«حماس» تثير مخاوف الإسرائيليين مع مواصلة تجاربها الصاروخية قبالة سواحل غزة

قالت مصادر إسرائيلية إن «كتائب القسّام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، أطلقت أمس (السبت)، 5 صواريخ قبالة سواحل قطاع غزة في إطار التجارب شبه اليومية التي تقوم فيها بإطلاق صواريخ تطوّرها وحدة التصنيع في الكتائب تحسباً لأي مواجهة عسكرية جديدة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وأشارت مصادر عسكرية إسرائيلية إلى أن «حماس» تطلق بشكل شبه يومي من صاروخ إلى 5 صواريخ في مناطق ساحلية في قطاع غزة، موضحةً أن تلك الصواريخ التي تطلَق من مناطق عدة في القطاع تهدف إلى رفع الكفاءة والقدرات العسكرية لتلك الصواريخ وتحسين مداها.
وتكرر «كتائب القسام» في العديد من خطابات المتحدث باسمها، وكذلك على لسان قادة ميدانيين يتحدثون في مهرجانات تنظمها «حماس»، أنها باتت تمتلك قدرات أفضل مما كانت عليه في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة في صيف 2014. وأكد هذه التصريحات يحيى السنوار قائد حركة «حماس» في غزة وأحد المقربين من قيادات «القسّام»، والذي قال أخيراً إن «كتائب القسام» قادرة في يوم واحد فقط على إطلاق كل ما أطلقته خلال 51 يوماً من تلك الحرب مع إسرائيل.
وتثير عمليات إطلاق الصواريخ حالة من الخوف والقلق لدى المستوطنين الذين يقطنون بالقرب من حدود قطاع غزة، والذين يراقبون إطلاق تلك الصواريخ ويوثّقونها في بعض الأحيان وهي تنطلق في اتجاه سواحل القطاع. وتحاول الجبهة الداخلية الإسرائيلية وكذلك القيادة العسكرية تهدئة الأوضاع في أوساط الإسرائيليين قرب غزة، والتأكيد أن «حماس» وإسرائيل ليستا معنيتين بتصعيد عسكري، وأن ما تقوم به الحركة الفلسطينية التي تحكم قطاع غزة يأتي في إطار محاولاتها تحسين قدراتها العسكرية.
وتربط إسرائيل وجهاتٌ دولية نزعَ سلاح الفصائل الفلسطينية المسلحة، ووقفَ تحسين الصواريخ وبناء الأنفاق وغيرها، بتحسين الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه السكان في قطاع غزة. لكن «حماس» ترفض أي محاولات لطرح قضية سلاحها على طاولة الحوار سواء مع السلطة الفلسطينية أو غيرها، مؤكدة أنها ستواصل تعزيز قدراتها من أجل ما تصفه بـ«معركة التحرير».
وقال نائب وزير الجيش الإسرائيلي إيلي بن دهان، يوم الخميس الماضي، خلال جولة له في عرض البحر قبالة حدود غزة، إن «حماس» تحاول باستمرار مهاجمة إسرائيل عن طريق البحر، مشيراً إلى أن هناك مجموعة من التهديدات المعقدة التي تحاول «حماس» فرضها من خلال حفر الأنفاق، وإرسال الغواصين، ومحاولة اختراق أراضي إسرائيل، والقيام بهجوم باستخدام تقنيات وأساليب متطورة. وأضاف: «مهمتنا هي مواصلة الجهد لزيادة الاستعداد التشغيلي على جميع المستويات لأي تهديد يواجهنا... أنا على يقين من أن البحرية ستعرف كيف تدافع عن دولة إسرائيل كل التهديدات». وأشاد بـ«عزيمة» الجنود الإسرائيليين الذين قال إنهم «يخدمون من أجل حماية الحدود البحرية» لإسرائيل.
ويبدو أن تل أبيب تتخوف من أن تكون عمليات إطلاق الصواريخ مقدمة لاستهداف منصات الغاز التي تعمل قبالة سواحل قطاع غزة، خصوصاً أن حركة «حماس» تمتلك قوة ضفادع بشرية تعمل في البحر، ونفّذت خلال حرب 2014 عدة مهام، منها عملية تسلل لمقاتلين إلى موقع عسكري قبالة سواحل عسقلان في عملية شكلت مفاجأة كبيرة لقوات الأمن الإسرائيلية آنذاك.
ويقول إبراهيم المدهون، المحلل السياسي المقرب من حركة «حماس»، إن عمليات إطلاق الصواريخ التجريبية من قِبل المقاومة وعلى رأسها «كتائب القسام»، تُعد «سلوكاً طبيعياً وعملاً اعتيادياً تمارسه المقاومة الفلسطينية من أجل تطوير سلاحها وتعزيز دقة صواريخها ومداها». وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الصواريخ لا تطلَق للتهديد وإن كانت تحمل رسائل، ولكن هي تطلَق من أجل حاجة التطوير، وأن عملية إطلاق الصواريخ الخمسة ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تقوم بها المقاومة». وأشار إلى أن إطلاق الصواريخ التجريبية تجاه البحر يتم حتى لا يتم إطلاقها تجاه أهداف في غزة أو تجاه أهداف خاضعة لسيطرة الاحتلال، حتى لا يكون هناك «إعلان مواجهة وإنما فقط للتأكيد أن الغرض تجريب الصواريخ وقياس مداها وقوة الانفجار والأداء».
ولفت إلى أن ذلك «له دلالة تؤكد أن المقاومة، وخصوصاً كتائب القسام، تعمل بشكل متواصل على تطوير سلاحها وصواريخها، كما أنها (التجارب الصاروخية) تحمل رسائل مفادها أن نمو المقاومة وتسلحها لم يتوقفا رغم الحروب والحصار المفروض على قطاع غزة، وأنها نجحت في مواصلة توسعة عملها العسكري وزيادة قوتها وعدد صواريخها». وأضاف: «كما أنها تحمل رسائل واضحة أن المقاومة لن تتنازل لا عن سلاحها ولا عن تطوير هذا السلاح، وستستمر في تطويره وتنظر إلى هذا الأمر باعتباره أمراً طبيعياً بل جعلته اعتيادياً، ولهذا فإن الاحتلال حتى اللحظة يراقب هذه الصواريخ ولا يقوم بأي رد فعل عسكري غير رصدها، ويكتفي بالرد على الصواريخ الفردية التي تطلَق خارج الإجماع الوطني تجاه مستوطناته المحاذية للقطاع، كما جرى في اليومين الماضيين».
وحول إمكانية أن تكون هذه التجارب تجاه البحر مقدمة لاستهداف منصات الغاز الإسرائيلية في أي مواجهة مقبلة، قال المدهون «لم يتم حتى الآن الإعلان أو التلميح إلى أن هذه الصواريخ يمكن أن تستهدف الزوارق أو مواقع الغاز والعمل لدى الاحتلال». وأشار إلى أن تلك الصواريخ هدفها حتى الآن، كما يبدو، التجريب والتطوير، مضيفاً أنه لا يعرف بعد إلى أي مدى وصلت المقاومة في فعالية وقدرة صواريخها، خصوصاً أنها تعتمد -كما تقول مصادر المقاومة-
على تطوير سلاحها بنفسها من خلال الموارد المحلية والعقول البشرية التي تمتلكها.
وعن ارتباط ذلك بوحدة الضفادع البشرية ومهامها العسكرية، أشار المحلل السياسي المقرب من «حماس»، إلى أن فصائل المقاومة «تجتهد من أجل تطوير قطاعاتها العسكرية ووحداتها باستمرار سواء البحرية أو الصاروخية أو الدفاعية أو من يعملون عبر الأنفاق»، مضيفاً أنه «لا أحد يعلم (غير حماس نفسها) ما المدى التي وصلت إليه قوة الضفادع البشرية والوحدات العسكرية الأخرى، وما يمكن أن تُظهره من مفاجآت في المواجهة المقبلة».
في غضون ذلك، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الجيش الإسرائيلي، إعلانه أنه شن غارة على جنوب غزة، أمس (السبت)، بعد إطلاق صاروخ من القطاع الفلسطيني على جنوب إسرائيل ليلاً من دون أن يسبب إصابات. وقال الجيش الإسرائيلي في بيانه: «رداً على إطلاق صاروخ على جنوب إسرائيل (...) شنت طائرات ضربة على موقع مكون من بنايتين عسكريتين». ونقلت الوكالة الفرنسية عن مصدر أمني فلسطيني أن الغارة في غرب مدينة رفح أصابت موقعاً لـ«كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، لكنها لم تسبب سقوط جرحى.
من جهتها، ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، أن الصاروخ الذي أُطلق من غزة سقط في أرض خالية ولم يؤدِّ إلى إصابات.
كان الطيران الحربي الإسرائيلي قد قصف موقعاً لحركة «حماس»، أول من أمس (الجمعة)، في شمال غزة بعد إطلاق صاروخ من القطاع المحاصَر، وفق الجيش الإسرائيلي.
وأفاد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية، بأن الطيران الإسرائيلي قصف منطقة قرب بيت حانون في شمال قطاع غزة.
وأطلقت الفصائل المسلحة في غزة 20 صاروخاً وقذيفة هاون على الأقل على جنوب إسرائيل، منذ أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب في السادس من ديسمبر (كانون الأول) 2017، الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، حسب حصيلة أوردتها وكالة الصحافة الفرنسية التي أشارت إلى أنه غالباً ما تقوم فصائل إسلامية بإطلاق صواريخ، لكن إسرائيل تحمّل قادة «حماس» مسؤولية أي هجمات انطلاقاً من القطاع، وترد مستهدفة مواقع للحركة.
وتلتزم إسرائيل و«حماس» وقفاً هشاً لإطلاق النار منذ انتهاء الحرب التي شنتها الدولة العبرية على غزة صيف 2014، وكانت الثالثة منذ سيطرة الحركة الإسلامية على القطاع في 2007.