مسؤول فلسطيني: فك الارتباط بإسرائيل قيد التنفيذ ويحتاج لخطط وبدائل

الفلسطينيون يتطلعون إلى التخلص من معظم الاتفاقات... لكن إسرائيل تسيطر على كل شيء

TT

مسؤول فلسطيني: فك الارتباط بإسرائيل قيد التنفيذ ويحتاج لخطط وبدائل

قال واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إن القيادة الفلسطينية قررت الانفكاك الكامل عن إسرائيل، سياسياً واقتصادياً وأمنياً، على طريق تجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض.
وأضاف أبو يوسف لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة لجنة عليا ستهتم بالانفكاك السياسي، وطلبنا من الحكومة أن تضع لنا خطة لتنفيذ فك الارتباط أمنياً واقتصادياً، بما يشمل البدائل المتاحة».
وتابع: «هذا يعني إلغاء الاتفاقات السياسية والأمنية والاقتصادية».
وأوضح أبو يوسف أن لجنة عليا من التنفيذية ومركزية فتح والرئاسة، ستتابع تعليق الاعتراف بإسرائيل حتى تعترف بالدولة الفلسطينية. وهذا يعني أيضاً وقف العلاقات السياسية مع إسرائيل.
وأردف: «في الأثناء، الحكومة ستبحث خياراتها والبدائل المتاحة لوقف التنسيق الأمني والتخلص من التبعية الاقتصادية لإسرائيل».
وضرب مثلاً: «سندرس جلب مشتقات البترول من دول عربية بدل شرائه من إسرائيل».
ويوجد بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية اتفاقات سياسية وأمنية واقتصادية عدة، جاءت في ملاحق لاتفاق أوسلو الشهير الذي وقع عام 1993، ونص على انسحاب القوات الإسرائيلية على مراحل من الضفة الغربية وغزة، وإنشاء «سلطة حكم ذاتي فلسطينية مؤقتة»، لمرحلة انتقالية تستغرق خمس سنوات، على أن تُتوج بتسوية دائمة بناء على القرار رقم 242 والقرار رقم 338.
وتمخض الاتفاق عن تشكيل لجنة الارتباط المشتركة الإسرائيلية - الفلسطينية، من أجل معالجة القضايا التي تتطلب التنسيق، وقضايا أخرى ذات الاهتمام المشترك، والمنازعات.
وتطرق الاتفاق إلى التعاون الإسرائيلي - الفلسطيني في المجالات الاقتصادية كذلك.
وبعد عام واحد، وقع الطرفان اتفاق باريس الاقتصادي، وينظم العمالة الفلسطينية والعلاقات المالية والاقتصادية بين الطرفين.
وأوقف الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، التنسيق الأمني لفترة محددة لكنه استؤنف مجددا.
وحاول الفلسطينيون في وقت سابق، تعديل اتفاق باريس الاقتصادي الذي يكبل الاقتصاد الفلسطيني بغلاف جمركي وكوتة محددة للسوق، واتفاقات جزئية معقدة بشأن الاستيراد والتصدير، لكن إسرائيل لم تتجاوب مع هذه المحاولات.
وقال أبو يوسف إن المرحلة الآن مختلفة. وأضاف: «أوسلو برمته لم يعد موجودا». وتابع: «نحن جادون في فك الارتباط... ندرس الآن كيف يتم ذلك وليس متى».
وعملياً تحكم إسرائيل قبضتها الأمنية على الأرض الفلسطينية وعلى الحدود والمعابر وتتحكم في حركة الأفراد، وهو ما يثير أسئلة كثيرة حول القدرة على فك الارتباط من دون استقلال كامل.
وفي سنوات سابقة، أقر رئيس الوزراء السابق سلام فياض بصعوبة التخلص من الاتفاقات «السيئة» من دون «دولة»، باعتبار إسرائيل متحكمة بشكل تعسفي في كل «مدخل ومخرج».
لكن أبو يوسف قال إنهم سيدرسون الآن كيف يمكن تنفيذ ذلك. وأضاف: «لجنة عليا من التنفيذية ومركزية فتح والرئاسة ستشرف على كل شيء»، وقال إن «بعض القرارات ستنفذ فورا لكن الأخرى تحتاج إلى التدرج... نحن ندرك ذلك».
وأوضح: «بشكل فوري، سنتحرك نحو مجلس الأمن الدولي، من أجل طلب الاعتراف بدولة فلسطين، وتفعيل طلب الحماية الدولية. وسنتقدم بطلبات إحالة لفتح تحقيق قضائي في جرائم إسرائيل. لكن قرارات أخرى تحتاج إلى دراسة وبحث وإيجاد بدائل».
وجاء حديث أبو يوسف بعد يوم واحد من أول اجتماع للجنة التنفيذية بعد قرارات المجلس المركزي الشهر الماضي.
وكانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي انعقدت برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قررت التوجه لمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، من أجل طلب عضوية فلسطين الكاملة، وتفعيل قرارات الشرعية الدولية من أجل إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، كما قررت التقدم من المحكمة الجنائية الدولية بطلب إحالة تحقيق قضائي في جرائم الاستيطان والتمييز العنصري والتطهير العرقي الصامت الجاري في مدينة القدس ومحيطها، وفي الأغوار الفلسطينية ومناطق جنوب الخليل وغيرها من المناطق المحتلة، من أجل مساءلة ومحاسبة المسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين الإسرائيليين وجلبهم إلى العدالة الدولية.
وطلبت التنفيذية من الحكومة البدء فوراً بإعداد الخطط والمشاريع لخطوات فك ارتباط مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، على المستويات السياسية والإدارية والاقتصادية والأمنية، وعرضها على اللجنة التنفيذية للمصادقة عليها، بدءاً من تحديد العلاقات الأمنية مع الجانب الإسرائيلي، والتحرر من قيود اتفاق باريس الاقتصادي بما يلبي متطلبات النهوض بالاقتصاد الوطني.
وقررت تشكيل لجنة عليا لتنفيذ قرارات المجلس المركزي، وبما يشمل تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967، وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية، ووقف الاستيطان، وعلى أهمية وضرورة تحرير سجل السكان وسجل الأراضي من سيطرة سلطات الاحتلال، ومد ولاية القضاء الفلسطيني والمحاكم الفلسطينية على جميع المقيمين على أراضي دولة فلسطين تحت الاحتلال.
وترأس عباس أمس اجتماعا للجنة المركزية لحركة فتح.
وقالت اللجنة المركزية في بيان لها: «إن الإعلان الأميركي بشأن القدس، يتطلب من المجتمع الدولي بناء آلية جديدة قادرة على وضع الأساس السليم لأي عملية سياسية ورعايتها وصولاً للحل السياسي وإقامة السلام».
وأكدت اللجنة المركزية رفضها المطلق للقرار الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، منوهة إلى أنه ونتيجة لهذا القرار فإن الولايات المتحدة قد فقدت أهليتها للعب دور الوسيط بين جانبي الصراع، ولم تعد قادرة على لعب دور راعي عملية السلام.
وعبرت المركزية عن قلقها الشديد تجاه بعض المواقف الأميركية الأخرى، وبخاصة عدم معارضة المستعمرات الإسرائيلية والموقف ضد الأونروا، والتأثيرات الخطيرة لهذه المواقف، بما في ذلك تشجيع إسرائيل على تصعيد الاستعمار الاستيطاني لبلادنا، واتخاذ المزيد من الخطوات المعادية لشعبنا وللسلطة الوطنية، مثل حملة القمع الوحشية ضد أهلنا في جنين.
وعبرت اللجنة عن تقديرها لمواقف الإخوة العرب، وبشكل خاص، موقف الأردن بقيادة الملك عبد الله الثاني، وموقف مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكذلك تقديرها لمواقف الكثير من الدول الصديقة، وتجاوبها مع التحرك الفلسطيني، بما في ذلك روسيا والصين ودول الاتحاد الأوروبي، وكررت دعوتها لهذه الأخيرة، باتخاذ خطوات إضافية خاصة فيما يتعلق بالاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.