لودريان يتهم طهران وأنقرة والنظام السوري بـ«انتهاك القانون الدولي»

TT

لودريان يتهم طهران وأنقرة والنظام السوري بـ«انتهاك القانون الدولي»

ثلاثة أخطار تهدد الأمن الفرنسي «وأمن أوروبا» أشار إليها وزير الخارجية جان إيف لودريان أمس، ولخصها كالتالي: المخاطر المتأتية عن الأسلحة الكيماوية والنووية والباليستية، والخطر الإرهابي، وأخيراً التهديدات التوسعية.
ولم يحدد لودريان مصادر الخطر، لكن التلميحات واضحة. فالمخاطر النووية والباليستية مصدرها إيران، وباريس نشطة في هذين الملفين، في حين المخاطر الكيماوية تتأتى بالدرجة الأولى من النظام السوري المتهم مجدداً باللجوء إلى هذا السلاح. وقال لودريان: إن كل «المؤشرات» تدل على استخدام النظام الكلور في الغوطة الشرقية، واعتبر ذلك «خطراً للغاية». إلا أنه في الوقت عينه ذكر أنه يتحدث «بحذر ما دام لم يتوثق (اللجوء إلى الكيماوي) بشكل قاطع». كذلك، فإن التهديدات التوسعية تشير إلى إيران التي اتهمها لودريان سابقاً بأنها ذات «نزعة توسعية»، وهذا ليس جديداً، إنما الجديد أن باريس تنظر بعين الشك إلى العملية العسكرية التركية في عفرين وكانت الوحيدة على لسان ماكرون ولودريان نفسه التي تحذر من أن يكون هدف توفير الأمن من «إرهابيي» وحدات حماية الشعب الكردية «ذريعة» لاجتياح أراضٍ سورية. أما الخطر الإرهابي فليس جديداً في الأدبيات الفرنسية، خصوصاً أن باريس عانت منه «ولا تزال»، كما أن الوزير الفرنسي اعتبر في المقابلة الصحافية نفسها أن «الحرب على الإرهاب لم تنته».
حقيقة الأمر، أن باريس اجتازت مع تصريحات لودريان «عتبة» جديدة من التصعيد مع طهران وأنقرة، عندما اتهمهما الوزير بأنهما «تنتهكان القانون الدولي»؛ وهما بذلك تتساويان مع النظام وفق الوزير الفرنسي. ورداً على سؤال عما إذا كانت باريس تطالب بانسحاب القوات التركية من المناطق السورية، رد لودريان بأن فرنسا «تطالب بانسحاب كل من ليس له أن يكون موجوداً على الأراضي السورية»؛ الأمر الذي يشمل الميليشيات التي تدعمها إيران. ولم يشر لودريان إلى الحضور الروسي أو التواجد الأميركي على الأراضي السورية. وبحسب الوزير الفرنسي، فإنه يتعين الامتناع عن «إضافة الحرب إلى الحرب على الإرهاب»، التي لم تنته في سوريا، في إشارة إلى العملية العسكرية التركية. أما الخروج من الدائرة المفرغة فيكمن في «العودة جدياً إلى مسار جنيف» والسعي لحل سياسي، من شأنه أن يوفر الأمن للسوريين الذين تشرد منهم 12 مليون نسمة وأيضاً للأتراك.
تبدو باريس «ضائعة» في كيفية التعاطي مع العملية التركية. فقد كانت وزيرة الدفاع فلورنس بارلي أول من دعا إلى وقفها، وها هو لودريان يطالب بانسحاب القوات التركية، رغم أنه يعترف في المقابلة نفسها بـ«حق» أنقرة «المشروع» في توفير أمن حدودها «ما لا يعني قتل المدنيين» الذي وصفه بـ«الأمر المدان». ووفق تقارير إعلامية، فإن مصادر رئاسية قالت: إن الاتصال الهاتفي الذي جرى نهاية الأسبوع الماضي بين ماكرون وإردوغان «لم يبدد المخاوف الفرنسية» رغم أن الأخير، أبلغ الأول أن «غرضه الوحيد تنظيف منطقة عفرين من العناصر الإرهابية». ورفض الرئيس التركي تحديد «سقف زمني» للعملية التي وصفها بأنه «موضعية وذات أهداف محددة». وبحسب بالتقارير نفسها، فإن إردوغان اشترط «الحصول على ضمانات» على إدارة منطقة عفرين، وبكلام آخر ألا تكون بيد وحدات حماية الشعب الكردية؛ لأن ذلك سيعني أن تركيا «لن تكون راضية»، وبالتالي فإن العملية العسكرية سوف تستمر.
لا شك أن تحذيرات الوزير الفرنسي سوف تثير ردود فعل عنيفة من قبل الجانب التركي كما حصل ذلك في الأسبوع الماضي. وترى مصادر فرنسية، أن قدرة التأثير الفرنسية على تركيا «محدودة»، وهي تندرج في إطار «الضغوط السياسية»، خصوصاً إذا وجدت أصداء وتجاوباً من البلدان الأوروبية الأخرى ومن الولايات المتحدة الأميركية التي لم تطلب حتى اليوم من تركيا لا وقف عملياتها ولا سحب قواتها، وهو ما فعلته فرنسا.
تبقى المسألة الكيماوية و«حذر» باريس في التعامل معها رغم أنها كانت سباقة في الدفع نحو «شراكة دولية» لوضع حد للإفلات من العقاب لمن خطط ونفذ هجمات كيماوية. ويعود السبب في ذلك على الأرجح إلى أن ماكرون جعل منذ الصيف الماضي من استخدام إضافي للكيماوي «خطاً أحمر» سوف يتسبب في «رد عسكري فرنسي فوري». والحال أن أياً من المسؤولين الفرنسيين لم يعد إلى هذا التحذير، بل إن مصادر فرنسية قالت لـ«الشرق الأوسط»: إن باريس «لا يمكن أن تستند إلى أدلة يأتي بها الآخرون، وإنما تريد من أجهزتها (الاستخباراتية) أن توفرها لها». وبهذا الشكل تتحاشى فرنسا تكرار التجربة المُرّة التي عاشتها في عام 2013 عقب هجمات النظام الكيماوية على الغوطتين الشرقية والغربية، عندما وجدت نفسها وحيدة صيف العام المذكور بعد تراجع الرئيس الأميركي السابق أوباما عن توجيه ضربة عسكرية في سوريا.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.