جيمي آرمفيلد... السحر الأبدي لكرة القدم عبر الراديو

الصورة تبدو أفضل عبر الإذاعة إذا حظيت بمعلق رفيع الأداء قادر على أن يحملك معه إلى أرض الملعب

الراديو لا يزال وسيلة مهمة للاستمتاع بكرة القدم حتى في عالمنا الحالي
الراديو لا يزال وسيلة مهمة للاستمتاع بكرة القدم حتى في عالمنا الحالي
TT

جيمي آرمفيلد... السحر الأبدي لكرة القدم عبر الراديو

الراديو لا يزال وسيلة مهمة للاستمتاع بكرة القدم حتى في عالمنا الحالي
الراديو لا يزال وسيلة مهمة للاستمتاع بكرة القدم حتى في عالمنا الحالي

بدا الصوت الصادر عن كرة القدم لافتاً على نحو خاص، وبينما اتخذت الكرة الصاروخية التي أطلقها محمد صلاح باتجاه مرمى «مانشستر سيتي» مساراً منحنياً لتستقر داخل الشباك، صدر عنها صوتاً مختلفاً على نحو لافت عن الأهداف التي سبقتها. وأضاف صوت الجماهير الهادرة مزيداً من الدهشة إلى المشهد، إضافة إلى التحركات المتسارعة داخل أرض الملعب وما أعقبها من الاحتفالات المعتادة بتسجيل هدف. وبالنسبة للذين لم يتمكنوا من متابعة مباراة الموسم عبر التلفاز (أو لم يكونوا من الفئة الأكثر حظاً التي حضرت المباراة داخل استاد «أنفيلد»)، فإنها نجحت في معايشة تجربة مثيرة واستثنائية من نوعها رغم هذه الظروف بالاستماع إلى أحداث المباراة عبر الراديو. وبدا جلياً من الأصوات الهادرة في الخلفية أن هذه ليست بمباراة عادية.
من جهته، قال روب نوثمان، المنتج السابق والذي يتولى حالياً مهمة التدريب على العمل الإذاعي، بينما حمل وجهه ابتسامة عريضة: «ثمة قول قديم بأن الصورة تبدو أفضل عبر الراديو. إذا حظيت بمعلق رفيع الأداء قادر على أن يحملك معه إلى أرض الملعب، ويطرح وصفاً حياً لما يدور حوله، ويقدم للمستمعين جميع المعلومات، إضافة إلى قدرته على رسم الصورة على نحو يستثير العواطف ويأسر ألباب المستمعين».
جدير بالذكر أن فك شفرة الأصوات الدقيقة لكرة القدم الحية وتمييزها من بين الأصوات المتدفقة إلى أذنيك من الراديو كان إحدى المهارات الأكثر إفادة بكثير منذ جيل تقريباً مضى عندما كانت المباريات التي يجري بثها حية عبر شاشات التلفزيون لا تحمل كثيراً من الأحداث. ولا يزال الكثيرون يحملون بداخلهم ذكريات أثيرة لجلوسهم منصتين وفي هدوء تام كأن على رؤوسهم الطير وفي آذانهم سماعات تمثل الوسيلة الوحيدة أمامهم لمتابعة مباراة بالغة الأهمية.
في الواقع، لعب الراديو دوراً هائلاً في كيفية تعاطينا مع كرة القدم، ومصدر ضخم للمعلومات بخصوص الأهداف وتشكيل الفرق والأخبار المتعلقة بكرة القدم والآراء والمناخ العام داخل الملاعب. ونعايش اليوم لحظة عاطفية على نحو خاص باحتفائنا بقوة الراديو وتأثيره في خضم مساعينا للاحتفاء بذكرى جيمي آرمفيلد الذي كان واحداً من عمالقة فن إذاعة المنافسات الكروية بفضل صوته المميز ودفء نبرته وخبرته الطويلة.
من ناحيته، قال نوثمان متحدثاً عن آرمفيلد: «كان يمتلك المعرفة والقوة والوضوح. وعندما تنظر في جعبته، تجدها تعج بمجموعة متنوعة من الميداليات - فهو لاعب رائع ومدرب عظيم وكان قادراً على طرح كل هذا خلال إذاعته للمباريات على نحو دافئ عذب. لقد امتلك روحاً محبوبة وسنفتقده بشدة».
في خضم هذا العصر الإعلامي الحديث، من المنطقي أن يتساءل المرء حول ما يخبئه المستقبل لكرة القدم المذاعة عبر الراديو، خاصة أن الجيل الأصغر من عاشقي الساحرة المستديرة نشأ على اللقطات السريعة لأهداف المباريات المنتشرة عبر الهواتف المحمولة والآراء الفورية المنتشرة عبر «تويتر» والقنوات التلفزيونية الخاصة بالمشجعين وما إلى غير ذلك. ومع تبدل الأذواق على نحو يتواءم مع التوجهات السائدة حالياً على صعيد وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت مسألة مشاهدة مباراة بأكملها دون تشتت انتباه المرء باتجاه أي شيء آخر بمثابة تحدي غير هين. اليوم، يميل الصبية لتفضيل مشاهدة أبرز لحظات المباريات ومزيد من اللعب وقليل من التحليل.
من جهته، يعتبر مارك تشابمان، الإذاعي الذي عمل عبر وسائل إعلام متنوعة، من المدافعين المتحمسين عن السمات المتميزة التي يملكها الراديو. وأعرب عن اعتقاده بأن الراديو لا يزال وسيلة مهمة لاستيعاب كرة القدم، حتى في خضم عالمنا الحالي الذي تسيطر عليه الحركة السريعة. وقال: «لا أزال أؤكد أنه السبيل الأسرع للتعرف على الأهداف. أما التلفاز فمتأخر بعض الشيء. كما أننا بالتأكيد سنحصل على الخبر قبل تحديث تطبيق ما. في خضم هذا العالم السريع، لا يزال الراديو الوسيلة الأكثر فورية للحصول على المعلومات».
وأضاف: «إذا كانت هناك قصة صحافية كبرى، فإنه عندما تنظر لما يتعين فعله للشروع في تغطيتها تلفزيونياً، ستجد أن الأمر يستغرق وقتاً كبيراً مقارنة بالراديو الذي يمكن أن يتصل بشخص ما عبر الهاتف في غضون 10 ثوان ويبدأ التواصل بينه وبين المذيع على الفور. ورغم أن الراديو قائم بيننا منذ فترة أبعد مقارنة بالوسائط الأخرى، فإنه لا يزال يبدو عصري للغاية بالنسبة لي».
واستطرد موضحاً: «ثمة رغبة فورية في مشاهدة الهدف و(تويتر) وما إلى غير ذلك، لكن هناك مساحة للتعليق الحي على المباراة وللدخول في نقاشات. الفكرة الأساسية التي أود طرحها هنا أن الاستماع إلى إذاعة مباراة ما عبر الراديو ربما لا يكافئ مشاهدتها، لكن في بعض الجوانب ربما تكون تجربة الاستماع أفضل. ومع أن هذا الطرح قد يبدو غريباً للكثيرين، فإنني أؤكد أنه حال اعتمادك على فريق العمل الإذاعي المناسب، فإن بمقدورك خلق تجربة استمتاع بالمباراة أفضل كثيراً».
وأضاف: «سأطرح عليكم مثالاً: كنت أقود السيارة عائداً من مباراة ببطولة كأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في كوفنتري منذ قرابة أسبوعين، وفي ليلة الاثنين تلك كانت هناك مباراة ليلية بين برايتون وكريستال بالاس. وتألف فريق التعليق ببرنامج (5 لايف) من جوناثان بيرس وستيف كلاريدج، وبدت التجربة برمتها رائعة. ومع أنني لا أتذكر الكثير من أحداث الشوط الأول من المباراة، فإن الاستماع إلى الراديو كان في مجمله تجربة رائعة».
جدير بالذكر أن الأسبوع الحالي تمر ذكرى أول بث حي لمباراة كرة قدم عبر موجات الهواء. في 22 يناير (كانون الثاني) 1927، من داخل كوخ خشبي شيد في ملعب آرسنال بمنطقة هايبيري، وكانت المباراة بين آرسنال وشيفيلد يونايتد وجرت إذاعتها عبر محطة «بي بي سي». اللافت أن ثمة جدالا امتد لفترة ليست بالقصيرة حول استصدار تصريح بالبث الإذاعي لمباريات كرة القدم من داخل الملاعب، وذلك لخشية السلطات من تأثير البث الإذاعي على معدلات حضور المباريات ومبيعات التذاكر. أما أول معلق على مباريات كرة القدم فكان يدعى هنري بليث ثورنهيل ويكلام - لاعب كرة رغبي سابق.
وشدد تشابمان من جديد على عشقه لتجربة الاستماع لمباريات كرة القدم عبر الراديو، قائلاً: «ليس هناك أكثر إمتاعاً من بين جميع الوظائف التي اضطلع بها من قولي: (إنها الخامسة، تستمعون الآن إلى «5 لايف» وهذا التقرير الرياضي). وكما تعرفون هناك مليونا شخص في السيارات يكونون في طريق عودتهم من مباريات وعلى أتم استعداد للإنصات لعناوين الأخبار الرياضية».



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».