عزت الفيومي... آخر أعضاء «حسب الله» يقاوم تغيرات الزمن

نفى قرابته بمؤسس الفرقة... وأكد أن فيلم «شارع الحب» أسهم في شهرتها

عزت الفيومي يحاول إنقاذ الفرقة من تغيرات الزمن («الشرق الأوسط»)
عزت الفيومي يحاول إنقاذ الفرقة من تغيرات الزمن («الشرق الأوسط»)
TT

عزت الفيومي... آخر أعضاء «حسب الله» يقاوم تغيرات الزمن

عزت الفيومي يحاول إنقاذ الفرقة من تغيرات الزمن («الشرق الأوسط»)
عزت الفيومي يحاول إنقاذ الفرقة من تغيرات الزمن («الشرق الأوسط»)

على مدار عقود طويلة، كانت «مزيكا حسب الله» هي الهدية الثمينة التي يُكافأ بها الأحباء والأعزاء في الأفراح وأعياد الميلاد، كما كانت طقساً رئيسياً لا غنى عنه في موالد الشيوخ والأولياء، وكما يقول «عم عزت الفيومي» وشهرته «عزت حسب الله»، آخر فرد في فرقة «حسب الله»، إن فيلم «شارع الحب» لعبد الحليم حافظ، وصباح، وعبد السلام النابلسي، في أواخر الخمسينات من القرن الماضي، كان «وش السعد» على فرقة حسب الله داخل مصر وخارجها.
ويروي «عم عزت الفيومي»، البالغ من العمر 70 عاماً، حكاياته مع فرقة حسب الله، قائلاً: «كانت البداية في عام 1965 وكنت حينها شاباً صغيراً مولعاً بالموسيقى والطرب الشعبي، جئت من بلدتي بمحافظة الفيوم، وتجولت في شوارع عماد الدين، ونجيب الريحاني، ومحمد علي، وفي الأخير جلست على مقهى المشير، وكان معروفاً للجميع بأنه مقهى الموسيقيين و(الآلاتية)، وتعرفت على نجل حسب الله، مؤسس الفرقة واسمه (علي محمد علي حسب الله)، واشتغلت معه في الفرقة حتى وفاته».
ويتذكر الفيومي أول يوم عمل له في فرقة حسب الله سنة 1965، فكانت الفرقة على موعد مع «زفة عزال عروسة» بمنطقة المنيب في محافظة الجيزة، عقب صلاة العصر وازدحم الشارع بأقارب العروسين وأبناء الحي، لمشاهدة الفرقة وارتفعت الزغاريد والأغاني مع موسيقى فرقة حسب الله، ويضيف «الفيومي»: «كنت عازفاً في هذا اليوم على الترومبيطة وحصلت على أجر 25 قرشاً من علي حسب الله».
رغم مرور نصف قرن، فإن عم عزت، لم ينسَ بداية تعلمه للموسيقى في الموالد والأفراح بقريته في بالفيوم، فقد تعلق قلبه بها في فترة الخمسينات، وكان صبياً وتعرف على أصحاب الفرق بالفيوم، والبلاد المجاورة، مثل فرقة «الأسطى عطية»، و«الأسطى محروس»، و«حسن اليماني» وفرقة «أحمد أفندي»، و«الأسطى محمد البابلي»، وابنه «سامي البابلي»، الذي كان ماهراً في عزفه على آلة الترومبون، وقد أُعجب به الموسيقار محمد عبد الوهاب ومنحه شهادة.
وعن مؤسس فرقة حسب الله يقول «عم عزت الفيومي»: «أنا لم أره، فقد توفي عام 1945، وكان ضمن أفراد الموسيقى العسكرية لمدرسة البوليس في أواخر القرن التاسع عشر، وفي تلك الأثناء أسس فرقته الموسيقية وسماها فرقة حسب الله، وكانت مكونة من 24 فرداً، يرتدون زياً موحداً ويعزفون على جميع الآلات الموسيقية، وفي مقدمتها الطبلة والرق والترومبيطة والمزمار البلدي، وتجول حسب الله بفرقته في جميع أنحاء القاهرة والجيزة والمدن المجاورة في قليوب والقناطر الخيرية والشرقية، واستمر في قيادتها حتى وفاته وتسلم الراية من بعده ابنه الوحيد علي.
يضيف الفيومي قائلاً: «السلام المربع، وسلام المحمل، وسلام الملك، وسلام السبوع... مقطوعات موسيقية مرتفعة الصوت، انفردت بها فرقة حسب الله، في العقود الأولى من القرن العشرين، وذلك على نغمات الدف والرق والطبلة والمزمار والترومبيطة والترومبون، وهو ما جعل عز الدين ذو الفقار، مخرج فيلم (شارع الحب) لعبد الحليم وصباح، يجعل من شخصية حسب الله التي جسدها الفنان الراحل عبد السلام النابلسي، وفرقته الموسيقية وشارع محمد علي، محاور رئيسية في الفيلم وكانت سبباً في نجاحه».
عزت الفيومي، آخر فرد في فرقة حسب الله، شارك في عدة أعمال فنية ضمن ظهور فرقة حسب الله على الشاشات، والبداية كانت مع نجم الكوميديا الراحل محمد رضا، في مسلسل «عماشة عكاشة» في منتصف السبعينات، ثم فيلمي «الباطنية» لنادية الجندي، و«بياضة» لرشدي أباظة عام 1980، ثم توالت الأعمال في أفلام «المدبح»، و«الخادمة»، و«الإمبراطورة»، لنادية الجندي أيضاً، و«سلام يا صاحبي»، و«بخيت وعديلة»، و«الواد محروس بتاع الوزير» مع الفنان عادل إمام، بجانب مسرحية «فارس وبني خيبان» مع سمير غانم، وقد رافقه مع بعض أفراد فرقة حسب الله في رحلتهم إلى أميركا في أواخر الثمانينات لعرض المسرحية أمام المصريين والعرب المقيمين في الولايات المتحدة الأميركية.
الأعمال الفنية التي شارك بها الفيومي، لم تقتصر على المسرحيات، والأفلام فقط، فقد تمت الاستعانة به وبفرقة حسب الله، في مسلسلات «المال والبنون»، و«ليالي الحلمية»، و«زيزينيا»، و«شارع المعز»، و«أميرة في عابدين».
إلى ذلك، نفى «عم عزت الفيومي»، وجود صلة قرابة له مع محمد علي حسب الله، مؤسس الفرقة التاريخي، موضحاً أن (علي) ابن مؤسس الفرقة، هو آخر فرد في الأسرة يعزف المزيكا، وبعد وفاته واصل أعضاء الفرقة عملهم بشكل طبيعي، حتى توفي منهم الكثير، واعتزل بعضهم العمل ولم يعد باقياً منهم سواه، ولا يزال يقود الفرقة، حتى الآن، بعد أن تقلص عددهم إلى 6 أفراد، ويلتقي مع الزبائن في مقهى المشير بشارع محمد علي، وهو المقهى الذي اعتاد أعضاء فرقة حسب الله الجلوس عليه منذ خمسينات القرن الماضي وحتى الآن، لافتاً إلى أن أجرة الفرقة حالياً في المناسبات والأفراح تبدأ بـ600 جنيه بواقع مائة جنيه لكل فرد، خلاف ما يسمى «نقطة الفرح».
من جانبه وصف عازف الكمان، أحمد فاخر أبو حجر، فرقة حسب الله الموسيقية بـ«الرائدة»، وقال إن «عزفهم الموسيقي ليس من النوع النشاز، فقد انفردت بألحان موسيقية مرتبطة بالأفراح والموالد، حتى أصبحت جزءاً من التراث الشعبي في مصر، ولكنها بمرور الزمن تعرضت للإهمال، كما أن الطبقة الأرستقراطية في مصر، لعبت دوراً هي الأخرى في التعالي على تلك الأنواع من الموسيقى الشعبية، ولذلك انحصرت موسيقى فرقة حسب الله، ولا تزال وسط طبقات الشعب البسيطة، وكان حضورهم مهماً في المناسبات الخاصة، لدرجة أنه كان نوعاً من التباهي، أن يطلب الرجل تلك الفرقة لإحياء فرح ابنه»، مشيراً إلى أن «أعضاء فرقة حسب الله، ليسوا أعضاء في نقابة المهن الموسيقية».



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».