أزمة بري ـ باسيل إلى الانفراج... وترقب اجتماع الثلاثاء المقبل

عون اتصل برئيس المجلس... ومصادر «أمل» تصف الخطوة بالإيجابية

لقاء بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري في قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
لقاء بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري في قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
TT

أزمة بري ـ باسيل إلى الانفراج... وترقب اجتماع الثلاثاء المقبل

لقاء بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري في قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
لقاء بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري في قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)

شكل اتصال رئيس الجمهورية ميشال عون برئيس مجلس النواب، نبيه بري، بداية لانفراج أزمة باسيل - بري، بعد الانفجار الذي شهده الشارع اللبناني ليل الأربعاء، وكادت التوترات بين مناصري الطرفين تتحول إلى اشتباكات مسلحة في منطقة الحدث على مشارف الضاحية الجنوبية لبيروت، والتي طالما كانت تعتبر خط تماس في الحرب الأهلية.
وأكد عون لبري خلال الاتصال بينهما، بحسب بيان عن الرئاسة الأولى، أن «الظروف الراهنة والتحديات تتطلب طي صفحة ما جرى أخيراً، والعمل يداً واحدة لمصلحة لبنان»، وفي حين أشار إلى أن الرئيس بري قدّر مبادرة الرئيس عون، أعلن عن اتفاق لعقد اجتماع يوم الثلاثاء المقبل، لدرس الخطوات الواجب اتخاذها لمواجهة التهديدات الإسرائيلية المتكررة، وبحث الأوضاع العامة في البلاد.
وقبل الإعلان عن الاتصال الذي أجراه عون ببري، كان رئيس الحكومة، سعد الحريري التقى الرئيس عون في قصر بعبدا، واكتفى بعد اللقاء بالقول: «كرامة الرئيس بري من كرامتي وكرامة الرئيس عون وكرامة الشعب اللبناني، وأنا أتحدث باسمي وباسم فخامة الرئيس، والأمور ستكون إيجابية بينهما إن شاء الله».
ورغم أن مطلب بري لم يكن أقل من اعتذار وزير الخارجية جبران باسيل، (صهر عون)، الذي اتهمه بـ«البلطجي» متوعداً بتكسير رأسه، في وقت لم يرض بيان الرئاسة تعليقاً على الأزمة بين الطرفين «حركة أمل» و«حزب الله» اللذين اعتبرا «أنه ساوى بين القاتل والقتيل»، رأت مصادر نيابية في «حركة أمل» أن «ما حصل يوم أمس خطوة إيجابية نحو الحل». وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً، من هنا نجدد تأكيدنا على أن هدفنا ليس التصعيد، بل التهدئة على أن تقوم الدولة والمؤسسات بدورها». وفي حين رجحت المصادر «أن تكون التهديدات الإسرائيلية الأخيرة وادعاءات وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أن بلوك 9 النفطي عائد لإسرائيل، قد تكون ساعدت في نجاح المساعي، أكدت على أهمية الوحدة الوطنية في هذا الوقت».
وبعد «ليلة الحدث» وما لحق بها من استعادة للغة الحرب، عكست المواقف التي صدرت عن المسؤولين من «التيار الوطني الحر» و«حركة أمل» طوال النهار، محذرة من لعبة الشارع، نية الطرفين في وضع حد للأزمة ومنع انفلات تداعياتها، وساهمت هذه الأجواء في تنفيس الاحتقان، في وقت غادر فيه وزير الخارجية جبران باسيل إلى أفريقيا للمشاركة في مؤتمر المغتربين.
أتى ذلك، في موازاة استمرار الحراك السياسي المكثف، وبخاصة من قبل «حزب الله» ورئيس الحكومة سعد الحريري، في محاولة لإيجاد حلول قد تؤدي على الأقل إلى انعقاد جلسة للحكومة الأسبوع المقبل، بعدما غابت هذا الأسبوع. وأكدت مصادر الحريري الذي يستمر في مساعيه للتهدئة «أن المشاورات مستمرة لتحديد موعد لجلسة الحكومة بحيث يتم إبعاد تداعياتها عن طاولتها»، وعبرت عن أملها في أن يمهد ما حصل لنتائج سياسية إيجابية، بينما رجحت مصادر «حركة أمل» أن تعقد جلسة الحكومة المقبلة بشكل طبيعي بعد تهدئة الوضع.
وفيما بدا إشارات إيجابية لعدم نية تعطيل المؤسسات الدستورية، قال أمس وزير المال علي حسن خليل: «لسنا بوارد تعطيل الحكومة، ولكن الوضع لن يكون سهلاً، والوضع السياسي ليس مريحاً، أما على الأرض فنحن طلبنا الخروج من الشارع». كما دعا بري اللجان النيابية إلى جلسة مشتركة يوم الثلاثاء المقبل لمتابعة درس مشاريع قوانين.
وقال وزير الشباب والرياضة محمد فنيش، ممثل «حزب الله» في الحكومة: «إن أي معالجة للأزمة يجب أن تتم بعيداً من الإعلام»، مجدداً في حديث لـ«وكالة الأنباء المركزية» موقف الحزب المُعلن منذ بداية أزمة «الفيديو» لناحية« ضرورة أن تكون معالجة الوضع القائم بأعلى درجة من الحكمة والمسؤولية». وأكد «أن لا خوف على الانتخابات النيابية المقبلة»، وجزم بأن «التفاهم مع التيار الوطني الحر ليس ظرفياً، بل أبعد وأعمق مما يحصل».
وبعد ثلاثة أيام على الأزمة الناتجة من وصف باسيل رئيس مجلس النواب بـ«البلطجي»، متوعداً بتكسير رأسه، وما تخللها من احتجاجات من قبل مناصري «أمل» أدت إلى إحراق الإطارات وإقفال الطرقات، أصدر المكتب السياسي للحركة بياناً، شكر فيه «كل الذين عبّروا عن استنكارهم وتضامنهم بعد الكلام المسيء الذي صدر بحق دولة الرئيس نبيه بري». ومع تأكيد الحركة على ثقتها بوعي الناس والتزامهم بما يعزز الاستقرار والمصلحة الوطنية، أهابت بكل الذين تحركوا بشكل عفوي وغير منظم من خلال مسيرات سيارة أدت إلى بعض الإشكالات التي لا تعكس صورة وموقف الحركة، أن يتوقفوا عن أي تحرك في الشارع لقطع الطريق عمن يريد حرف النظر عن الموضوع الأساسي وضرب علاقات اللبنانيين مع بعضهم».
وبعد دخول «حزب الله» بشكل مباشر على خط التهدئة، عقدت قيادته وقيادة «حركة أمل»، في بعبدا الشمال، صباحاً، اجتماعاً مشتركاً، في مقر قيادة حركة «أمل»، تم في خلاله البحث في مستجدات الأوضاع السياسية والانتخابية، وأكدتا خلاله «الحرص على وحدة الصف الوطني بجميع أطيافه، وضرورة تحكيم العقل وعدم إطلاق العنان للغرائز الطائفية».
وأصدرت هيئة قضاء بعبدا في التيار الوطني الحر على الموقف الذي أطلقه «حزب الله» في اتصالاته مع حركة أمل لضبط الشارع، معلنة أنها ترحب بهذه المبادرة وتلاقيها بالمثل في كل ما من شأنه تمتين العلاقات أكثر وأكثر والحفاظ على السلم الأهلي والمصلحة الوطنية العليا.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.