مؤتمر «الحوار الوطني السوري» في سوتشي يُعقد وسط توتر وخلافات

اختيار حوالى 150 عضواً لتشكيل لجنة دستورية

مشاركون يقاطعون لافروف في افتتاح مؤتمر سوتشي أمس (أ.ف.ب)
مشاركون يقاطعون لافروف في افتتاح مؤتمر سوتشي أمس (أ.ف.ب)
TT

مؤتمر «الحوار الوطني السوري» في سوتشي يُعقد وسط توتر وخلافات

مشاركون يقاطعون لافروف في افتتاح مؤتمر سوتشي أمس (أ.ف.ب)
مشاركون يقاطعون لافروف في افتتاح مؤتمر سوتشي أمس (أ.ف.ب)

عُقد «مؤتمر الحوار الوطني السوري» في سوتشي أمس، بعد تأخر زاد على ساعتين، جراء خلافات استمرت حتى الدقائق الأخيرة، بين روسيا والمبعوث الدولي سيتفان دي ميستورا، وكذلك بين موسكو والوفد التركي، قبل أن تُستأنف جلسات المؤتمر بعد افتتاحه من وزير الخارجية سيرغي لافروف.
وتم التوصل إلى تفاهم ضمن المتاح مع دي ميستورا، بينما فشل الجانبان الروسي والتركي في حل خلافٍ دفع وفد المعارضة السورية المسلحة إلى إعلان انسحابها من المؤتمر.
وسط هذه الأجواء انطلقت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بكلمة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين موجّهة إلى المشاركين، تلاها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أشار فيها إلى توفر ظروف ملائمة لإنهاء الأزمة السورية. وشهدت جلسة الافتتاح تعيين اللجنة الرئاسية للمؤتمر. وقال لافروف خلال كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية: «إنه مؤتمر فريد من نوعه لأنه يجمع بين ممثلي أطياف اجتماعية وسياسية مختلفة للمجتمع السوري». وأضاف نقلاً عن بوتين: «نحن بحاجة إلى أي حوار فعال فعلاً بين السوريين من أجل تحقيق تسوية سياسية شاملة تلعب فيها الأمم المتحدة دوراً قيادياً».
كانت الجلسة الافتتاحية لمؤتمر سوتشي قد تأخرت، أمس، بسبب جملة خلافات متشعبة بين الروس والمبعوث الدولي وأخرى بين الضامنَين الروسي والتركي، وكانت المعارضة السورية طرفاً فيها. وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إن دي ميستورا خاض محادثات معقدة حتى الساعات الأخيرة قبل انطلاق المؤتمر مع الجانب الروسي، كان يحاول خلالها الحصول على توضيحات إضافية بشأن رؤية موسكو لعمل اللجنة الدستورية التي سيتم تشكيلها خلال المؤتمر، ومواءمة عملها مع الصيغ المتفق عليها دولياً للتسوية السورية، والأطر التي تشارك حالياً في المفاوضات السياسية في جنيف. وكانت مسألة إلزام النظام بنتائج عمل تلك اللجنة إحدى المسائل في أثناء المحادثات. وأكد المصدر أنه تم التوافق في نهاية المطاف على أطر عامة للعمل لاحقاً برعاية الأمم المتحدة، بينما أرجأت بعض التفاصيل لبحثها والتوافق بشأنها بعد «سوتشي». ويبدو أن الخلافات كانت جدية للغاية، إذ قالت وكالة «سبوتنيك» الحكومية الروسية، إن المؤتمر قد يؤجَّل بسبب تلك الخلافات، وإن دي ميستورا كان ينوي مغادرة سوتشي،، لكنها عادت وأكدت أنه قرر المشاركة في المؤتمر.
وفي موازاة ذلك كانت هناك خلافات بين الضامنَين الروسي والتركي، أثارها احتجاج وفد المعارضة السورية المسلحة، القادم من تركيا، على شعارات المؤتمر ولوحات في شوارع سوتشي، ترى فيها المعارضة رمزية للنظام. وقال أحمد طعمة من وفد المعارضة السورية المسلحة، إن أعضاء الوفد «فوجئوا بعدم تنفيذ الجانب الروسي أياً من وعوده التي قطعها». وأشار إلى أن «القصف الوحشي على المدنيين لم يتوقف، ولا أعلام النظام أُزيلت عن لافتات المؤتمر وشعاره، فضلاً عن الافتقار إلى أصول اللياقة الدبلوماسية من الدولة المضيفة».
ولتجاوز هذه العقبة وضمان مشاركة وفد المعارضة المسلحة، أجرى لافروف محادثات في اتصالين هاتفيين صباح أمس، مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، قالت الخارجية الروسية إنها ركزت على مؤتمر سوتشي. ويبدو أن تلك المحادثات لم تأتِ بالنتيجة المرجوة لوفد المعارضة، ما دفعه إلى إعلان انسحابه من المؤتمر ومغادرة سوتشي. وأحالت الخارجية الروسية التأخير في افتتاح المؤتمر إلى ما قالت إنه «فرض» مجموعة المعارضة السورية القادمة من أنقرة شروطاً لمشاركتها.
وفي ظل غياب القوى الرئيسية للمعارضة السورية، ومقاطعة فرنسية أميركية وبريطانية، أعلن المنظمون عن بدء الجلسة الافتتاحية، واستهلها لافروف، الذي تلا بداية كلمة وجهها الرئيس الروسي إلى المشاركين، وقال فيها إن «المؤتمر مدعوّ للتوحيد بين جميع السوريين»، مؤكداً أن روسيا بذلت جهدها بالتعاون مع الضامنين والأمم المتحدة «ليكون هذا المؤتمر الأكثر تمثيلاً»، وأكد أن «الشعب السوري وحده صاحب الحق في تقرير مصيره». وأشار إلى «توفر كل الظروف الملائمة لإنهاء هذه الصفحة المؤلمة في تاريخ الشعب السوري»، مشدداً على «حاجة ملحة إلى حوار سوري شامل بهدف تسوية الأزمة برعاية الأمم المتحدة، وعلى أساس القرار 2254». ودعا المشاركين إلى تكوين رؤية مشتركة للتغلب على الأزمة، وأكد سعي روسيا بكل ما في وسعها للتوصل إلى سلام مستدام وثابت في سوريا يعزز سيادتها الوطنية. ومن ثم توجه لافروف إلى المشاركين بكلمة ترحيبية، قال فيها إن «المؤتمر فريد من نوعه، لأنه يجمع بين ممثلي مختلف أطياف المجتمع السوري»، وأكد ضرورة «زرع الثقة المتبادلة». ولم يتمكن من الحديث أكثر من ذلك بعد أن علت أصوات بعض المشاركين الذين عبّروا عن شكرهم لروسيا على دورها في سوريا، ورد آخرون يعارضون تلك الشعارات.
وفي بداية عمل الجلسة الافتتاحية أُعلن عن تشكيل المجلس الرئاسي للمؤتمر، وكان واضحاً أنه ضم شخصيات متوافق عليها مسبقاً، ولم يتم انتخابها أو ترشيحها خلال المؤتمر. ومن ثم واصل المشاركون عملهم في جلسة مغلقة، لتنفيذ جدول أعمال المؤتمر، وتحديداً انتخاب لجنة دستورية، تقوم بإعداد نص دستور جديد وفق ما كان معلناً. وقال مشارك، فضّل عدم الكشف عن اسمه، إن الجلسة لم تشهد عملياً أي تصويت، وما جرى هو تعيين 158 شخصية على أن يتم لاحقاً التصويت لانتخاب أعضاء اللجنة الدستورية منهم. وأكد قدري جميل، في مؤتمر صحافي أمس، أن اللجان جرى تعيينها عملياً. وتجاهل الحديث حول إعداد دستور جديد، وتحدث عن إصلاحات دستورية فقط، لكنه استدرك وأحال حسم الأمر بشأن الحاجة إلى تعديلات دستورية أم دستور جديد إلى اللجنة الدستورية. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن رئيسة «منصة أستانة» رندة قسيس، المقربة من روسيا، قولها: «نطالب بالبدء بكتابة دستور جديد»، مضيفة: «المشكلة أن النظام لا يقبل حتى أن يبدأ بذلك، فكيف من الممكن أن ننطلق بعملية سياسية من دون قاعدة لها؟ يريدون منا أن نعود إلى العام 2010».
في المقابل، اعتبر النائب في مجلس الشعب السوري (البرلمان) عن حزب «البعث» أحمد الكزبري، أنه «لا يوجد شيء اسمه لجنة دستورية، هي لجنة لمناقشة الدستور الحالي». وأضاف أن «وضع دستور أو إجراء تعديل على الدستور الحالي يتم بتشكيل لجنة من قبل السلطة التشريعية التي هي مجلس الشعب أو عن طريق قرار رئاسي»، مؤكداً أن اللجنة التي سيجري تشكيلها في سوتشي «ستقدم مقترحات ليس لها أي شيء ملزم». وشدد على أن أي تعديلات على الدستور أو صياغة آخر جديد يجب أن تكون في سوريا.
وأعلنت روسيا أنها دعت نحو 1600 شخص بصفة شخصية لحضور المؤتمر.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.