رعب على طريق دمشق ـ حمص... وخوف من «صيد ثمين»

{الشرق الأوسط} تستطلع الخط البديل إلى «عاصمة الثورة»

TT

رعب على طريق دمشق ـ حمص... وخوف من «صيد ثمين»

على نقيض البرد القارس في ساعات الفجر، كانت المعارك حامية للغاية بين قوات النظام وفصائل المعارضة في منطقة حرستا المشرفة على أوتوستراد حمص - دمشق، وتسيطر عليه فصائل نارياً منذ سنوات، الأمر الذي حال دون السفر إلى حمص من مدخل العاصمة الشمالي الشرقي.
أصوات القصف والانفجارات القادمة من منطقة حرستا، كانت تسمع بوضوح في أرجاء العاصمة، لكنها أكثر وضوحاً في حي برزة، نقطة الانطلاق البديلة إلى حمص عبر طريق متعرجة، تمتد على مسافة تقارب 50 كلم من قلب دمشق حتى الوصول إلى الأوتوستراد الدولي عند جسر بغداد.
الطريق البديلة، يظنها كثيرٌ من المسافرين آمنة، لمجرد عدم وجود معارك على جانبيها، لكن سرعان ما يدب الرعب في القلوب، عند أول حاجز لجهاز الأمن السياسي التابع لدمشق، الواقع على بعد أمتار من حي برزة عند أبنية منطقة مسبق الصنع على أوتوستراد «حاميش». السبب ليس وجود اشتباكات، بل جراء نظرات عناصر الحاجز وطريقة كلامهم وهم يدققون ببطاقات المسافرين الشخصية، وقد يعتقد المرء أنهم يحاولون الانتقام من المسافرين جراء البرد الذي ينخر أجسامهم.
مع ذلك، فإن هذا الحاجز هينٌ قياساً إلى حاجز «عش الورور» الذي يليه، المعروف بصيته السيئ، حيث شهد العديد من حالات الاعتقال والخطف. إذ إن عناصره من «قوات الدفاع الوطني» الموالية للنظام، واستماتت للإبقاء عليه في ظل محاولات للنظام إزالته، لما يشكل لها من نفوذ ومردود مادي لها جراء «الرشاوى» التي يفرضها عناصره على الكثير من المارة مقابل السماح لهم بالمرور.
عناصره يبدون تدقيقاً أكثر في بطاقات المسافرين الشخصية من عناصر الحاجز الذي سبقه، إذ إن «الصيد الثمين»، ربما يكون «متخلفاً عن خدمة العلم»، أو «الاحتياط»، أو من ذوي «قيود» المناطق الساخنة، أو جراء حالة «مزاجية» لدى أحد العناصر. بالتالي ازدحام السيارات على الحاجز كان أكثر، وترقب وقلق المسافرين للسماح لهم بالمرور يصبح لفترة أطول.
بعد تجاوز المرحلة السابقة من الطريق، ينتابُ المسافرين شيء من الارتياح النفسي. إذ إن الحاجز الذي يلي ويقع على مدخل بلدة معربا، وتشرف عليه عناصر الأمن العسكري هو أقل تدقيقاً. لحسن حظهم، تمت إزالة جميع الحواجز بين معربا وكلية العلوم السياسية على المتحلق الشمالي في مدينة التل، التي يليها مباشرة حاجز يقع تحت جسر الكلية تشرف عليه عناصر الأمن السياسي، وهو قليل التدقيق أيضاً. يتابع المسافرون بعد ذلك طريقهم مروراً ببلدات معرة صيدنايا ومعرونة بمنطقة القلمون الشرقي وصولاً إلى جسر بغداد الذي يؤدي بدوره إلى الطريق الدولية السريعة الواصلة بين دمشق وحمص.
أول حاجز على الطريق الدولية يصادف المسافرين بعد تجاوز جسر بغداد، هو «حاجز القطيفة» الشهير بصيته السيئ، وتشرف عليه عناصر الأمن العسكري. ويعد من أكثر الحواجز تدقيقاً واعتقالاً للمسافرين، ويشهد ازدحاماً كبيراً في ثلاثة معابر طويلة جداً، أحدها مخصص لتسهيل مرور السيارات العسكرية وضباط عناصر قوات النظام وحاملي البطاقات الأمنية التابعين له.
وإن كانت الحواجز السابقة على الطريق، وفي قلب العاصمة، لا تدقق كثيراً ببطاقات من في داخل السيارات المارة عن «الخط العسكري»، فإن عناصر حاجز «القطيفة» يدققون ببطاقات هؤلاء وسياراتهم، لكن بشكل أخف مما هو عليه في المسربين المخصصين للسيارات العادية والمدنيين، حيث تتعرض بطاقات من يستقلون سيارات خاصة لتدقيق كبير قبل السماح لها بالمرور، على حين تجري عملية تدقيق لبطاقات المسافرين ضمن الحافلات العامة على الكومبيوترات من أجل ضبط المطلوبين، ما يضطر المسافرين في تلك الحافلات للانتظار لفترات طويلة على قارعة الطريق في ظل الهواء الشديد والبرد القارس، تصل ما بين 30 إلى 45 دقيقة، تعاد بعدها بطاقاتهم إليهم ومن ثم يتم السماح للحافلة بالمرور.بعد ذلك تبدو الطريق سهلة أمام المسافرين، غير أن ما يعكرها كان كثافة الضباب وأزيز الهواء المتسرب إلى داخل السيارات، ووعورة جانبي الطريق من صحراء وتلال مقفهرة. منظرها يضفي مزيداً من الخوف والقلق على المارة من مفاجآت طالما صادفت الكثير من المسافرين، والمتمثلة بـ«حواجز طيارة» تقوم بإيقاف السيارات بهدف الخطف بغرض الفدية أو سرقة السيارات، علماً بأن تلك المنطقة من الجهة الشرقية يبدو فيها بشكل واضح الانتشار لعدد من دبابات قوات النظام وبعض الخيام والقطع العسكرية ذات العناصر القليلة، بينما على الجانب الغربي للطريق يبدو وإن بشكل غير لافت انتشار عناصر «حزب الله» اللبناني التي تسيطر على المنطقة.
لم يكن الوصول إلى منطقة النبك بالسهل في ظل الحالة الجوية الرديئة، حيث أقيم في مدخلها حاجز شكلي، وآخر عند مدخل مدينة قارة متوسط الازدحام، وهو الحاجز المسؤول عن تغطية مناطق النبك ودير عطية ويبرود، حيث يلاحظ انتشار كثيف على جانبي الطريق لقوات النظام وحلفائها من ميليشيات إيرانية و«حزب الله».
وحتى بلدة قادش جنوب حمص، تندر الحواجز العسكري لتحل محلها دوريات الجمارك «الطيارة» بذريعة مكافحة التهريب على الطريق، ليصادف المسافرين حاجز قليل التدقيق على السيارات الخاصة وعلى الحافلات أيضاً عند مدينة حسياء. ومع الوصول إلى مدخل مدينة حمص، يكون باستقبال المسافرين حاجزان، الأول: للأمن العسكري والثاني: لجهاز الاستخبارات الجوية، يقوم عناصرهما بتدقيق كبير بالسيارات الداخلة إلى المدينة، وكذلك ببطاقات من بداخلها الشخصية والاستفسار عن أسباب الزيارة والجهات التي يودون الذهاب إليها.
أما بالنسبة إلى العائدين، فإن المسافرين يصادفون ذات الحواجز التي مروا بها في طريق الذهاب، الذي يستغرق نحو الساعتين، لكن الخلاف هو المزيد من التدقيق في حاجز القطيفة للداخلين إلى العاصمة، إضافة لوجود جهاز «سكنر» لفحص السيارات وكشف المتفجرات، وهو جهاز إيراني الصنع، ووضع النظام أجهزة منه على كافة مداخل العاصمة.
وعند الوصول إلى مشارف دمشق، هناك خيار واحد وهو طريق فرعية (تحويلة) من جسر بغداد إلى طريق المتحلق الشمالي ومنه إلى قلب العاصمة، لأن الاستمرار في الأتوستراد باتجاه حرستا، ومنها إلى منطقة العباسيين، متعذر بسبب المعارك الدائرة هناك. ويلاحظ أن «تحويلة» جسر بغداد قسّمتها قوات النظام إلى مسربين: أحدهما مخصص لمرور الشاحنات المحملة بالبضائع، والحركة عليها بطيئة للغاية، وغالباً ما يتقاضى عناصر الجيش والأمن من سائقيها مبالغ طائلة للسماح لهم بالمرور. المسرب الآخر، مخصص للسيارات الخاصة وحافلات نقل الركاب، ويتم السماح لها بالمرور من دون تدقيق كبير.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.