فيليب أسمر: مشاهدة المسلسلات ستصبح منوطة بوسائل التواصل الاجتماعي

أخرج حتى اليوم 19 مسلسلاً تلفزيونياً لافتاً

المخرج فيليب أسمر
المخرج فيليب أسمر
TT

فيليب أسمر: مشاهدة المسلسلات ستصبح منوطة بوسائل التواصل الاجتماعي

المخرج فيليب أسمر
المخرج فيليب أسمر

قال المخرج اللبناني فيليب أسمر إن عصر الـ«سوشيال ميديا» سيؤدي بالإنتاج الدرامي إلى شاشة واحدة، ألا وهي «أون لاين تي في». وأضاف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «حسب رأيي فإننا ذاهبون نحو إنتاج الدراما الخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي. فالمنتجون العاملون في هذا المضمار باتوا واثقين بأن شاشة الـ(أون لاين) هي التي ستحدد مصير أعمالهم في المستقبل القريب». وأشار المخرج الذي تميز بعينه الثاقبة وبصورة كاميرته التي لا تشبه أحداً من زملائه، إلى أن ما يستفزه على الساحة اليوم هو التعاطي بالتساوي مع إنتاجات الدراما المحلية من قبل محطات التلفزة، بحيث لا يوجد تقدير حقيقي يمكن أن يلمسه صاحب الإنتاج الضخم، مقارنة بعمل آخر أقل مستوى منه. وأوضح: «هناك فقط هدف واحد يصبو إليه أصحاب المحطات المتلفزة ألا وهو تعبئة الهواء، بغض النظر عن كلفته أو المستوى الذي يتمتع به هذا العمل أو ذاك». وتابع: «كيف يمكن أن يستمر المنتجون في ظل الأجواء السائدة هذه، وهو أمر يؤثر سلبا على صناعة الدراما بشكل عام». ورأى أسمر أنه من الأفضل تأسيس لجنة خاصة بأعمال الدراما في لبنان تقيم عناصرها من أجل الحفاظ على مستوى جيد لها».
أحدث الأعمال التي صورها ونفذها فيليب أسمر «ثورة الفلاحين» وينتظر اللبنانيون عرضه عبر شاشة «إل بي سي آي» في موسم رمضان المقبل. «وهو عمل ضخم ذو عناصر درامية متكاملة، غني بمشاهد وأداء ممثلين رائعين. وقد اضطررنا أن نستعين أحيانا بفريق كومبارس لامس عدده الـ800 شخص لبناء مشاهد نابعة من الواقع». ويكمل: «سيكون خطوة جديدة في عالم الدراما لا يشبه أي عمل سبقه، فهو يتمتع بإيقاع جديد في لغة الإخراج وأنا راض على النتيجة التي حققتها خلاله».
وعن الصعوبة التي واجهها فيه أجاب: «إن الظروف التي تم تصويره فيها كانت صعبة، إذ كنا ننتقل باستمرار بين بلدة لبنانية وأخرى في ظل أجواء عاصفة. وكان الممثلون يجسدون أدوارهم وتحيط بهم المدافئ من كل جانب ليشعروا بالدفء، وهو أمر لن يلحظه المشاهد بالطبع. إلا أن الحماس الكبير الذي كان يتملكنا لتنفيذه أنسانا كل هذه الصعوبات فتجاوزوها بفرح».
قدم فيليب أسمر أعمالا شكلت محطات في الدراما اللبنانية فكان يتعرف إليها المشاهد بمجرد متابعته لها منذ اللحظة الأولى. ومن بين مسلسلاته المعروفة «جذور» و«عشق النساء» و«يا ريت» وغيرها. «في بداياتي كنت أركز على الصورة والديكورات والألوان، فجمالية الإطار الذي يدور فيه العمل تهمني كثيرا. اليوم صرت أركز بشكل أكبر على الإحساس الذي يمكن أن أوصله للمشاهد بواسطة الممثل. فبعد تسع سنوات من العمل المتواصل حصدت خبرة جيدة جعلتني أكثر نضوجا وأنا أوظفها في الدراما. وبرأيي أن الممثل الذكي يساهم مساهمة مباشرة في إبراز إبداع المخرج لتطوير المشهد وبعض هؤلاء يبهرني في هذا الموضوع». ويتذكر أسمر ممثلين وممثلات شاركهم بداياتهم كنادين نسيب نجيم في «خطوة حب» وباميلا الكيك «مدام كارمن» وزياد برجي «غلطة عمري» وداليدا خليل «أول مرة». «أفرح عندما أستذكر تلك المرحلة، فأن تشارك في صناعة نجم لهو أمر رائع ويبقى محفورا في ذاكرتك». وعن دور المخرج عادة في إدارة العمل يقول: «الخبرة تلعب دورا كبيرا في هذا الموضوع وبرأيي المخرج هو بمثابة طبيب نفسي عليه أن يعرف كيف يتعاطى مع كل ممثل، ومع الوقت صرت على معرفة كيف أخلق توازنا بيني وبينه. فالجميع أصدقائي وتربطني علاقة جيدة معهم ولكن في وقت العمل يعود كل منا إلى مكانه الأساسي كي تجري الأمور على أكمل وجه».
فيليب أسمر الذي يستعد حاليا لتصوير خماسية مع سيرين عبد النور بعنوان «الشهر السابع»، ومسلسل آخر سيعرض في رمضان المقبل، ابتعد إلى حد كبير عن تصوير الكليبات الغنائية: «هناك استنساخ ملحوظ في عالم الكليبات، ولقد نفذت هذا النوع من الأعمال في بداياتي مع نيكول سابا وزياد برجي وغيرهما ولكن العمل الدرامي شدني بشكل أكبر ووجدته أرقى، وعادة ما يطمح مخرج الكليب للعمل في الدراما وأنا لا نية لي في العودة إلى الوراء». يحفظ المخرج اللبناني الشاب أسماء كثيرة من زمن الأبيض والأسود ويقول: «كنت أحب مشاهدة أعمال الراحلتين ليلى كرم وهند أبي اللمع وتمنيت العمل معهما. ومن العالم العربي كانت تلفتني هند رستم فهي ممثلة لن تتكرر برأيي».
منذ كان في الخامسة من عمره شغف فيليب أسمر بعالم الصورة ويقول معلقاً: «وكأنني ولدت وشغفي معي ومع الوقت تطورت بفضل الخبرة التي عشتها. فلطالما تملكني إحساس غريب بأنني سأحقق هدفي، وعلى الرغم من أني توجهت لدراسة الهندسة المعمارية، فإن القدر كان لي بالمرصاد ودخلت هذا المجال وتوغلت في أجوائه بالصدفة». وحسب فيليب الذي شكل ثنائيا معروفا مع الكاتبة كلوديا مرشيليان يعتبر بأن النص يلعب دورا كبيرا في نجاح مسلسل ما والعكس هو صحيح: «هناك مسلسلات حققت نجاحا على الرغم من فشل إخراجها لأنها ارتكزت على نص جميل، ولكن فيما لو تغيرت المعادلة فإن النتيجة لن تكون مشابهة».
كانت له تجربة سينمائية واحدة «السيدة الثانية» فلماذا كل هذا البعد عن مجال تنبض صناعته حاليا في لبنان؟ «أعتقد أنني أنتظر النص الذي يحاكي طموحاتي ويفتح لي المجال لإخراج طاقاتي في هذا المجال، وبالتالي كي أنفذ فيلما ما علي أن أتفرغ له لعام كامل وأبتعد عن الدراما». ويرى فيليب أسمر أن ما ينقص الجمهور اللبناني التمتع بثقافة سينمائية وهو أمر علينا أن نحسنه.
وعما إذا تراوده فكرة دخول السوق المصرية قال: «هو أمر لا يشكل هدفا عندي ولكني أشعر بأنها باتت خطوة قريبة جدا مني. فأنا أجتهد للعمل في بلدي ومن أجله كما أنني لا أستطيع تحمل ابتعادي عنه».
لا يفكر فيليب في الاستمرار طويلا في مجال الفن ويقول: «لو دامت لغيرنا ما وصلت إلينا»، فمهما نجحت في هذا المجال سيأتي اليوم الذي ينتهي فيه كل شيء ولذلك أخطط لمشاريع أخرى».



لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
TT

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)

في الوقت الذي يشهد تصاعداً للجدل حول إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه الأصلي في المدخل الشمالي لقناة السويس، قررت محكمة القضاء الإداري بمصر الثلاثاء تأجيل نظر الطعن على قرار إعادة التمثال لجلسة 21 يناير (كانون الثاني) الحالي، للاطلاع على تقرير المفوضين.

وتباينت الآراء حول إعادة التمثال إلى موقعه، فبينما رأى معارضو الفكرة أن «ديليسبس يعدّ رمزاً للاستعمار، ولا يجوز وضع تمثاله في مدخل القناة»، رأى آخرون أنه «قدّم خدمات لمصر وساهم في إنشاء القناة التي تدر مليارات الدولارات على البلاد حتى الآن».

وكان محافظ بورسعيد قد أعلن أثناء الاحتفال بالعيد القومي للمحافظة، قبل أيام عدة، بأنه طلب من رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه في مدخل القناة بناءً على مطالبات أهالي المحافظة، وأن رئيس الوزراء وعده بدراسة الأمر.

ويعود جدل إعادة التمثال إلى مدخل قناة السويس بمحافظة بورسعيد لعام 2020 حين تم نقل التمثال إلى متحف قناة السويس بمدينة الإسماعيلية (إحدى مدن القناة)، حينها بارك الكثير من الكتاب هذه الخطوة، رافضين وجود تمثال ديليسبس بمدخل قناة السويس، معتبرين أن «المقاول الفرنسي»، بحسب وصف بعضهم، «سارق لفكرة القناة وإحدى أذرع التدخل الأجنبي في شؤون مصر».

قاعدة تمثال ديليسبس ببورسعيد (محافظة بورسعيد)

ويعدّ فرديناند ديليسبس (1805 - 1894) من السياسيين الفرنسيين الذين عاشوا في مصر خلال القرن الـ19، وحصل على امتياز حفر قناة السويس من سعيد باشا حاكم مصر من الأسرة العلوية عام 1854 لمدة 99 عاماً، وتقرب من الخديو إسماعيل، حتى تم افتتاح القناة التي استغرق حفرها نحو 10 أعوام، وتم افتتاحها عام 1869.

وفي عام 1899، أي بعد مرور 5 سنوات على رحيل ديليسبس تقرر نصب تمثال له في مدخل القناة بمحافظة بورسعيد، وهذا التمثال الذي صممه الفنان الفرنسي إمانويل فرميم، مجوف من الداخل ومصنوع من الحديد والبرونز، بارتفاع 7.5 متر، وتم إدراجه عام 2017 ضمن الآثار الإسلامية والقبطية.

ويصل الأمر بالبعض إلى وصف ديليسبس بـ«الخائن الذي سهَّل دخول الإنجليز إلى مصر بعد أن وعد عرابي أن القناة منطقة محايدة ولن يسمح بدخول قوات عسكرية منها»، بحسب ما يؤكد المؤرخ المصري محمد الشافعي.

ويوضح الشافعي (صاحب كتاب «ديليسبس الأسطورة الكاذبة») وأحد قادة الحملة التي ترفض عودة التمثال إلى مكانه، لـ«الشرق الأوسط» أن «ديليسبس استعبد المصريين، وتسبب في مقتل نحو 120 ألف مصري في أعمال السخرة وحفر القناة، كما تسبب في إغراق مصر بالديون في عصري سعيد باشا والخديو إسماعيل، وأنه مدان بالسرقة والنصب على صاحب المشروع الأصلي».

وتعد قناة السويس أحد مصادر الدخل الرئيسية لمصر، وبلغت إيراداتها في العام المالي (2022- 2023) 9.4 مليار دولار، لكنها فقدت ما يقرب من 50 إلى 60 في المائة من دخلها خلال الشهور الماضية بسبب «حرب غزة» وهجمات الحوثيين باليمن على سفن في البحر الأحمر، وقدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخسائر بأكثر من 6 مليارات دولار. وفق تصريح له في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.

في المقابل، يقول الكاتب المصري علي سعدة، إن تمثال ديليسبس يمثل أثراً وجزءاً من تاريخ بورسعيد، رافضاً ما وصفه في مقال بجريدة «الدستور» المصرية بـ«المغالطات التاريخية» التي تروّجها جبهة الرفض، كما نشر سعدة خطاباً مفتوحاً موجهاً لمحافظ بورسعيد، كتبه مسؤول سابق بمكتب المحافظ جاء فيه «باسم الأغلبية المطلقة الواعية من أهل بورسعيد نود أن نشكركم على القرار الحكيم والشجاع بعودة تمثال ديليسبس إلى قاعدته».

واجتمع عدد من الرافضين لإعادة التمثال بنقابة الصحافيين المصرية مؤخراً، وأكدوا رفضهم عودته، كما طالبوا فرنسا بإزالة تمثال شامبليون الذي يظهر أمام إحدى الجامعات الفرنسية وهو يضع قدمه على أثر مصري قديم.

«المهندس النمساوي الإيطالي نيجريلي هو صاحب المشروع الأصلي لحفر قناة السويس، وتمت سرقته منه، بينما ديليسبس لم يكن مهندساً، فقد درس لعام واحد في كلية الحقوق وأُلحق بالسلك الدبلوماسي بتزكية من والده وعمه وتم فصله لفشله، وابنته نيجريلي التي حصلت على تعويض بعد إثباتها سرقة مشروع والدها»، وفق الشافعي.

وكانت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية قد أصدرت بياناً أكدت فيه أن ديليسبس لا يستحق التكريم بوضع تمثاله في مدخل القناة، موضحة أن ما قام به من مخالفات ومن أعمال لم تكن في صالح مصر.

في حين كتب الدكتور أسامة الغزالي حرب مقالاً يؤكد فيه على موقفه السابق المؤيد لعودة التمثال إلى قاعدته في محافظة بورسعيد، باعتباره استكمالاً لطابع المدينة التاريخي، وممشاها السياحي بمدخل القناة.

وبحسب أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس المصرية والمحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، الدكتور جمال شقرة، فقد «تمت صياغة وثيقة من الجمعية حين أثير الموضوع في المرة الأولى تؤكد أن ديليسبس ليس هو صاحب المشروع، لكنه لص سرق المشروع من آل سان سيمون». بحسب تصريحاته.

وفي ختام حديثه، قال شقرة لـ«الشرق الأوسط» إن «ديليسبس خان مصر وخدع أحمد عرابي حين فتح القناة أمام القوات الإنجليزية عام 1882، ونرى بوصفنا مؤرخين أنه لا يستحق أن يوضع له تمثال في مدخل قناة السويس».