بعد السادسة مساء الثلاثاء قبل الماضي بقليل، بتوقيت وسط أوروبا، جرى توجيه اتهامات إلى «أندرلخت» بانتهاك المادة 19 (3) من تنظيمات السلامة والأمن الصادرة عن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا). وفي الواقع، يحمل الاتهام الموجه إلى البطل البلجيكي في طياته أملاً في أن تنتهي المعاناة التي تعايشها الجماهير عاماً بعد آخر خلال المباريات البعيدة عن أرضها على الصعيد الأوروبي. ومع هذا، تبقى هناك مشاعر غضب إزاء منظومة التذاكر التي لا تزال عرضة لسوء الاستغلال.
كان «يويفا» قد شرع في اتخاذ إجراءات ضد «أندرلخت» بعدما فرض النادي على جماهير «بايرن ميونيخ» 100 يورو ثمناً لتذكرة حضور مباراة بدور المجموعات في «دوري أبطال أوروبا»، في نوفمبر (تشرين الثاني). ومن جهتهم، قاطع مشجعو «بايرن ميونيخ» التذاكر التي جرى خفض ثمنها نهاية الأمر إلى 70 يورو، بفضل الدعم الذي دفعه ناديهم! ومثلما حدث أمام «آرسنال» منذ عامين، عندما فرض على جماهير «بايرن ميونيخ» بعيداً عن أرضها تذكرة بسعر 100 يورو لحضور مباراة بدور المجموعات، بدا أمام الجماهير أن الوقت قد حان لاتخاذ موقف واضح حاسم.
وتبدو ثمة أسباب منطقية تماماً وراء غضب مشجعي النادي إزاء مساعي النادي المنافس لاستغلالهم في تحقيق مكاسب مادية ضخمة، وتجاهل «يويفا» للقضايا التي تؤرقهم. في البداية، اتخذ «يويفا» إجراءً عقابياً ضد «بايرن ميونيخ» بتغريمه 20 ألف يورو، بعدما ألقت جماهيره بأموال زائفة على أرض الملعب (نص الاتهام أشار لإلقاء الجماهير «أشياء» ورفع «لافتات غير قانونية»... حملت عبارة: «هل أشبعنا جشعكم الآن؟»). وفي الحقيقة، يبدو هذا تساؤلاً مشروعاً للغاية، وقد جاءت إجابته باهظة.
ويأتي الإعلان الصادر هذا الأسبوع عن فتح «يويفا» تحقيقاً بشأن مصدر المشكلة التي وقعت في «أندرلخت» بمثابة خطوة على الطريق الصحيح، وإن كانت قد جاءت بعد ضغوط شديدة وحملة مستمرة ضد أسعار التذاكر الأوروبية من جانب مجموعة مشجعي «بايرن ميونيخ» التي تطلق على نفسها «النادي رقم 12».
وكانت مجموعة «النادي رقم 12» أول من اتهم «أندرلخت» بانتهاك المادة 19 (3)، التي تنص على أنه: «فيما عدا الحالات التي تتفق خلالها الاتحادات أو الأندية على خلاف ذلك، فإن أسعار التذاكر لجماهير الفريق الزائر يجب ألا تتجاوز الثمن الذي يجري دفعه للتذاكر المنتمية لفئة مشابهة، التي يجري بيعها لجماهير الفريق صاحب الأرض». وأوضحت المجموعة أن أنصار النادي البلجيكي كانوا قادرين على شراء تذاكر مباريات دور المجموعات فقط كحزمة. وبالنسبة لجماهير «أندرلخت»، فإن إجمالي تكلفة حضور المباريات على أرضهم أمام «بايرن ميونيخ» و«سلتيك» و«باريس سان جيرمان» كانت 141 يورو.
من ناحية أخرى، من الواضح أن قرار «يويفا» توجيه اتهام إلى «أندرلخت» جاء في وقت مناسب تماماً. ورغم أن القاعدة الرامية للحيلولة دون فرض الأندية أسعاراً مبالغ فيها للتذاكر بالنسبة للجماهير التي تحضر مباريات لأنديتها خارج أراضيها تقوم على نيات حسنة، فإن ثمة ثغرات كبرى بها تكشفت باستمرار، وتتزايد الشكاوى يوماً بعد آخر من أسعار التذاكر.
من ناحيته، أكد «ليفربول» هذا الأسبوع أنه تقدم بشكوى إلى «يويفا» و«بورتو» بسبب فرض النادي البرتغالي أسعار تذاكر على الجماهير البعيدة عن أرضها تبلغ 3 أضعاف ما تدفعه جماهيره لحضور مباراة مقررة هذا الشهر في إطار «دوري أبطال أوروبا».
جدير بالذكر أن جماهير «مانشستر يونايتد» يتعين عليها دفع 101 يورو لحضور مباراة الذهاب لناديهم في دور الـ16 أمام «إشبيلية». ويزيد ذلك بمقدار 40 يورو عما دفعته جماهير «ليفربول» هناك في دور المجموعات. وعليه، فإن «مانشستر يونايتد» فرض على جماهير «إشبيلية» 35 جنيهاً إسترلينياً إضافية داخل ملعبه «أولد ترافورد».
ويستغل المال في توفير دعم لتذاكر مباراة الذهاب في أندلوسيا. وحالياً، يوفر «إشبيلية» دعماً لجماهيره لحضور مباراة الإياب، وقد تقدم بشكوى ضد «مانشستر يونايتد» إلى «يويفا» بسبب رفع أسعار التذاكر، وليس بسبب تخصيص 5 في المائة من المقاعد داخل «أولد ترافورد» لجماهير الفريق الزائر. إلا أن تلك ليست سوى محاولات انتقامية لا جدوى من ورائها، ولا تسهم في تناول القضية، وهي تكشف أوجه القصور لدى «يويفا» فيما يخص محاربة الأسعار المبالغ فيها.
اللافت أنه رغم الشكوك الأخلاقية المحيطة بـ«إشبيلية» و«بورتو»، فإنهما لم ينتهكا القواعد التي يفرضها «يويفا». وجدير بالذكر أن «بورتو» يفرض على جماهير «ليفربول» 75 يورو عن تذاكر مباراة ستحضرها جماهير «بورتو» مقابل 25 يورو. وتكمن الثغرة المتعلقة بموقف «بورتو» في أن تذاكر الدخول العامة بالنسبة للجماهير صاحبة الأرض يبلغ سعرها 75 يورو.
وذكر البيان الصادر عن «ليفربول» أخيراً أنه «من غير الواضح أنه سيجري بيع أية تذاكر دخول عامة بسعر 75 يورو، بالنظر إلى الطلب المتوقع من قبل جماهير (بورتو)». وعليه، فقد رفع نادي «ليفربول» هذا التفاوت الكبير إلى أعلى المستويات لدى «يويفا» و«بورتو»، الذي أكد مسؤولوه من جانبهم على أن هذا الهيكل التسعيري والسياسات تتوافق مع ما حدث خلال الجولات السابقة من البطولة. وجدير بالذكر أن جماهير «ليستر سيتي» دفعت 34.50 جنيه إسترليني داخل ملعب بورتو «استاديو دو دراغاو»، في ديسمبر (كانون الأول) 2016.
من جانبه، أعلن «يويفا» أن «مسألة تسعير تذاكر المباريات خارج الأرض أثيرت مع مسؤولي (يويفا) في مناسبات عدة. ونظراً لأن استراتيجية تسعير التذاكر تقع تحت مسؤولية النادي صاحب الأرض، فإننا نركز على تشجيع الحوار بين الأندية لتسوية أية خلافات، أو تجنب حدوث خلافات تتعلق بمثل هذه الأمور. ويمكن أن يسفر انتهاك التنظيمات عن اتخاذ إجراءات عقابية».
والواضح أن الأزمة القائمة بين «مانشستر يونايتد» و«إشبيلية» لا علاقة لها بمحاولات «يويفا» التوصل إلى مصالحة. وقد أدى ترك العنان للأندية صاحبة الأرض في تحديد أسعار التذاكر إلى خلق مشكلات جمة. ومن جانبها، تتبع أندية الدوري الممتاز توجهات مختلفة حيال بطولة «دوري أبطال أوروبا» هذا الموسم. ومن جهته، يقر «ليفربول» هيكلاً سعرياً واحداً إزاء المنافسة، فقد دفع المشجعون 59 جنيهاً إسترلينياً لحضور مباراة بدور المجموعات أمام «ماريبور» السلوفيني من داخل المدرجات الرئيسية، وسيدفعون المبلغ ذاته لحضور مباراة دور قبل النهائي أمام «ريال مدريد»، بينما حدد «تشيلسي» سعر تذكرة المباراة بدور المجموعات بـ35 جنيهاً إسترلينياً، قبل أن يرفع السعر في جولات التصفيات. وسيتعين على غير الأعضاء دفع 75 جنيهاً إسترلينياً لمشاهدة مباراة الذهاب في دور الـ16 أمام «برشلونة» في «ويست ستاند»، إذا ما بقيت أية تذاكر لغير الأعضاء.
ومن بين المقترحات التي تقدمت بها مجموعة «النادي رقم 12» أن يدفع مشجعو النادي الزائر سعراً أقل من السعر المتاح أمام مشجعي النادي صاحب الأرض. وبذلك، تجري حماية الهدف الحقيقي من وراء المادة 19 (3)، وتسد الثغرات القائمة بها. ومعلوم أن الدوري الألماني الممتاز يقر هذا الترتيب في تحديد أسعار التذاكر.
«يويفا» يسعى لمنع استغلال الجماهير الزائرة في البطولات الأوروبية
الأندية تقوم ببيع تذاكر المباريات على أرضها بأسعار باهظة
«يويفا» يسعى لمنع استغلال الجماهير الزائرة في البطولات الأوروبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة