«صيد الغربان» استراتيجية جديدة لتنظيم داعش في العراق

بدأت باغتيال قيادي كبير بالحشد السني... ومحافظ نينوى قال إنها ضربة البداية

«صيد الغربان» استراتيجية جديدة لتنظيم داعش في العراق
TT

«صيد الغربان» استراتيجية جديدة لتنظيم داعش في العراق

«صيد الغربان» استراتيجية جديدة لتنظيم داعش في العراق

على الرغم من أن تنظيم داعش لم يعلن مسؤوليته عن اغتيال اللواء الركن أنور الدانوك العبيدي، القيادي البارز في الحشد الشعبي السني غرب كركوك، فإن مصادر أمنية في المحافظة أكدت أن مجموعة تابعة للتنظيم المتطرف هي التي اغتالت القيادي البارز في سرايا تحرير الحويجة (حشد وصفي العاصي)، أثناء عودته إلى المنزل بالقرب من قرية تل خديجة التابعة لناحية الرشاد غرب كركوك.
المصدر الأمني أشار إلى أن «عملية الاغتيال نفذت مساء أول من أمس، عندما كان القيادي يسير وحده. وكان اللواء الركن أنور العبيدي ضابطا بارزا في الجيش العراقي سابقا، وتسلم منصب عميد كلية الأركان في العراق». وفي هذا السياق، أكد محافظ نينوى السابق وقائد أحد الحشود العشائرية في محافظة نينوى أثيل النجيفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «عملية اغتيال اللواء الركن الدانوك إنما هي بداية انطلاق المرحلة الأولى من خطة تنظيم داعش الجديدة». وأضاف النجيفي أن «هذه المرحلة بدأت باستهداف الحشود السنية، ومن المتوقع أن تنشط هذه العمليات في أطراف كركوك وديالي وجنوب الموصل وكذلك في مدينة الموصل»، مبينا أن «تنظيم داعش يطلق على هذه المرحلة تسمية صيد الغربان بصفتها واحدة من أربع مراحل وتنتهي بتنفيذ عمليات ضخمة ينوي تنفيذها تباعا».
ودعا النجيفي الحكومة العراقية إلى «الانتباه إلى مثل هذه المسائل الخطيرة، وأن تعمل على تغيير سياستها في مواجهة الإرهاب من خلال العمل على ترصين الوحدة الوطنية قبل أن يستفحل أمر الإرهاب مرة أخرى، ويضطر العراق إلى تقديم تضحيات لا تقل عن السابق». ولفت النجيفي إلى أن «(داعش) أعد خطة تقوم على استثمار الخلافات والصراعات الداخلية في البلاد بما في ذلك استثمار الخلاف الشيعي - الكردي الحالي إلى أقصى ما تستطيع، لتعزيز وضعه في المناطق المحادة للإقليم»، متوقعا أن «يكون فصل الربيع القادم ساخنا».
وبينما يتفق الخبير الأمني فاضل أبو غريف، في تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، بأن «هناك بالفعل خطة جديدة لتنظيم داعش من خلال استثمار خلاياها النائمة أو استغلال الخلافات هنا وهناك»، فإن الخبير المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة الدكتور هشام الهاشمي، يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن «(داعش) فيما لم يعلن مسؤوليته عن اغتيال الضابط المذكور فإنه يعمل على حماية خلاياه النائمة في منطقة الحادث لحسابات خاصة به، لكنه في حال أعلن مسؤوليته فإن هذا يؤشر بداية عمل لخلاياه التي يسميها الاغتيالات والاقتحامات».
وأشار الهاشمي إلى أن «تنظيم داعش بدأ يخطط لتقسيم خطته عبر ما يسميه (العدو الخطير)، وهو العدو السني المسلح بوصفه قريبا منه جغرافيا، ويمكن أن يعرف خططه وسياقات عمله. والعدو الثاني هو الشيعي، لكنه في كل الأحوال يعمد إلى معرفة ردود الفعل الخاصة بكل عملية. ففي حال حصلت ردود فعل كبيرة فإنه يوقف العمليات في المنطقة حتى يتم استيعاب ما حصل، لكن في حال لم تحصل ردود فعل طبقا لما يتوقعه فإنه يمكن أن يبدأ المرحلة الثانية، وهي مرحلة الاقتحامات مثل مراكز الشرطة وسواها».
ويستطرد الهاشمي قائلا إن «تنظيم داعش تحول إلى دولة الظل التي تعتمد على هياكل تنظيمية قوامها الولايات التقليدية حتى لو لم تكن لها فعالية مثل ما كانت عليه، بالإضافة إلى الانتقال إلى هيكل الخلافة الرقمية باعتماد مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك التمويل الذاتي عبر عمليات الخطف وقطع الطرق وغيرها من الأساليب، بالإضافة إلى العمليات النوعية».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.