يقولون إن المدير الفني الجيد في الوقت الحالي، يجب أن يكون بمثابة كل شيء بالنسبة للجميع، بمعنى أنه يجب أن تكون لديه رؤية محددة وواضحة، لكن يجب أن يكون واقعياً في الوقت نفسه، وأن يكون رائعاً في الجوانب التكتيكية ولديه القدرة على تحفيز لاعبي فريقه دائماً، ويجب أن تكون لديه السلطة، ولكن ينبغي أن يكون محبوباً أيضاً، وأن يكون قادراً على استيعاب شعور بعض اللاعبين بالغرور، لكن يجب أن يكون حازماً ومنضبطاً أيضاً. وإذا كنت تعتقد أنه من الصعب الوصول إلى هذه الحالة من التوازن، فإن فترة الانتقالات الشتوية الأخيرة قد جعلت الأمور أكثر تعقيداً من ذلك بكثير.
ولننظر إلى المدير الفني لنادي ليستر سيتي، كلود بويل، على سبيل المثال، الذي أصبح الآن مسؤولاً تماماً عن التعامل مع عواقب فشل انضمام نجم فريقه رياض محرز لنادي مانشستر سيتي. وكان اللاعب الجزائري يريد هذه الخطوة بشدة وبذل كل ما في وسعه لتحقيق ذلك. وقال نادي ليستر سيتي إنه لن يتخلى عن خدماته بأقل من 95 مليون جنيه إسترليني، لكن مانشستر سيتي لم يقدم عرضاً يصل إلى هذا المبلغ. وذكرت شبكة «سكاي سبورتس» أن «صديقاً» للاعب الجزائري قال إنه «مكتئب»، بعدما قيل له إن النادي لن يتخلى عنه سوى في حالة واحدة فقط وهي «الذهاب إلى الحرب». لكن السؤال الآن هو: كيف سيتعامل بويل مع هذه المشكلة؟
وقال المدير الفني الفرنسي في أول تصريحات له حول هذه المسألة إنه يتمنى أن يعود محرز إلى الفريق «بابتسامة». ووفقاً لـ«الصديق»، فقد أراد محرز الرحيل عن ليستر سيتي خلال آخر 4 فترات لانتقالات اللاعبين. وفي كل مناسبة، وخصوصاً في الصيف الماضي، كان رد فعل اللاعب الجزائري بعد الرفض هو التركيز داخل الملعب وفي مباريات فريقه. وإذا نجح بويل في إقناع محرز بالقيام بالشيء نفسه مرة أخرى، فسيكون ذلك أمراً جيداً بكل تأكيد، لكن كيف ستسير الأمور بعد ذلك؟
هناك كثير من الأمثلة على لاعبين كبار رفضت أنديتهم «الخطوة الحلم» بالنسبة لهم، مثل اللاعب التشيلي أليكسيس سانشيز، الذي كان مستعداً للعب مع فريقه، لكنه في الوقت نفسه كان يبتعد عن زملائه بعدما رفض آرسنال رحيله أكثر من مرة. وهناك أيضاً المدافع الهولندي فيرجيل فان ديك، الذي حقق غايته في نهاية المطاف ورحل عن ساوثهامبتون بعد غياب طويل عن الفريق وتقديمه أداءً متواضعاً في المباريات التي شارك فيها. وهناك أيضاً اللاعب البرازيلي فيليب كوتينيو، الذي رفض ليفربول أكثر من مرة التخلي عن خدماته لبرشلونة الإسباني، لكنه رغم ذلك ظل يقدم أداءً ممتازاً وحافظ على علاقته بمسؤولي النادي حتى سُمح له بالرحيل في نهاية المطاف.
من جانبه، قال هاري مغواير مدافع ليستر سيتي، إن لاعبي الفريق سيرحبون بعودة محرز الذي تم استبعاده من التشكيلة التي تعادلت 1 - 1 مع سوانزي سيتي في الدوري الإنجليزي بعد غيابه عن التدريبات ومحاولة الرحيل عن الفريق. ورغم إشارة وسائل إعلام بريطانية إلى استنكار بعض لاعبي ليستر ما يفعله اللاعب الجزائري، قال مغواير إنه لا توجد أي ضغائن من اللاعبين تجاه زميلهم الذي قد يتعرض لعقوبة مالية لغيابه عن التدريبات. وأضاف مغواير: «الفريق سيرحب بعودة رياض، فهو بلا شك أحد أفضل اللاعبين في ليستر. الأمر يتعلق به وبوكيله وبالنادي، لكننا سنرحب بعودته».
وطالب بويل اللاعبين بإظهار اتحادهم، وأشار إلى أنه سيكون سعيداً بعودة لاعب الوسط. وقال بويل: «التعامل مع رياض سيكون بينه وبين النادي وأنا. سنتعامل مع الأمر داخل النادي. من المهم أن نكون متحدين في هذا الوضع. أعتقد أننا يجب أن نظهر له شعورنا. هو لاعب مهم قدم أفضل ما لديه لليستر وللجماهير والفريق. أثق في أنه سيعود بالشعور نفسه. في البداية نحن بحاجة لفهم الوضع ومساعدته في العودة سريعاً».
ورغم اختلاف الظروف في كل حالة من هذه الحالات، كانت النتيجة واحدة، وهي رحيل اللاعب في النهاية. ومع ذلك، لم تكن صفقات الانتقال متساوية، سواء بالنسبة للنادي (آرسنال على سبيل المثال أجبر فعلياً على شروط وسطية للحصول على أي شيء مقابل رحيل سانشيز)، أو بالنسبة للاعب (لم يرحل سانشيز للخيار الأول بالنسبة له). ورغم كل ذلك، سوف نرى في المستقبل كثيراً من الأمثلة الأخرى على رغبة لاعبين بارزين في الرحيل ورفض أنديتهم لذلك.
وفي الصيف الماضي، طرح المدير الفني لآرسنال، أرسين فينغر، رؤيته الخاصة لما ينبغي أن تكون عليه صفقات انتقال اللاعبين في المستقبل. فعندما سُئل عن مستقبل سانشيز في ملعب «الإمارات» لما يقرب من المرة المليون، رد المدير الفني الفرنسي قائلاً: «في المستقبل سوف نرى عدداً أكبر من اللاعبين الذين ينتظرون حتى تنتهي عقودهم. لماذا؟ لأن أسعار اللاعبين أصبحت مرتفعة للغاية، حتى بالنسبة للاعبين العاديين، لدرجة أنه لن يكون هناك نادٍ يرغب في دفع المبلغ المطلوب. إنني مقتنع بأن هذا الأمر سيصبح معتاداً خلال السنوات العشر المقبلة».
وهناك طرق أخرى لإعادة صياغة الرؤية التي طرحها فينغر، فيمكن القول على سبيل المثال إن الأندية لن تتخلى عن لاعبيها قبل انتهاء عقودهم، لأنه لا يمكنها إيجاد البديل المناسب في ظل الأسعار الفلكية للاعبين. وقد تأمل هذه الأندية أن يتغير الوضع خلال الستة أشهر المقبلة. لكن هناك عدة عوامل - بدءاً من التضخم الكبير في أسعار اللاعبين ورواتبهم وصولاً إلى ارتفاع عائدات البث التلفزيوني لمباريات الدوري الإنجليزي الممتاز (ما يقلل على ما يبدو من ضرورة بيع الأندية للاعبيها لتغطية نفقاتها) - تشير إلى أن المدير الفني لآرسنال قد يكون على حق.
وفي الوقت نفسه، تظل دوافع اللاعبين كما هي؛ الانتقال إلى فريق قادر على تحقيق المجد والحصول على البطولات والألقاب و/ أو الحصول على راتب أعلى. لذلك دعونا نتصور مستقبلاً يعمل فيه اللاعبون البارزون في أندية الدوري الإنجليزي الممتاز على الرحيل عن أنديتهم بمجرد التوقيع على عقودهم الجديدة. ما الذي سيحدث حينئذ؟ سيقع العبء الأكبر على المديرين الفنيين، الذين سيتعين عليهم - جنباً إلى جنب مع مديري الكرة بتلك الأندية - أن يكونوا أكثر براعة في التعامل مع لاعبيهم، وأن يكون لديهم تصور كامل لكيفية التعامل معهم، سواء في حالة البقاء أو الرحيل.
وسيكون التعامل مختلفاً مع كل حالة على حدة، وقد يكون رد فعل محرز على رفض انتقاله مختلفاً تماماً عن ردود أفعال لاعبين سابقين وضعوا في الموقف نفسه، وقد يكون غيابه عن تدريبات فريقه منذ يوم الخميس الماضي أفضل مثال على ذلك. وبالتالي، يتعين على كلود بويل أن يضع استراتيجية جديدة للحصول على أقصى استفادة ممكنة من أفضل موهبة في فريقه، وفي الوقت نفسه يعمل على زيادة قيمته وسعره في سوق انتقالات اللاعبين.
ويجب أن نعترف بأنها مهمة صعبة للغاية وغير معروفة النتائج. لكن الشيء الوحيد المؤكد الآن هو أن عقارب الساعة بدأت تتحرك في اتجاه فترة انتقالات أخرى، لننتظر حتى نرى ما سيحدث عندها.
كلود بويل يواجه اختباراً صعباً لحل أزمة محرز
كيف سيتعامل المدير الفني لليستر سيتي مع اللاعب «المحبط» بعد فشل انتقاله؟
كلود بويل يواجه اختباراً صعباً لحل أزمة محرز
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة