المقبل. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان اعتبر في تصريحات سابقة أن الرقعة الرقم 9 «ملك» لإسرائيل، منتقداً «التصرف الاستفزازي» للحكومة اللبنانية.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.