طهران تنفي علمها بتحرك أميركي ـ أوروبي لتعديل «النووي»

طهران تنفي علمها بتحرك أميركي ـ أوروبي لتعديل «النووي»
TT

طهران تنفي علمها بتحرك أميركي ـ أوروبي لتعديل «النووي»

طهران تنفي علمها بتحرك أميركي ـ أوروبي لتعديل «النووي»

نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أن تكون طهران على اطلاع بوجود تحرك أوروبي - أميركي عبر مجموعة عمل مشتركة، يهدف إلى تعديل الاتفاق النووي، أو أن تكون قد تلقت طلبا رسميا من الاتحاد الأوروبي للتفاوض حول الصواريخ الباليستية، وذلك رغم تلميحاته إلى وجود مشاورات بين المسؤولين الأوروبيين والإيرانيين، معلنا رفض طهران أي شروط فرنسية تسبق زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لطهران، وقال إنها «ليست في موقع يسمح لها بوضع شروط»، كما أشار إلى مشاورات إيرانية - تركية حول العملية العسكرية في عفرين.
ووصف قاسمي تقارير ذكرت أن الدول الأوروبية الثلاث؛ بريطانيا وفرنسا وألمانيا، تعمل مع الولايات المتحدة حاليا على مراجعة الاتفاق النووي، بأنها «فرضيات خاطئة»، وأوضح أن بلاده «لم تتلق إبلاغا رسميا من الدول الأوروبية الثلاث حول الموضوع» مضيفا: «ليست لدينا أي معلومات عن مجموعة العمل المذكورة»، بحسب ما نقلت عنه وكالة «إيسنا» الحكومية.
وفي إشارة إلى اتصالات بين طهران والاتحاد الأوروبي، قال قاسمي إن بلاده لم تتلق طلبا رسميا من الاتحاد الأوروبي للتفاوض حول برنامج الصواريخ الباليستية. وقال: «في الاتصالات والمفاوضات التي جرت مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي، أوضحنا وجهة نظرنا، ونستمع إلى وجهة نظرهم في هذا الخصوص».
في السياق ذاته، قلل قاسمي من أهمية تقارير كشفت عن 3 شروط فرنسية لزيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى طهران، لافتا إلى أن موعد زيارة ماكرون لم يحدد بعد.
وقال قاسمي إن «فرنسا ليست في موقع (يسمح لها بأن) تضع شروطا على طهران»، مضيفا أن ذلك «غير مدرج في السياسة الخارجية الإيرانية».
وكانت تقارير إيرانية ذكرت أن باريس رهنت زيارة ماكرون باللقاء مع المرشد الإيراني علي خامنئي، وإقامة علاقات بين طهران وواشنطن، ووقف التدخلات الإيرانية الإقليمية. وأشار قاسمي في هذا الصدد إلى أن «لقاء خامنئي مدرج على بروتوكول الرؤساء الذين يقومون بزيارة طهران».
على صعيد الملف السوري، أعلن قاسمي أن طهران ستواصل مشاوراتها مع أنقرة بـ«جدية» خلال الأيام المقبلة حول العملية التركية في عفرين؛ نافيا «تحييد» بلاده في التطورات التي تشهدها منطقة شمال سوريا.
وقال قاسمي ردا على سؤال حول ما إذا كانت طهران تجري مشاورات مع كل من روسيا وتركيا لوقف العمليات في عفرين، إن إيران «تواصل مشاورات واسعة مع الحكومتين التركية والروسية حول بعض القضايا»، مشددا على أن الأيام المقبلة ستشهد مفاوضات جدية بين البلدان الثلاثة؛ وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني.
وأضاف قاسمي أنه «من المهم لنا مواصلة الإنجازات ومفاوضات آستانة التي هي حصيلة جهد جماعي لطرد الإرهابيين من المشهد السوري، وأن تكون الخطوات التي نتخذها تمهد لخطوات أكثر من أجل إعادة الاستقرار إلى سوريا»، مشيرا إلى أن «هذا الموضوع ما زال ضمن سياستنا الخارجية والإقليمية، ونواصل هذه المشاورات كما ينبغي».
بدورها، أفادت وكالة «إيسنا» الحكومية نقلا عن قاسمي حول العملية التركية في عفرين، بأن البلدان الثلاثة؛ إيران وتركيا وروسيا، «تواصل التعاون في إطار مفاوضات آستانة». وتابع قاسمي أن «ما يقال عن تحييد إيران في تطورات هذه المنطقة (عفرين) غير صحيح».
وفي إشارة إلى الموقف الإيراني منذ بدء تركيا عملية التوغل البري في عفرين، قال قاسمي إن طهران طالبت «سابقا» بوجوب وقف الإجراءات التركية واحترام السيادة والسلطة السورية، مضيفا أن «هذا المسار يمكن أن يساعد على عودة الإرهابيين إلى هذه المنطقة».
كما أشار قاسمي إلى وساطة إيرانية بين تركيا وسوريا، مطالبا أنقرة بـ«متابعة قضاياها على هذا الصعيد في إطار اجتماعات آستانة، وبأخذ وجهة نظر الحكومة السورية بعين الاعتبار».
كما نفى قاسمي أن يكون غياب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن مؤتمر دافوس الاقتصادي نهاية الشهر الماضي على صلة بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مشددا على أن الغياب سببه تغييرات جرت في هيكل الخارجية الإيرانية، وأن «ما تداولته وسائل الإعلام في هذا الصدد مجرد تكهنات». وكانت وزارة الخارجية الإيرانية أقدمت على تعديل في تشكيلة مساعدي وزير الخارجية في مختلف المجالات.
من جهة ثانية، أعلن قاسمي مشاركة بلاده في مؤتمر إعادة إعمار العراق في الكويت الأسبوع المقبل، من دون الكشف عن هوية المسؤول الذي سيمثل إيران في المؤتمر. ولفت قاسمي إلى أن طهران «ستتخذ القرارات المطلوبة حول إعادة إعمار العراق بعد الاطلاع على المشروعات والبرامج المطروحة في مؤتمر الكويت».



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.