إرجاء تنصيب بوتشيمون ينزع مؤقتاً فتيل الأزمة مع مدريد

كان من المقرر أن يعقد برلمان كاتالونيا أمس الثلاثاء جلسة خاصة لاختيار الزعيم السابق للإقليم كارلس بوتشيمون في تحد للحكومة المركزية في مدريد والمحكمة الدستورية، التي أقالته العام الماضي ومنعته يوم السبت الماضي من ترشيح نفسه ثانية لرئاسة الإقليم. إلا أن رئيس البرلمان في برشلونة روجيه تورينت، أعلن تأجيل الجلسة لاختياره بوتشيمون رئيسا. وقال تورينت في مؤتمر صحافي إن بوتشيمون، الذي عزلته الحكومة المركزية في مدريد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد أن قاد محاولة لانفصال الإقليم عن إسبانيا، له «كل الحق» في استعادة منصبه كزعيم للإقليم.
لكن لا يمكن انتخاب بوتشيمون مجددا لتولي المنصب من دون عودته شخصيا لحضور الجلسة في البرلمان الكتالوني في برشلونة، وفقا لحكم أصدرته المحكمة الدستورية الإسبانية مطلع هذا الأسبوع التي قضت أنها تمنع تنصيب بوتشيمون «ما لم يحضر شخصيا إلى البرلمان، وبحوزته إذن قضائي مسبق». وقال تورينت: «الجلسة العامة اليوم (...) أرجئت»، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية، مضيفا أن الجلسة سوف تؤجل إلى حين التمكن من الحصول على حصانة بوتشيمون، ما يجعل التصويت لاختيار الزعيم «آمنا، وله ضمانات ومن دون تدخل». وقال تورينت إن «لا نائبة رئيس الحكومة (الإسبانية)، ولا المحكمة الدستورية تقرر من يجب أن يكون رئيس» كاتالونيا، متهما المحكمة بـ«انتهاك حقوق ملايين الكاتالونيين» الذين صوتوا لبوتشيمون». ولم يعلن عن موعد جديد لعقد الجلسة، وكان بوتشيمون قد لجأ إلى بلجيكا بعد أن صوت البرلمان الكاتالوني لصالح الانفصال عن إسبانيا في أواخر أكتوبر، في خطوة عارضتها مدريد تماما وتسببت في أزمة دستورية غير مسبوقة في إسبانيا.
وكان بوتشيمون الملاحَق من قبل القضاء الإسباني، أعلن في وقت سابق أنه ينوي العودة إلى كاتالونيا لينصب مجددا رئيسا بعد ثلاثة أشهر من المنفى الطوعي في بلجيكا، في خطوة شجعها تورينت. ولجأت الحكومة الإسبانية إلى المحكمة الدستورية للاعتراض على تعيين بوتشيمون رئيسا لكاتالونيا، وهو المرشح الوحيد لهذا المنصب. وصدرت ضد بوتشيمون مذكرة اعتقال بتهمة قيادة محاولة للانفصال. وهو الآن في بلجيكا ويواجه الاعتقال في اللحظة التي تطأ فيها قدمه الأراضي الإسبانية.
وقال تورينت، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية إن جلسة أمس تأجلت لكنها لن تلغى تحت أي ظرف مضيفا أنه لن يتقدم مرشح آخر. ونددت كتلة بوتشيمون النيابية «معا من أجل كاتالونيا» بقرار إرجاء الجلسة واعتبرت أنه كان من الممكن انعقادها. وقالت في بيان إن تورينت لم يستشر أعضاءها فيما يخص قراره ولا أبلغهم بالقرار قبل إعلانه.
في المقابل، رحّبت الحكومة الإسبانية بهذه الخطوة وقالت: إنها جنبت «الاستهزاء بديمقراطيتنا». وأضاف البيان، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية أن «الانفصاليين يعرفون أنه يجب عليهم الخضوع للقانون مثل جميع المواطنين الآخرين». وأكد رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي مجددا أمس أن بوتشيمون لا يمكنه الترشح نظرا لوجوده في بروكسل عقب صدور أمر باعتقاله بعدما أعلن بشكل غير قانوني استقلال الإقليم في نهاية أكتوبر الماضي.
وفي حالة عودة بوتشيمون إلى إسبانيا، فإنه يواجه تهم إثارة الفتنة والتمرد بسبب ضلوعه في حركة الانفصال. ورفض قضاة إسبانيا أيضا اقتراح بوتشيمون بممارسة سلطاته عبر رابط فيديو من بروكسل، أو إرسال من يمثله لينوب عنه. وقدم بوتشيمون طعنا أمام المحكمة الدستورية على قرارها فيما طلب رئيس البرلمان من الأجهزة القضائية في المجلس القيام بالأمر نفسه. وطلب تصريحا من المحكمة العليا ليتيح له حضور الجلسة، ولكن طبيعة وضع طلبه لم تتضح على نحو دقيق، كما ذكرت وكالة «رويترز».
وفازت الأحزاب الانفصالية بأغلبية المقاعد البرلمانية في الانتخابات الكاتالونية التي جرت الشهر الماضي، ما زاد من أمد الأزمة الدستورية غير المسبوقة في إسبانيا.
ويأتي هذا النزاع القضائي بعد ثلاثة أشهر على إعلان استقلال أحادي الطرف صوّت عليه البرلمان الكاتالوني في 27 أكتوبر 2017. اليوم المفصلي الذي أدى إلى أزمة سياسية غير مسبوقة في إسبانيا. وبعد محاولة الانفصال، علقت الحكومة المركزية في مدريد حكم المنطقة الذاتي وحلت البرلمان ودعت إلى انتخابات جديدة، آملة تهدئة الوضع في كاتالونيا المنقسمة بالتساوي حيال الاستقلال. لكن في هذه الانتخابات لم تتراجع شعبية الانفصاليين إذ إنهم يمثلون 47.5 في المائة من مجموع الناخبين، الأمر الذي سمح لهم بالفوز بالأكثرية المطلقة في البرلمان.