تيريزا ماي تشيد بـ«الحقبة الذهبية» خلال لقائها الرئيس الصيني

أشادت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي بـ«الحقبة الذهبية» في العلاقات البريطانية - الصينية خلال لقائها أمس الخميس مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، في اليوم الثاني من زيارتها لثاني أكبر اقتصاد في العالم، حيث قالت إنها تسعى للدفع بشراكة واعدة بين «دولتين تتطلعان للأمام». ويعد لقاء ماي مع الرئيس الصيني الأهم في زيارتها التي تستمر ثلاثة أيام، وتتركز على تعزيز العلاقات التجارية بين الدولتين.
وتعمل تيريزا ماي على إبرام عقود تجارية تحسن من مكانتها المهزوزة داخل حزبها وأمام المعارضة الرسمية وتقوي موقفها في مفاوضات بريكست. وخلال زيارتها الحالية للصين ركزت وسائل الإعلام البريطانية على «الجوانب السلبية» لقيادة ماي خصوصا بموضوع بريكست، مما أغضب وزير التجارة الدولية ليام فوكس، أحد أكثر المتحمسين لخروج بريطانيا من التكتل الأوروبي. وقال فوكس لهيئة البث البريطاني (بي بي سي) خلال اليوم الأول من الزيارة إنها - أي ماي - «تلقى احتراما وتقديرا خارج بلدها أكثر مما تلقاه في بلدها وحزبها»، مضيفا أنه من المهم التركيز على الجوانب الإيجابية من الزيارة وفرص الاستثمار التي في النهاية تصب في صالح بريطانيا وتساعدها في مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وجاءت الهجمة على ماي على خلفية الوثيقة الداخلية المسربة التي تتناول سيناريوهات مختلفة لخروج بريطانيا من الاتحاد، والتي جاءت بمجملها محبطة، وترسم مستقبلا قاتما للاقتصاد البريطاني. الوثيقة المسربة أثارت جدلا بين المؤيدين والرافضين للخروج من الاتحاد الأوروبي. وطالب كنيث كلارك، وزير الخزانة الأسبق في حكومة مارغريت ثاتشر وأحد المحافظين المخضرمين المعادين لفكرة الخروج، حكومة ماي بنشر الوثيقة، مضيفا، في مقابلة مع «بي بي سي»، أنه من الأفضل تعميم الوثيقة حتى يتسنى للناس معرفة ما يمكن أن يحل بهذا البلد في حالة الخروج من الاتحاد، داعيا التخلي عن فكرة الخروج بأكملها. وتأمل ماي من خلال زيارتها للصين أن تفتح قنوات تجارية جديدة ترفع من رصيدها الداخلي وتساعدها في مفاوضات بريكست. إلا أن أي اتفاق تجاري مع الصين عليه الانتظار إلى ما بعد الخروج الرسمي لبريطانيا.
لكن تمنع قواعد الاتحاد الأوروبي بريطانيا من إبرام أي اتفاق رسمي مع أي دولة خارج التكتل قبل خروجها المقرر في مارس (آذار) 2019، لكن مهدت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي في أول يوم من زيارتها للصين خلال اجتماعها مع نظيرها لي كيه تشيانغ الطريق أمام التوصل لمثل هذا الاتفاق من خلال الموافقة على القيام بمراجعة جديدة للاستثمار والتجارة.
وكان رئيس الوزراء الصيني لي كيه تشيانغ قد قدم تطمينات لماي، قائلا إن هناك «آفاقا أكثر إشراقا» للعلاقات الثنائية، وإن قرار بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي لن يشكل فرقا بالنسبة للعلاقات.
وقالت الحكومة البريطانية إن ماي ولي وقعا اتفاقيات تجارية بقيمة 9 مليار جنيه إسترليني (7.‏12 مليار دولار) من بينها مليار جنيه إسترليني لاتفاقيات الخدمات المالية. ونمت الصادرات البريطانية إلى الصين بأكثر من 60 في المائة منذ عام 2010. وتتوقع الحكومة البريطانية أن تصبح الصين واحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في بريطانيا بحلول عام 2020، أي بعد عام من الخروج من التكتل الأوروبي في 31 مارس (آذار) 2019. وتلقى ملفات بريكست بظلالها على الزيارة، ما حملها على القول بأنها «لا تتراجع»، وذلك خلال توجهها إلى الصين. وقالت ماي إن بلادها «ترحب بالفرص» التي ستؤمنها طرق الحرير الجديدة التي تريد إقامتها الصين، مؤكدة أن البلدين سيعملان معا «لضمان احترام المعايير الدولية». وتواجه ماي ضغوطا كبيرة لإثارة الوضع السياسي في هونغ كونغ وانتهاكات حقوق الإنسان في الصين. فقد أطلقت السلطات الصينية حملة قمع كبيرة استهدفت المجتمع المدني منذ تولي شي الحكم في 2012، إلا أن ماي لم تدل بأي تصريح علني حول المسألتين بينما تستعد للقاء شي.
ومن جانب آخر، أكدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي رفضها إصرار مسؤولي الاتحاد الأوروبي على أن يتمتع مواطنو الاتحاد الأوروبي الذين يصلون إلى بريطانيا خلال الفترة الانتقالية لخروج بريطانيا من الاتحاد بحقوق الإقامة نفسها التي يتمتع بها أولئك الذين يعيشون بالفعل في البلاد. ونقلت «بي بي سي» وغيرها من وسائل الإعلام البريطانية عن ماي القول خلال زيارتها للصين: «عندما وافقنا على اتفاق حقوق المواطنين في ديسمبر (كانون الأول) فعلنا ذلك على أساس أن الناس الذين قدموا إلى المملكة المتحدة عندما كنا أعضاء في الاتحاد الأوروبي كانت لديهم توقعات معينة». وقالت للصحافيين: «كنا على صواب عندما توصلنا إلى اتفاق يضمن لهم مواصلة حياتهم بالطريقة التي كانوا يريدونها». وأضافت: «الآن، بالنسبة لأولئك الذي يأتون بعد مارس (آذار) من عام 2019 سيكون الوضع مختلفا، لأنهم سيأتون إلى مملكة متحدة يعرفون أنها ستكون خارج الاتحاد الأوروبي». وردا على تصريحات ماي، قال جي فيرهوفشتات منسق الاتحاد الأوروبي لعملية خروج بريطانيا من الاتحاد، لصحيفة «الغارديان»، إن حقوق مواطني الاتحاد الأوروبي خلال الفترة الانتقالية للخروج البريطاني، التي تمتد على مدار عامين «ليست قابلة للتفاوض». وأضاف: «لن نقبل أن تكون هناك مجموعتان من الحقوق لمواطني الاتحاد الأوروبي».