لجنة أمنية وسياسية مصرية ـ سودانية لمعالجة القضايا العالقة

TT

لجنة أمنية وسياسية مصرية ـ سودانية لمعالجة القضايا العالقة

قال وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، إن لقاء الرئيسين السوداني عمر البشير، ورصيفه المصري عبد الفتاح السيسي، على هامش القمة الأفريقية في أديس أبابا، «ناقش بصراحة» الجوانب السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية في العلاقات بين البلدين، وخرج بتوصيات مهمة.
وجاءت تصريحات غندور بمطار الخرطوم أمس، عقب عودة الرئيس البشير ووفده من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بعد أن شارك في اجتماعات قمة الاتحاد الأفريقي الثلاثين، التي أنهت أعمالها أول من أمس.
وأعلن عن توصل الرئيسين إلى اتفاق قضى بتكوين لجنة من وزيري الخارجية ومديري الأمن والمخابرات في البلدين، ينتظر أن تجتمع في القاهرة في غضون أسبوعين لبحث الملفات العالقة. وأضاف: «الرئيسان أشارا إلى أن علاقة السودان ومصر أزلية ومقدسة، ويجب الحفاظ عليها، ووجها اللجنة لوضعها في إطارها الصحيح، وذلك للحيلولة دون حدوث هزات في علاقات البلدين».
وحسب غندور، فإن رؤساء السودان ومصر وإثيوبيا، اتفقوا على تطوير علاقات البلدان الثلاثة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وربطها بخطوط حديدية وشبكة طرق برية، وإنشاء «صندوق مالي»، تشارك فيه الدول الثلاث بأنصبة متساوية لتنفيذ تلك المشاريع، وتكوين لجنة ثلاثية من وزراء الخارجية وأجهزة الأمن والمخابرات لمتابعة قضايا البلدان الثلاثة.
وقال: «على الرغم من أن قمة البشير ديسالين السيسي، لم تكن مقصورة على موضوع سد النهضة الإثيوبي، لكنها توصلت إلى اتفاق بتكوين لجنة فنية سياسية من وزراء الخارجية، ورؤساء أجهزة المخابرات ووزراء الري، لتقديم دراسات فنية للرؤساء، تتعلق بقضيتي ملء بحيرة السد، وكيفية تشغيله بما لا يؤثر على دول الحوض».
ووفقا لغندور، فإن قمة الاتحاد الأفريقي شهدت نشاطا كبيرا للرئيس البشير ووفده، وعقد خلالها لقاءات ثنائية مع عدد من رؤساء الدول، بينها إثيوبيا، والصومال، ومملكة ليسوتو، وتشاد وغيرها، إضافة إلى لقاءات ثنائية على مستوى وزراء الخارجية. وأوضح غندور أن رئيسه عقد عددا من اللقاءات الثنائية على هامش أعمال القمة، أبرزها اجتماعه إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وقال: «هو أهم الاجتماعات التي عقدها الرئيس». ويعد اللقاء الذي جمع البشير بغوتيريش أول اجتماع مع مسؤول دولي بهذا الحجم مع الرئيس السوداني، يعلن عنه منذ توجيه المحكمة الجنائية له تهما تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة في إقليم دارفور، وأصدرت بموجبها مذكرتي قبض بحقة لا تزالان ساريتي المفعول.
وعادة يتجنب المسؤولون الغربيون على وجه الخصوص، اللقاء مع الرئيس السوداني، باعتباره مطلوبا للمحكمة الجنائية الدولية، ما يجعل من اجتماعه مع غوتيريش، حسب مراقبين، تحولا في الموقف الدولي من البشير.
ووفقا لغندور، أشاد أمين عام الأمم المتحدة، بعمليات السلام في السودان وفي دارفور على وجه الخصوص، وباستعداد الخرطوم لإكمال السلام في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وباستضافة لاجئي جنوب السودان، ودورها في المنطقة خصوصا السلام في دولة جنوب السودان. وقال غندور: «قدم الرئيس البشير للأمين العام تقريرا تفصيليا لما يجري في السودان، ولمسارات السلام فيه، وما تم من حوار أفضى إلى حكومة وفاق وطني، تتكون من أكثر من 26 حزباً».
من جهة ثانية، أقرت الحكومة السودانية بوجود «إشكالات» حدودية مع دولة إريتريا المجاورة، دفعتها إلى حشد قوات عسكرية قريبة من الحدود المشتركة بين الدولتين، دون أن تدلي بمزيد من تفاصيل خلاف الدولتين، في الوقت الذي أعلنت فيه تكوين لجنة أمنية ودبلوماسية رفيعة، لحل القضايا العالقة بين الخرطوم والقاهرة. وقال وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، إن هناك إشكالات حدودية معروفة مع إريتريا، وإن القوات السودانية أغلقت الحدود لهذه السبب، لكنه رفض الخوض في تفاصيل تلك الإشكالات بالقول: «لا نريد أن نتوسع أكثر من ذلك في هذه القضية».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».