الجزائر: ترحيل مهاجرين من 6 بلدان أفريقية

TT

الجزائر: ترحيل مهاجرين من 6 بلدان أفريقية

اعتقلت قوات الأمن الجزائرية في الـ48 ساعة الأخيرة المئات من المهاجرين السرَيين الذين يتحدرون من جنوب الصحراء، وجمعتهم في «مراكز إقامة مؤقتة» بالعاصمة. وقال مصدر حكومي لـ«الشرق الأوسط» إن نحو 2500 من المهاجرين، سيتم ترحيلهم يومي الخميس والجمعة إلى ستة بلدان هي النيجر ومالي وساحل العاج والكاميرون وليبريا وغينيا الاستوائية.
وذكر المصدر الحكومي، الذي يشتغل في قسم تابع لأمن ولاية العاصمة، متخصص في ملف المهاجرين غير الشرعيين الأجانب، أن قوات الدرك داهمت مواقع إقامة المهاجرين ليلاً فاعتقلتهم. وتمت الاعتقالات في العاصمة والبلدية المجاورة، ووجد من بين المعتقلين، حسب المصدر، عدد كبير من الأطفال والنساء. وقد كان المهاجرون في ورش للبناء، وبعضهم داخل بيوت مواطنين جزائريين، لحظة اعتقالهم.
وأضاف المصدر أن العشرات من المهاجرين الأفارقة غيَروا أماكن إقامتهم على إثر انتشار خبر الترحيل عبر وسائط التواصل الاجتماعي، مما حال دون اعتقالهم، مشيراً إلى أن السلطات «حاولت جاهدة التكتم على هذه العملية، وهي عازمة على نقل كل المهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم». وتابع المصدر أن الجزائر «تحرَكت ضد المهاجرين بناء على اتفاق مع حكوماتهم».
وقال شهود إن مجموعة من المهاجرين تعرَضت لاعتداء بالسلاح الأبيض داخل بيت حديث البناء، من طرف مجهولين، بمنطقة عين البنيان غرب العاصمة. وتدخَلت الشرطة لإنقاذهم من المعتدين، باستعمال الغاز المسيل للدموع.
وجرى توزيع المعتقلين على كل محافظات الشرطة بالعاصمة، حيث أخذت بصماتهم وتم الاحتفاظ بهوياتهم. ثم تم اقتيادهم إلى «مراكز مؤقتة» تقع بالضاحية الغربية للعاصمة أبرزها في زرالدة، حيث توجد أشهر إقامة تابعة لرئاسة الجمهورية. ويرتقب أن ينقل المهاجرون إلى أقصى جنوب البلاد، بواسطة حافلات تابعة لـ«الهلال الأحمر الجزائري» الذي يشرف على عملية الترحيل رسمياً. وسبق أن توفي كثير من المهاجرين، في عمليات ترحيل سابقة. وتعد الحدود مع مالي ومع النيجر، نقاط إيصال مهاجري بلدان جنوب الصحراء، على أن ينقلوا إلى بلدانهم بعدها.
وتتعامل الجزائر بـ«ذهنية أمنية» مع المهاجرين الأفارقة غير النظاميين، على عكس اللاجئين السوريين وعددهم بالآلاف. ويضع الأمن دائماً احتمال تورط الأفارقة في أنشطة إرهابية، لهذا السبب أخذت بصماتهم وصورهم، قبل الترحيل. وتقول تقارير حكومية إن الكثير من المهاجرين عادوا إلى الجزائر بعد ترحيلهم، وإن شبكات بالجنوب تقودهم إلى شمال البلاد بتسهيل من أفراد الأمن الموجودين بالحواجز الأمنية بطول مئات الكيلومترات.
وتعرض وزيرا الداخلية والخارجية الماليين لانتقاد شديد من طرف برلمانيي البلد الشهر الماضي، على إثر ترحيل ماليين من الجزائر، في ظروف وصفت بـ«غير الإنسانية». وتناولت الانتقادات «التعدي على حقوق الإنسان من جانب السلطات الجزائرية». وردَت رئيسة «الهلال الجزائري» سعيدة بن حبيلس، بنبرة استياء، بأن الجزائر «التي كانت قبلة الثوار الأفارقة تظل حضنا للإخوة في القارة، ولا يمكن أن تسيء لهم». وقالت إن ترحيل الماليين «كان بطلب من حكومتهم وبتنسيق معها».
وقال فرع «منظمة العفو الدولية» بالجزائر، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن السلطات الجزائرية «شنت حملة قمعية قائمة على أساس تمييزي ضد المواطنين الأجانب، فقبضت على أكثر من ألفين من المهاجرين الأفارقة من مواطني دول جنوب الصحراء، الذين قدموا من بلدان مختلفة، وقامت بترحيلهم قسراً إلى النيجر ومالي المجاورتين. ووجد بين من طردوا ما يزيد على 300 من القصّر، منهم ما لا يقل عن 25 من الأطفال غير المصحوبين بذويهم».
وجاء في تقارير سابقة لنفس المنظمة الحقوقية، أن عمليات القبض «تمت بناء على استهداف عنصري نمطي، نظراً لأن السلطات لم تحاول التأكد مما إذا كان من حق هؤلاء المهاجرين الإقامة في البلاد أم لا، سواء عن طريق تفحص جوازات سفرهم أو سواها من الوثائق. وبينما كان بعض من قبض عليهم وتم ترحيلهم مهاجرين بلا وثائق، كان آخرون يملكون تأشيرات دخول سارية».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم