الأمم المتحدة تطالب بتسليم قائد عسكري ليبي بتهمة إعدام معتقلين

حكومة الثني تدافع عن شبهة التقصير الأمني في تفجير بنغازي

TT

الأمم المتحدة تطالب بتسليم قائد عسكري ليبي بتهمة إعدام معتقلين

صعدت منظمة الأمم المتحدة، أمس، من ضغوطها على المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي لتسليم قائد عسكري موالٍ له متهم بارتكاب جرائم حرب، بينما دعا مجلس النواب الليبي، المجتمع الدولي إلى تقديم يد العون للسلطات في شرق البلاد، «للمساعدة في محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه، ومحاصرة الدول الممولة له».
وفي الوقت الذي أعرب فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن إدانته للهجوم المزدوج بسيارة مفخخة في حي السلماني في بنغازي، وأسفه لسقوط ضحايا، ومن بينهم أطفال، فإنه اعتبر «أنه لا يوجد حل عسكري للنزاع في ليبيا». وأضاف أن «منفذي التفجير في السلماني، وكل تصرف إجرامي ينفذ انتقاما لذلك، يجب أن يعاقبوا وفقا للقانون».
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم غوتيريش، «إن الأمين العام يشعر أيضا بالصدمة إزاء تقارير حول الإعدامات السريعة الموجزة التي جرت في بنغازي، انتقاما من منفذي هذه الهجمات». كما عبرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن انزعاجها من تقارير عن عمليات إعدام «وحشية» دون محاكمة في مدينة بنغازي، أول من أمس، بعد انتشار صور تعرض على ما يبدو إعدام تسعة سجناء على الأقل في موقع تفجير سيارتين.
وقالت البعثة في بيان مقتضب، أمس، إن «الأمم المتحدة تطالب بتسليم الورفلي على الفور إلى محكمة الجنايات الدولية، خصوصا أنها رصدت على الأقل خمس حالات إعدام بإجراءات موجزة ارتكبها أو أمر بها الورفلي خلال العام الماضي»، وأضافت «يتحمل المسؤولون عن ارتكاب أو تنفيذ عمليات إعدام بإجراءات موجزة المسؤولية الجنائية الكاملة بموجب القانون الجنائي الدولي».
ويشبه المسلح الذي ظهر في الصور الرائد محمود الورفلي، وهو قائد بالقوات الخاصة التابعة للجيش الوطني، ومطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة تنفيذ عدد من عمليات القتل المشابهة. ونشرت الصور التي تدين الورفلي، لاحقاً في وسائل الإعلام المحلية، حيث جرت واقعة الإعدام رمياً بالرصاص فيما يبدو أمام مسجد بيعة الرضوان ببنغازي، حيث خلف انفجار سيارتين ملغومتين إلى مقتل وإصابة العشرات.
ويظهر في إحدى هذه الصور مسلح يرتدي زيا عسكريا ويصوب بندقية آلية نحو الشخص الأول في صف من رجال معصوبي الأعين يرتدون ثيابا زرقاء ومعصوبي العيون وراكعين، الواحد تلو الآخر في مكان الاعتداء أمام أبواب المسجد، الذي يظهر مدمرا جراء الانفجار في بنغازي ثاني مدن ليبيا. ويظهر في صورة أخرى ثلاثة من السجناء يسقطون على الطريق بينما يمر المسلح بمحاذاة الصف.
ولم تتضح بعد هوية هؤلاء الرجال، لكن شهودا تحدثوا في المقابل عن أن الورفلي أعدم في ساحة عامة نحو عشرة أشخاص يشتبه بأنهم جهاديون انتقاما لاعتداء بنغازي. من جهتها، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، إنها لم تتمكن من التحقق من صحة تسجيل الفيديو أو صور الإعدامات، إلا أنها وصفت هذه الأعمال بأنها «جرائم حرب».
وكان الجيش الوطني الليبي أعلن العام الماضي أنه يحقق مع الورفلي واعتقله بعدما قالت المحكمة الجنائية الدولية إنها تسعى إلى إلقاء القبض عليه في أغسطس (آب) الماضي. إلى ذلك، وجهت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، انتقادات حادة للحكومة الموالية للمجلس برئاسة عبد الله الثني، وأعربت في بيان لها عن استغرابها البطء في عمل وزارة الداخلية في مدينة بنغازي.
وبينما وصل عدد من جرحى العملية الإرهابية إلى مصر لتلقي العلاج، بالتنسيق بين قيادة الجيش الوطني والسلطات المصرية، زار وفد حكومي أمس، جرحى ومصابي العملية الإرهابية الذين يتلقون العلاج في الداخل، بينما تم الإعلان عن تسفير ثلاثة مصابين منهم للعلاج في الخارج نتيجة سوء حالتهم الصحية وإصاباتهم البالغة.
ومن المنتظر بحسب ما أكدت وكالة الأنباء الموالية لحكومة الثني، أن يفتتح خط جوي بين ليبيا وتونس لعلاج مختلف المصابين الذين تستدعي حالتهم استكمال العلاج في الخارج. ودافع الناطق باسم حكومة الثني عنها في مواجهة هذه الانتقادات، لكنه اعترف بوجود ضعف بأداء بعض الأجهزة التابعة لوزارة الداخلية، حيث رأى «أن الحفاظ على الأمن أصعب من تحقيقه».
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية التونسية أن قوات خفر السواحل الليبية أطلقت مساء أول من أمس، سراح البحارة التونسيين الخمسة الذين احتجزتهم وحدة تابعة لقوات خفر السواحل الليبية في التاسع عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الجاري. وقالت الوزارة في بيان لها إن الإفراج عن البحارة التونسيين جاء عقب «الاتصالات المكثفة التي أجرتها طيلة الأسبوع المنقضي، مع السلطات الليبية بالتنسيق مع الجهات التونسية المختصة».
من جهة أخرى، دشنت بعثة الأمم المتحدة، أمس، خطتها لدعم الاستجابة الإنسانية في ليبيا، والتي تسعى من خلالها إلى جمع 313 مليون دولار لمساعدة أكثر من مليون ليبي.
وجاء الإعلان عن هذه الخطة في اجتماع موسع للوكالات الإنسانية الدولية في العاصمة طرابلس، وحضره السراج وغسان سلامة المبعوث الأممي، بالإضافة إلى ماريا ريبيرو منسقة الشؤون الإنسانية بالبعثة الأممية، وعدد كبير من السفراء الأجانب. ورأت ريبيرو، في كلمتها الافتتاحية، أن «ليبيا ما تزال تعاني من آثار الأزمة السياسية الممتدة، الأمر الذي يؤدي إلى أعمال عنف ونزوح، وتدهور الأوضاع المعيشية للسكان، وانخفاض توفر الغذاء والوقود والمياه والصرف الصحي، إضافة إلى تراجع الرعاية الصحية والخدمة الاجتماعية».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.