تيريزا ماي تمهد لما بعد بريكست بزيارة للصين

أعلنت المملكة المتحدة، التي ستنسحب من الاتحاد الأوروبي في 2019، خروجها من السوق الموحدة ومن الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي، مما سيمهد لها عقد اتفاقات تجارية خاصة مع بلدان خارج الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتها الصين التي تطرح نفسها شريكا تجاريا أساسيا لبريطانيا، كونها صاحبة الاقتصاد العالمي الثاني والقوة التجارية العظمى الموازية للولايات المتحدة.
وقالت هيوا شونيينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، بمناسبة زيارة رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي لبكين الأسبوع المقبل، إن «العلاقات الصينية - البريطانية ترتدي في الإطار الحالي، أهمية كبيرة... نأمل في أن نتمكن من تعميق ثقتنا السياسية المتبادلة، وتوسيع أطر تعاوننا ورفع علاقتنا إلى ذروات جديدة».
وستقوم ماي بزيارة للصين تستمر ثلاثة أيام، تمهيدا لأجواء لما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وأوضحت المتحدثة في لقائها الصحافي، أمس، أن ماي ستزور الصين ابتداء من الأربعاء، وستلتقي في بكين «مع مسؤولين صينيين» ثم تتوجه إلى شانغهاي (شرق) وإلى مدينة ووهان (وسط) الصناعية المعروفة بتركز مصانع السيارات فيها.
وأضافت المتحدثة الصينية أن «هذه الزيارة تأتي بعد الرحلة التاريخية للرئيس شي جينبينغ إلى المملكة المتحدة في 2015 وإقامة شراكة تجارية شاملة بين البلدين، وبعد انطلاق عصر ذهبي في علاقاتنا الثنائية».
وكان قد توجه عدد من الوزراء البريطانيين إلى الصين خلال الفترة السابقة لعقد صفقات تجارية استعدادا لخروجهم من التكتل الأوروبي. وكان قد أكد وزير التجارة الدولية ليام فوكس، خلال زيارة إلى الصين، أنه أجرى مناقشات مع المسؤولين الصينيين، حول وصول الصادرات البريطانية إلى السوق الصينية، ولا سيما منها الخدمات المالية التي تعد قطاعا أساسيا. كذلك زار وزير الخزانة البريطاني فيليب هاموند بكين في منتصف ديسمبر (كانون الأول)، من أجل تسريع آخر الاستعدادات لتعزيز التعاون بين بورصتي لندن وشانغهاي. واتفق البلدان أيضا على بحث إمكانية ربط سوقيهما على صعيد السندات.
لكن العلاقات توترت في 2016 عندما طالبت رئيسة الوزراء تيريزا ماي بإعادة النظر في اتفاق تبلغ قيمته 22 مليار دولار لبناء محطة نووية في بريطانيا، وقد دعمت الصين هذا المشروع ومولته جزئيا. وأعطت مؤخرا موافقتها على المشروع، بعدما اتهمت بكين لندن بأنها تعاني من «رهاب ضد الصين».
وتوقع الوزير البريطاني لشؤون «بريكست» ديفيد ديفيز، أول من أمس (الأربعاء)، إبرام اتفاق مع الاتحاد الأوروبي حول المرحلة الانتقالية بعد انفصال بلده عن الاتحاد الأوروبي (بريكست) «قبل نهاية شهر مارس (آذار)». وصرح ديفيز أثناء جلسة استماع أمام اللجنة النيابية لـ«بريكست»: «أتوقع أن يتم ذلك قبل نهاية شهر مارس». ويفترض أن تنطلق المرحلة الانتقالية التي تستغرق عامين في موعد الانفصال الرسمي المقرر في 29 مارس 2019، وأن تجيز للمملكة المتحدة التكيف مع أنظمة جديدة ضمن علاقتها الجديدة مع الدول الـ27.
أثناء تلك المرحلة قال ديفيز، كما نقلت عنه «رويترز»: «سنستخدم صيغا مطابقة إلى حد كبير لقواعد السوق الموحدة والاتحاد الجمركي»، بحسب الوزير الذي أضاف: «من منظار الشركات سيبدو كل شيء مطابقا». كما ذكر بأن بلاده ستواصل الاعتراف بصلاحيات محكمة العدل الأوروبية وستساهم في ميزانية الاتحاد الأوروبي. وانتقد عدد من النواب المحافظين هذه المقاربة، وقال النائب المؤيد لـ«بريكست» جيكوب ريس موغ: «على مدى عامين سنكون دولة تابعة للاتحاد الأوروبي. لكن وزير (بريكست) شدد على أن هذه الفترة يجب أن تجيز للبلاد بدء مفاوضات مع دول أخرى على اتفاقات تجارية، الأمر الذي يتعذر عليها أثناء عضويتها في الاتحاد». تابع ديفيز أن طبيعة العلاقة بين بلده والأعضاء الـ27 في المستقبل يجب أن «تحدد في بدء الفترة الانتقالية وليس في نهايتها»، موضحا: «لا جدوى في بدء مرحلة انتقالية خاتمتها مجهولة». كذلك حرص على طمأنة المواطنين الأوروبيين المقيمين في المملكة المتحدة الذين سيستفيدون من معاملة خاصة أيا كانت خاتمة المفاوضات مع بروكسل، وقال: «بشكل أو بآخر سنجد حلا لهذه المسألة. لكل القلقين بهذا الشأن أقول (لا عليكم)»، معتبرا الأمر «مسألة أخلاقية».
لكن ديفيز الذي كان يتحدث للجنة برلمانية، كما نقلت وقائعها «بي بي سي»، قال إن من النقاط الشائكة المحتملة في حماية حقوق المواطنين مسألة حقوق التصويت في دول أخرى، وهي مسألة ربما يضطر وزراء بريطانيون لحسمها عن طريق مفاوضات ثنائية. وشدد على أن مفاوضي المملكة المتحدة التقوا في الأسابيع الفائتة مع نظرائهم الأوروبيين في بروكسل استعدادا للتفاوض على اتفاق «بريكست» النهائي في مارس مبدئيا.