خطاب باسيل المسرب مُكلِف حكومياً ومُربِح انتخابياً

TT

خطاب باسيل المسرب مُكلِف حكومياً ومُربِح انتخابياً

رغم المساعي السياسية التي تبذل على أعلى المستويات، لاحتواء تداعيات الكلام الناري الذي أطلقه رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، ووصف فيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بـ«البلطجي»، فإن هذا الموقف ينذر بارتدادات سلبية على التضامن الحكومي الذي أصيب بتصدعات كبيرة، وعلى الوضع الانتخابي، وما يرتّبه على صعيد تحالفات «الوطني الحرّ» مع حلفائه، وأبرزهم «حزب الله» المتضامن مع برّي إلى أبعد الحدود، لكن أيا كانت الأثمان التي قد يدفعها تيار باسيل تبقى أقلّ وطأة من تأثيرها على رصيده الشعبي في دائرة البترون التي يترشّح فيها.
ومع التسليم بأن خطاب باسيل يأتي من خارج أدبيات السياسة اللبنانية، فإن خبراء في الشأن الانتخابي استبعدوا أن تتأثر سلبا شعبية وزير الخارجية بكلامه المسرّب من لقاء جمعه مع كوادر تياره السياسي في إحدى بلدات قضاء البترون (شمال لبنان)، وهو ما لمح إليه عضو تكتل «التغيير والإصلاح» وزير العدل السابق شكيب قرطباوي، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن باسيل «لم يطلق كلامه من أجل الاستثمار الانتخابي، وهو حريص على احتواء ما حصل، بدليل موقف رئيس الجمهورية الذي دعا الجميع إلى التسامح». ولفت قرطباوي إلى أن العاصفة التي تبعت كلام وزير الخارجية «لن تؤثر على وضعه الانتخابي في البترون ولن تفقده من شعبيته، لأن الناخب البتروني يتعاطى مع الوزير باسيل، انطلاقا من وطنيته ومسيرته السياسية وليس على أساس كلمة عابرة».
ويتنافس باسيل على أحد المقعدين المارونيين في البترون مع النائب بطرس حرب، ومرشّح حزب «القوات اللبنانية» فادي سعد، ومرشّح عن حزب «الكتائب اللبنانية» الذي لم يحسم ما إذا كان النائب سامر سعادة أو غيره، بالإضافة إلى مرشحين مستقلين، ويعتبرها معركة مصيرية لناحية إثبات حضوره السياسي، بعد خسارته في انتخابات العامين الـ2005 و2009، مقابل النائب حرب ونائب القوات اللبنانية أنطوان زهرا.
وإذا كان من المبكر رصد أصداء كلام باسيل لدى ناخبي منطقة البترون، فقد أكد عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» النائب سامر سعادة، أن «أبناء البترون يتعاطون السياسة بكلّ رقي، ولديهم طريقتهم في التعبير عن اعتراضهم على بعض السياسات، مع الحفاظ على مستوى معيّن من الأدبيات». وأمل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، في ألا «تتحول الخلافات السياسية إلى شدّ عصب انتخابي، وإلى خلافات طائفية من أجل استقطاب غرائز مسيحية هنا، وحزبية هناك». وقال سعادة وهو ابن منطقة البترون: «نحن في حزب (الكتائب) لدينا اعتراضات على الأداء المعتمد في البلد، ولكن نمارس اعتراضنا ضمن الحفاظ على المصلحة الوطنية العليا والعيش المشترك، الذي يسمو فوق كل المصالح والحسابات».
غير أن المعنيين بالشأن الانتخابي وباستطلاعات الرأي، رجحوا أن ترتفع شعبية وزير الخارجية على خلفية التشنّج الأخير، وقال الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، إن «القراءة الأولية تفيد بأن ما حصل رفع من شعبية باسيل، بعد ردّة فعل مناصري الرئيس نبيه بري، بوصولهم إلى منطقة مسيحية، واعتبارها بمثابة هجوم على ما يعرف بـ(المنطقة الشرقية) (المسيحية)، والاستياء الكبير الذي ولّده في الأوساط السياسية المسيحية حتى المتضامنة مع بري».
وأكد شمس الدين، وهو خبير في الشأن الانتخابي، أن «طريقة تعاطي الرأي العام مع دخول مناصري حركة (أمل) إلى بيروت الشرقية، أثار عصبية الطرف الآخر إلى حدّ كبير». ورأى أنها «أشبه بدخول عناصر من حزب (القوات اللبنانية) إلى منطقة الخندق الغميق (أحد معاقل حركة «أمل» في بيروت)، وهذا ما جعل بعض السياسيين محرجين في الردّ على هذه التحركات»، مشددا على أن «الاستمرار في استخدام الشارع، سيواجه بفورة شعبية مقابلة، تصبّ في رصيد باسيل الانتخابي في منطقة البترون».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».