العقارات الفاخرة في نيويورك الأرخص عالميا

تشهد إقبالا من المستثمرين الأجانب ومن بينهم العرب

جانب من نيويورك («الشرق الأوسط»)
جانب من نيويورك («الشرق الأوسط»)
TT

العقارات الفاخرة في نيويورك الأرخص عالميا

جانب من نيويورك («الشرق الأوسط»)
جانب من نيويورك («الشرق الأوسط»)

تبقى أسعار الشقق الفاخرة في حي مانهاتن، أشهر أحياء مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية، رخيصة نسبيا بالمقارنة بالمدن الأخرى في العالم التي تتميز بتنوعها الثقافي، وهذا ما يجتذب الكثيرين من شتى أنحاء المعمورة لشراء تلك الشقق في مدينة نيويورك.
في العام الماضي، جرى بيع شقة في برج «تور أوديون أو» (Tour Odeon) السكني للشقق الفاخرة في إمارة موناكو مقابل 8.850 دولارا للقدم المربع. كما اشترى أحد الأثرياء شقة في مبنى أوبس هونغ كونغ، الذي صممه المهندس المعماري الشهير فرانك جيري، مقابل 8.779 دولارا للقدم المربع.
وفي غرب لندن، يبلع سعر القدم المربع الواحد في المجمع السكني وان هايد بارك، الذي يضم أربع بنايات تحتوي على 86 شقة فاخرة، أكثر من 9.500 دولار، حسبما ذكر بحث أعده المكتب الاستشاري العقاري البريطاني نايت فرانك. وقالت تقارير إن ويليام آكمان، مدير الصناديق الوقائية الشهير، يسهم مع مجموعة استثمارية في شراء شقة مزدوجة تبلغ مساحتها 13.500 قدم مربع في الدورين 75 و76 في «وان 57»، وهي أحدث وأشهر بناية في نيويورك، مقابل 90 مليون دولار، أي نحو 6.666 دولار للقدم المربع. وقد أطلق على تلك الشقة اسم «حديقة الشتاء» حيث تضم مساحة مغلقة محاطة بالزجاج تبلغ نحو 2.500 قدم مربع، والتي من الممكن أن تُقام بها حديقة أو مسبح. لكن يبقى متوسط سعر المتر المربع في «وان 57» رخيصا عمليا حيث يبلغ أكثر من 6.000 دولار. أما في ميدتاون في مانهاتن وفي مبنى 432 بارك أفينيو الشاهق الارتفاع، يبلغ سعر القدم المربع الواحد 6.894 دولارا حسب أحدث عروض المبنى.
وتجتذب هذه السلسلة الحديثة من الأبراج الفاخرة شاهقة الارتفاع في نيويورك، والتي يتطلب بناؤها الحصول على تصريح من إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) بسبب طولها الشاهق، العديد من أثرياء وول ستريت ورؤساء الشركات الكبرى وكذلك الأجانب. وحسب تقديرات المحللين، قفزت نسبة المشترين الأجانب للشقق في حي مانهاتن إلى نحو 30 أو 40 في المائة من إجمالي مبيعات الشقق أو ضعف المعدل الذي بقي من دون تغيير لفترة طولية من الزمن في الحي الراقي.
في المشاريع السكنية الحديثة، مثل «وان 57»، يمثل الأجانب نحو نصف عدد المشترين الجدد. ويأتي قطبا الموضة الشهيران، الكندي لورنس سترول وسيلاس شو، وهو أحد سكان هونغ كونغ الأصليين، واللذان يهيمنان على أغلبية أسهم شركة مايكل كورس وأسهما في النجاح الذي حققته الشركة مؤخرا، في مقدمة أولئك المشترين الأجانب. كما اشترى الصينيون حوالي 15 في المائة من تلك البناية، من بينهم إحدى الشركات التي اشترت وحدها أربع شقق.
ويبقى حي مانهاتن دائما مصدرا لاجتذاب عدد كبير من السائحين الأثرياء المولعين بالسفر حول العالم، والذين لا يجدون أي مشكلة في إنفاق ملايين الدولارات، التي قد تصل إلى عشرة ملايين، في سبيل قضاء بعض الوقت في أحد الأماكن الراقية في حي أبر إيست سايد (Upper East Side). لكن الرغبة الشديدة من جانب عدد متزايد من أثرياء العالم للعيش في مانهاتن أدت إلى ما يمكن وصفه بانفجار في أسعار الشقق الفاخرة في السوق.
والسبب وراء ذلك ببساطة هو العدد القليل المتاح من تلك الشقق أمام الأغنياء والمشاهير. كما أنه ليست هناك مساحة كافية في مانهاتن لذلك النوع من التوسعات الجديدة في ما يخص إنشاء المباني الفاخرة التي يحتاج التخطيط لبنائها أكثر من عشرة أعوام.
ومع الضائقة الاقتصادية المستمرة التي تعاني منها أوروبا والاضطرابات السياسية التي تجتاح عددا من المناطق الساخنة حول العالم، يبحث المليارديرات الأجانب والأميركيون عن أكثر الأماكن أمانا لينقلوا إليها أموالهم. ويشير المحللون إلى أن نيويورك تبدو من أكثر الأماكن التي يمكن الرهان عليها بأمان في العالم في الوقت الحالي.
ويقول جوناثان ميلر، الذي يعمل في مكتب ميلر صامويل للتثمين العقاري «نحن نبني ما يمكن أن يكون مساويا لصندوق الودائع الآمن في البنوك، لكنه معلق في السماء، حيث يضع فيه المشترون الأشياء الثمينة ونادرا ما يذهبون لزيارته». في ماضٍ ليس بالبعيد، كان المرء بإمكانه أن يدفع 30 مليون دولار مقابل شراء عقار قديم بحالة جيدة وفي موقع لا بأس به في مانهاتن، وهذه الفكرة كان يتداولها الناس في عام 2000 عندما دفع ستيفن شوارزمان، العضو المؤسس في مجموعة «بلاكستون» العملاقة العاملة في مجال الأسهم الخاصة، رقما قياسيا مقابل شقة في الطابق العلوي تتألف من 34 غرفة في مبنى 740 بارك أفينيو الكائن في مانهاتن. وكان جون د.روكفلر الابن قد عاش في تلك الشقة فترة من الزمن.
وهذا الثنائي، حي مانهاتن ومبيعات العقارات ذات الأسعار الخيالية، يعكس ويزيد من تأثير عصر العقارات الذي يشهد ارتفاعا جنونيا في الأسعار. وكما هو الحال في العديد من المدن الكبرى، ارتفعت الأسعار بشكل كبير في سوق العقارات الفاخرة في نيويورك، التي تأتي في أعلى قائمة المدين الأكثر مبيعا للعقارات بتحقيقها 10 في المائة من المبيعات في العالم، حيث استقر متوسط سعر القدم المربع الواحد عند مستوى 2.612 دولار في عام 2009، حسبما أفادت بيانات صادرة عن مكتب ميلر صامويل للتثمين العقاري. وبعد انخفاض الأسعار في نهاية ذلك العام إلى مستوى1.655 دولارا للقدم المربع، عادت وزادت حتى وصلت إلى متوسط سعر 2.055 دولارا في الربع الثالث من العام الحالي.
ولنيويورك نصيب من البنايات الفاخرة الشهيرة التي تضم بين جدرانها المؤسسات التي تستثمر الأموال الكثيرة التي تشكل اتجاهات السوق مثل بناية 820 «فيفث أفينيو» (Fifth Ave820) أو بناية فيفتان سنترال بارك ويست (15 Central Park West) المعروفة بـ«مبنى المحفظة الوقائية». في عام 2008، دفع الرئيس السابق لمجموعة «سيتي غروب» سانفورد وايل 44 مليون دولار لشراء شقة الطابق بالعلوي في فيفتين سنترال بارك ويست (15 Central Park West).
وبعد أربعة أعوام عندما قدم مجموعة من المشترين من روسيا ولفتوا الأنظار بشرائهم الشقق الفاخرة في نيويورك، باع السيد وايل شقته بسعر قياسي بلغ 88 مليون دولار لشركة استثمارية أسسها رجل الأعمال الروسي الشهير ديمتري ريبولوفليف لصالح ابنته ايكاترينا. وعلى الرغم من أن تلك الصفقة ما زالت تحتفظ بالسعر الأعلى للمتر المربع الواحد في نيويورك (13.049 دولارا)، يبدو من المحتمل أن هذا الرقم القياسي سيجري كسره العام القادم حيث يجري التفاوض بشأن صفقات بيع شقق في التوسعات العقارية الجديدة.
وتُعتبر نيويورك في الوقت الحالي من أكثر الأسواق رواجا في العالم في ما يخص الشقق الفاخرة. تقول إليزابيث سامبل، واحدة من أكبر المستشارين العالميين في مجال العقارات والتي تعمل وسيطة عقارات لصالح وكالة العقارات الشهيرة «سوذبيز إنترناشيونال ريالتي» (Sotheby International Reality)، «لقد استقبلنا عددا كبيرا من طلبات الشراء. ففي العادة، نمارس عملنا في إنهاء صفقات جديدة في فنادق هامبتونز خلال الصيف، لكننا قضينا معظم شهر أغسطس (آب) في إنهاء صفقات معل المشترين الأجانب هنا في قلب نيويورك، والآن نجري صفقات مع 10 مشترين أجانب.»
وبسؤالها عن جنسيات هؤلاء المشترين الأجانب، سردت السيدة سامبل قائمة طويلة بدأتها بـ«فيضان من لندن»: «بالإضافة إلى مشترين من برازيل وإسرائيل». وتضيف سامبل «لقد عاد الصينيون واليابانيون لسوق العقارات في نيويورك مرة أخرى، وهكذا فهم يظهرون ويغيبون على فترات مختلفة، لكنهم صاروا الأكثر حضورا في سوق العقارات في الوقت الحالي». وتمضي سامبل قائلةً إن الكثيرين من بلاد الشرق الأوسط يسعون أيضا لشراء العقارات، لكنها تضيف بمزيد من الثقة، «لكن الروس حاضرون دائما».
ويبقى حي مانهاتن مسيطرا دائما على نصيب كبير من المشترين الأجانب، ففي ثمانينات القرن الماضي، على سبيل المثال، سارع المستثمرون اليابانيون إلى شراء الاستوديوهات الصغيرة والشقق التي تحتوي على غرفة نوم واحدة، سعيا منهم للحصول على دخول ثابتة من المؤجرين.
لكن المستثمرين الأثرياء الذين يجوبون العالم في الوقت الحالي يبحثون عن أشياء أخرى، كما يقول المحللون. فهم يسعون في المقام الأول للحصول على مكان آمن ينقلون إليه أموالهم، كما أنهم يريدون الدخول في استثمارات لا تخسر بمرور الوقت، بل على العكس تزداد قيمتها. وقد دفع شخص، لم تُعرف هويته بعد، 95 مليون دولار مقابل شقة مساحتها 8.255 قدما مربعا في مبنى 432 بارك أفينيو. وينتمي ثلث المشترين إلى جنسيات أجنبية، حيث يأتون بشكل رئيس من بريطانيا وأميركا الجنوبية والصين والشرق الأوسط وروسيا.
وفي حي تريبيكا في مانهاتن يجري إنشاء مبنى 56 ليونارد ستريت (56 Leonard Street) والذي سوف يرتفع إلى 60 طابقا. يقول إيزاك سينباهار، أحد المطورين المشاركين في تشييد المبنى، إنه جرى بيع نحو 10 في المائة من الشقق البالغ عددها 145 لمشترين أجانب. ويضيف سينباهار «أعتقد أن كثيرا من الأجانب ليس لديهم الوقت» للاستثمار في هذا المبنى، مشيرا إلى 92 في المائة من المبنى جرى بيعه خلال سبعة أشهر فقط. يقول سينباهار إن ذلك لا يرجع إلى عدم المحاولة.. «فأنا أتذكر أن أحد الفرنسيين كان يحاول الشراء عبر الهاتف لأنه اعتقد أنه سوف يحصل على الشقة التي يريدها في وقت متأخر عما يرغب فيه»

* خدمة «نيويورك تايمز»



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»