سبان حمو من عفرين: دمرنا 11 دبابة... ودمشق تساعدنا «إنسانياً»

قائد «الوحدات» الكردية قال إن واشنطن أبلغتهم برفض دخول الجيش التركي إلى منبج

كردية تطلق صاروخاً على قوات «غصن الزيتون» في ريف عفرين («وحدات حماية الشعب» الكردية)
كردية تطلق صاروخاً على قوات «غصن الزيتون» في ريف عفرين («وحدات حماية الشعب» الكردية)
TT

سبان حمو من عفرين: دمرنا 11 دبابة... ودمشق تساعدنا «إنسانياً»

كردية تطلق صاروخاً على قوات «غصن الزيتون» في ريف عفرين («وحدات حماية الشعب» الكردية)
كردية تطلق صاروخاً على قوات «غصن الزيتون» في ريف عفرين («وحدات حماية الشعب» الكردية)

قال قائد «وحدات حماية الشعب» الكردية سبان حمو لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن واشنطن أبلغتهم بأنها «لن تسمح» للجيش التركي وفصائل سورية معارضة بالدخول إلى منبج شمال شرقي حلب، لافتا إلى أن مقاتليه «دمروا 11 دبابة تركية وأخرى تابعة لفصائل تدعمها أنقرة»، وإلى أن «المساعدة الوحيدة التي نحصل عليها من دمشق، هي إنسانية وإغاثية وطبية».
وتشن تركيا مع فصائل سورية موالية لها منذ 20 يناير (كانون الثاني) الماضي هجوماً تقول إنه يستهدف عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية الذين تعدّهم «إرهابيين»، في منطقة عفرين الحدودية في شمال سوريا. وتخشى أنقرة من إقامة الأكراد حكماً ذاتياً على حدودها، على غرار كردستان العراق.
ويشارك في العملية التي سميت «غضن الزيتون» نحو 20 ألف مقاتل من فصائل سورية، إضافة إلى الجيش التركي و«وحدات خاصة» تابعة له بغطاء من الطيران التركي بعدما حصلت أنقرة على «ضوء أخضر» من روسيا التي يغطي طيرانها مناطق غرب نهر الفرات في سوريا.
وقال حمو في اتصال هاتفي أجرته «الشرق الأوسط»، من عفرين أمس: «بعد 17 يوماً على بدء العدوان، لم تحقق تركيا أياً من أهدافها. وهي الآن في صدد مراجعة حساباتها لأن الأمر بالنسبة إلى تركيا هو موضوع بقاء لا رجعة عنه. عندما بدأوا (الأتراك) العملية كانوا يعتقدون أنهم سيحققون أهدافهم خلال أيام، لكن ذلك لم يحصل إلى الآن».
وأضاف ردا على سؤال: «تركيا تريد القضاء على إرادة الأكراد، لكن تكتيكياً تريد السيطرة على عفرين ثم الريفين الشرقي والغربي لحلب وصولاً إلى مدينة حلب، لأن (الرئيس التركي رجب طيب)إردوغان دائما يريد ضم حلب، وهو يعتبرها جزءاً من الإمبراطورية العثمانية.... لكن تركيا لم تتقدم كثيراً عن النقطة صفر. حصل توغل بنحو 500 متر وبعض الجيوب بعمق 3 كيلومترات، لكن التقدم العسكري الذي تحقق ليس مهماً».
وأشار حمو، الذي يقود «الوحدات» عموماً من مقره في عفرين، إلى أن مقاتليه «دمروا 11 دبابة تركية وتابعة للفصائل. وهناك كثير من القتلى من الجيش النظامي والقوات الخاصة التابعة للجيش التركي»، علما بأن الجيش التركي أعلن عن مقتل عدد من جنوده وتدمير آليات تابعة له.
وبعث حمو وقادة أكراد سوريون إلى «الشرق الأوسط» فيديوهات لمقاتلين يقصفون بصواريخ حرارية مضادة للدروع دبابات بين عفرين وحدود تركيا، إضافة إلى صور لغارات على مواقع كردية في المنطقة. ولم يجر التحقق من طبيعة الصواريخ وسط أنباء عن استخدام «الوحدات» راجمات صواريخ «غراد» طويلة المدى.
وتردد أن الصواريخ من نوع «تاو» أميركية الصنع كانت واشنطن سلمتها إلى «وحدات حماية الشعب» المنضوية في «قوات سوريا الديمقراطية» لقتال «داعش»، وأن الصواريخ من نوع «كونكورس» روسية الصنع تم الحصول عليها من موسكو أو دمشق. وقال حمو: «الصواريخ ليست روسية ولا أميركية، بل إنها صواريخ حرارية حصلنا عليها من السوق السوداء وقمنا بتطويرها. أميركا قالت أكثر من مرة أن لا علاقة لها بمناطق عفرين والشهباء قرب حلب، وعملنا المشترك مع أميركا محصور بقتال (داعش) شرق نهر الفرات، ولم نتلق أي دعم أميركي في شهباء وعفرين».
وحين سئل عن تقديم دمشق دعماً لـ«الوحدات» الكردية لقتال الجيش التركي، أجاب حمو: «بصراحة موقنا واضح من أن الدولة (السورية) عليها مسؤولية بحماية الحدود السورية والدفاع عنها لصد العدوان التركي. لكن لم نحصل على دعم سوى الدعم الإنساني والإغاثي والمساعدات الطبية».

وكانت دمشق سهلت عبور تعزيزات لـ«الوحدات» الكردية من منبج وشرق حلب إلى عفرين عبر مناطق سيطرة قوات الحكومة السورية في ريف حلب. وقال حمو: «يا ريت (ليت) يكون هناك دعم لنا من الدولة (السورية). هناك صمت من النظام. إنهم يتفرجون ولا يساعدوننا في قتال العدو المشترك»، في إشارة إلى أنقرة التي تعد «الوحدات» تابعة لـ«حزب العمال الكردستاني» الذي تصنفه «إرهابياً»، وتتهمها بالتعاون مع دمشق، الأمر الذي ينفيه قاد أكراد سوريون.
كما أشار حمو إلى انقطاع التواصل مع الجيش الروسي منذ زيارته إلى موسكو وتعبيره عن «الغضب من التواطؤ الروسي مع تركيا في عفرين». وقال أمس: «الأجواء السورية تحت سيطرة روسيا، ولا يمكن أن تقصفنا تركيا من دون موافقة روسية»، لافتا إلى «بقاء قناة اتصال عملياتية على الأرض بين قواتنا والقوات الروسية في تل رفعت».
وسئل عما إذا كان الجيش التركي سيصل إلى منبج حيث تنتشر قوات أميركية، فأجاب: «الأتراك يقولون الكثير، ولديهم طموحات كثيرة. ما لم تحصل صفقة أو مؤامرة دولية، فلا يمكن أن يصل الجيش التركي إلى منبج. الأتراك طلبوا سحب القوات الأميركية من منبج، لكن واشنطن رفضت. وأُبلغنا بأن واشنطن لن تسحب قواتها من منبج». وأضاف أنه «ربما تحصل صفقة مع الروس بحيث يسمح للأتراك بالوصول إلى عريما قرب منبج حيث أقام الجيش الروسي نقطة له». وكان دعم واشنطن لـ«الوحدات» سببا في توتر العلاقات التركية - الأميركية وفقدان الثقة بين دولتين عضوتين في «حلف شمال الأطلسي (ناتو)».
وشكلت منبج ممراً رئيسياً لمتطوعين ومدنيين بدأوا بالعبور من منطقة الحسكة شرق سوريا إلى عفرين بعد قطع نحو 600 كيلومتر لـ«إيجاد دروع بشرية والدفاع عن المدينة»، بحسب حمو.
وأعلن الجيش التركي أمس إقامة «نقطة مراقبة» في منطقة العيس جنوب غربي حلب. وقال الناطق الرئاسي التركي إبراهيم كالين إن «الضامنين» في عملية آستانة، تركيا وروسيا وإيران، تغلبوا على «نقاط عدم تفاهم»، مضيفا أن أنقرة تريد إكمال الـ12 نقطة مراقبة «في أسرع وقت، للتمكن من تأمين منطقة إدلب». وأوضح حمو أمس أن الاتفاق الثلاثي كان نص على نشر تركيا نقاطا جنوب وشرق إدلب، «لكنها نشرت نقاطا فقط قرب عفرين، ثم بدأت بنشر آخر نقطة لها» في العيس ضمن نشر نقاط مراقبة وتفتيش بموجب اتفاق آستانة.



سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
TT

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)

يتزايد عدد الأطفال اليمنيين المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد. وفي حين يستعد النازحون لمواجهة شتاء قاسٍ بنقص شديد في الموارد المعيشية، مع تقليص المساعدات الإغاثية الدولية، كشفت تقارير أممية عن نهب الدعم المخصص لمواجهة انعدام الأمن الغذائي.

وارتفع عدد الأطفال اليمنيين دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد بنسبة 34 في المائة عن العام السابق ليصل إلى 600 ألف طفل في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل الأخير لسوء التغذية الحاد الذي تبنته منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة «يونيسيف».

وبينت «يونيسيف» عبر موقعها على الإنترنت أن مديريات المخا في تعز، والخوخة وحيس في الحديدة على الساحل الغربي شهدت مستويات «حرجة للغاية» من سوء التغذية الحاد، وهي المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل، لأول مرة، مقدرة أن أكثر من 36 في المائة من الأطفال اليمنيين يعانون من سوء التغذية الحاد.

ممرضة في مدينة المخا تقيس محيط أعلى ذراع طفل للتحقق من تحسن حالته الصحية بعد تلقيه علاجاً لسوء التغذية (الأمم المتحدة)

وأرجعت المنظمة الأممية زيادة سوء التغذية الحاد في اليمن إلى تفشي الأمراض وانعدام الأمن الغذائي الشديد ونقص الوصول إلى مياه الشرب النظيفة، محذرة من أن سوء التغذية قد يكون قاتلاً إذا لم يتم علاجه، خاصة في مناطق الساحل الغربي.

كما ساهمت الفيضانات وانتشار الأمراض في الأشهر الأخيرة من تعقيد الوضع، بالإضافة إلى نقص الوعي الصحي حول تنظيم الأسرة وأهمية التطعيم، في حين دمرت الأمطار الغزيرة المنازل وشردت الأسر، وضاعف انتشار الكوليرا والملاريا وحمى الضنك من حدة سوء التغذية، إلى جانب نقص الوعي بالعناصر الغذائية الصحيحة.

زيادات متوقعة

في مارس (آذار) الماضي أعلن برنامج الغذاء العالمي عن تعليق برنامج الوقاية من سوء التغذية الحاد، بسبب نقص التمويل، تاركاً ما يقارب 3 ملايين طفل وامرأة معرضين لخطر سوء التغذية.

وذكرت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» في مدينة تعز (جنوبي غرب) أن عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الذين تستقبلهم المستشفيات والمراكز المتخصصة، يزيدون على 30 ألف طفل، ويجد القائمون على هذه المراكز صعوبة في استيعاب أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الذين يزورونها يومياً لتلقي العلاج.

رغم تراجع التمويل لا تزال بعض الوكالات الأممية والمنظمات الدولية تقدم معونات في اليمن (الأمم المتحدة)

ونبهت المصادر إلى أن تقليص المنظمات الدولية لتدخلاتها ومساعداتها الغذائية في الأسابيع الأخيرة ينذر بتفاقم الوضع، وتحول آلاف الأطفال المصابين بسوء التغذية المتوسط إلى وخيم.

وفي محافظة لحج (جنوب غرب)، قدرت مصادر طبية أن نسبة الأطفال المصابين بسوء التغذية تزيد على 20 في المائة، حيث تستقبل المستشفيات والمراكز المتخصصة آلاف الأطفال شهرياً لتلقي العلاج، مع صعوبة بالغة تواجهها لاستيعاب هذه الحالات.

ويستغرب الباحث اليمني فارس النجار، في حديث لـ«الشرق الأوسط» من إصرار المنظمات الأممية والدولية على تقليص المساعدات الإغاثية المقدمة إلى اليمن، في ظل التراجع الاقتصادي الذي تشهده البلاد بسبب عدد من العوامل، ومن بينها الآليات التي تعمل بها الأمم المتحدة والوكالات الإغاثية، التي بسببها لا تمر أموال المساعدات عبر البنك المركزي اليمني، إلى جانب الفساد وسوء الإدارة الذي يطبع وسائل العمل الإغاثي الدولي في اليمن.

في غضون ذلك، دعا جمال بلفقيه، وهو رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية، إلى تنظيم إجراءات جدية وفاعلة لمنع استغلال العمل الإغاثي والمساعدات الدولية في اليمن لصالح الجماعة الحوثية، منوهاً إلى أن تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن قد كشف الكثير من الانتهاكات التي تتعرض لها أعمال الإغاثة على يد الجماعة، إلى جانب ما تمارسه من تعسفات بحق موظفي المنظمات الدولية والأممية.

التطرفات المناخية والفيضانات تسببتا في نزوح آلاف اليمنيين وفقدانهم المأوى دون تلقي مساعدات إغاثية كافية (أ.ف.ب)

وحث بلفقيه في حديث لـ«الشرق الأوسط» الحكومة اليمنية متمثلة بوزارة التخطيط على وقف كل الاتفاقيات، وعدم توقيع اتفاقيات جديدة مع المنظمات الدولية والأممية، إلا بعد نقل مقراتها وأنشطتها وحساباتها البنكية إلى المحافظات المحررة، مستغرباً من استمرار عمل هذه المنظمات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بعد كل ما جرى كشفه من انتهاكات بحقها وبحق العمل الإغاثي.

تأثير التطرفات المناخية

كشف صندوق الأمم المتحدة للسكان عن نزوح نحو 18 ألف يمني، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بسبب الصراع والتطرفات المناخية.

وأوضح الصندوق أن آلية الاستجابة السريعة للأمم المتحدة بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، ساعدت 17458 فرداً بإغاثة عاجلة منقذة للحياة خلال الشهر الماضي، بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصندوق المركزي للأمم المتحدة للاستجابة لحالات الطوارئ.

ورغم تراجع الأمطار الغزيرة بنسبة كبيرة منذ نهاية الصيف الماضي، فإن عدداً من المناطق لا تزال تشهد أمطاراً غزيرة تلحق أضراراً بالممتلكات والمساكن وتعطيل الأراضي الزراعية التي تضررت بنسبة 85 في المائة إلى جانب إتلاف المحاصيل، وتدمير سبل العيش، طبقاً للوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

ينتظر النازحون اليمنيون شتاء قاسياً في ظل نقص الموارد والمعونات وتراجع تمويلات المساعدات الدولية (غيتي)

ورجحت الوكالة في تقرير أخير لها أن أكثر من 650 ألفاً من النازحين، والعائدين من النزوح، وأفراد المجتمع المضيف في اليمن، بحاجة ماسة لمساعدات المأوى والإغاثة للتغلب على قسوة الشتاء القادم.

ويقدر التقرير أن نحو 655 ألف شخص سيحتاجون إلى إمدادات طارئة خلال الفترة الممتدة من الشهر الماضي حتى فبراير (شباط) المقبل.

وينتشر النازحون في 30 موقعاً داخل 11 محافظة يمنية، في مواجهة ظروف شديدة القسوة بسبب الأمطار الموسمية الغزيرة والفيضانات التي شهدتها البلاد، ما يجعلهم عرضة لمخاطر إضافية في فصل الشتاء.

ويعمل شركاء كتلة المأوى على تقديم دعم عاجل لـ232 ألف شخص من الفئات الأكثر ضعفاً، بما يشمل استبدال الملاجئ التالفة، وتوزيع بطانيات حرارية وملابس شتوية.