حرب كلامية بلبنان على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب فيلم

مناصرو «حزب الله» يصفون حلفاءهم بـ«تيار التطبيع»

حرب كلامية بلبنان على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب فيلم
TT

حرب كلامية بلبنان على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب فيلم

حرب كلامية بلبنان على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب فيلم

برزت في الآونة الأخيرة موجة من الخلافات بين أحزاب وتيارات كانت تنضوي تحت خط سياسي واحد في لبنان. وأصبح واضحا للجميع هشاشة الروابط التي كانت تجمع على وجه الخصوص أحزاب «الممانعة»، التسمية المطلقة على محور سياسي داخلي يضمّ «حزب الله» و«حركة أمل» و«الحزب السوري القومي الاجتماعي» و«التيار الوطني الحر» وغيرها.
وبعد أن توترت العلاقات بشكل كبير بين التيار الوطني الحر بزعامة رئيس الجمهورية ميشال عون وحركة أمل بقيادة نبيه بري إثر خلافات في مواقع القرار، اندلعت في اليومين الماضيين حرب كلامية على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بين جمهوري التيار و«حزب الله» هذه المرة، سببها فيلم سينمائي بعنوان «ذا بوست».
ففجّر تقرير قناة «أو تي في» التابعة للتيار، قنبلة في وجه مؤيدي «حزب الله»، ذلك لأن التقرير أتى تعليقا على موقف أمين عام الحزب حسن نصر الله، الذي دعا لمقاطعة فيلم «ذا بوست» للمخرج ستيفن سبيلبيرغ بسبب وجوده على القائمة السوداء للشخصيات الداعمة لإسرائيل.
واعتبر التقرير أنّ المطالبة بمنع الفيلم «جريمة ثقافية تعيد تجسيد قمع الرأي الآخر بذريعة مواجهة العدو، وهو منطلق لم يفضِ في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي إلا إلى هزيمة تلو الهزيمة».
كما كان الوزير جبران باسيل (التيار الوطني الحر) قد أيد عرض الفيلم مُعتبراً أنه «لا يمكن التعاطي بهذه الطريقة مع هكذا أمور»، وأكد أن مثل هذه الدعوات تعني عملياً «مقاطعة وإقفال الكثير من المحال والشركات التجارية».
وعبر مناصرو «حزب الله» تحت هاشتاغ «#تيار_التطبيع» عن غضبهم من التيار الوطني الحر ومن مواقفه الأخيرة المؤيدة لعرض الفيلم.
وبدأ جمهور الحزب بوصف التيار «بالمطبع» رافضاً الهزيمة في وجه إسرائيل، ومدافعاً عن تفكيره ونهجه، معتبراً أن التيار أصبح يحتاج إلى «تغيير وإصلاح» على حد قوله. وحاز الهاشتاغ «#تيار التطبيع» على نسبة تفاعل عالية عبر «تويتر».
بدورهم ساهم مؤيّدون لـ«حركة أمل» بتأجيج الخلاف بين جمهورَي «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» عبر تغريداتٍ استعادوا فيها مواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، المعارضة لعون، وخلافاتهما المستمرّة.
وغرد صادق حمدون قائلا: «#تيار_التطبيع هو التيار الذي يُريد السلام للعدو الذي قصف عاصمته عبر 15000 مدفع صيف عام 1982، ولا تعنيه انتهاكات سيادة وطنه من قبل جيش الاحتلال، وينبري بإعلامه مُدافعاً عمن تبرَع لعدوه في حرب تدمير وطنه».
وقالت فادية آجور: «ما خاب ظني بأغلبكم، طلعتو بالتحديد يلي توقعتو من سنين #تيار_التطبيع».
وكتب جيري ماهر: «خلال الأيام القليلة الماضية ولعت بين جمهور (حزب الله) وجمهور ميشال عون، الأول اتهمهم بـ#تيار_التطبيع مع إسرائيل والعونيون ردوا على الحزب بالشتائم والتشكيك بدوره في مواجهة إسرائيل والحرب في سوريا وخسارة العلاقات مع العرب. العوني طلع بيكره (حزب الله) أكثر ما بيكره أمل».
كما ربط بعض الناشطين مسألة الفيلم بقضية الإعلامي مارسيل غانم، فقال محمد كنعان: «الجماعة (التيار) عم يحكو عن قمع الحريات، وهني ما الآن شهر كانوا رافعين دعوى على مارسيل غانم #تيار_التطبيع».
وعلق علي فهلوالي قائلا: «#تيار_التطبيع أعلن انتقالو رسميا لصفوف العمالة. مرحلة ما بعد الانتخابات ستشهد موجة احتقان مسيحي - شيعي غير مسبوقة».
وفي المقابل، رفض جمهور التيار هذا التوصيف (تيار التطبيع) مُدافعاً عن الرئيس ميشال عون، وعن مواقفه التي كانت «دائماً داعمة للمقاومة في وجه العدو الإسرائيلي».
وعبر رامي نجم عن امتعاضه من الحملة ضد التيار قائلا: «إن شاء الله بتظلوا تقولوا عنا تيار التطبيع من اليوم لشهر، فبالنهاية الرئاسة الأولى معنا... وعلى 6 سنين... والمرتبة التانية جايزة ترضية».
وغردت ماي فايز: «للتذكير: الحكومة التي سمحت بعرض الفيلم على يد وزير داخليتها يشارك فيها وزراء من (حزب الله) وحركة أمل وتيار المردة».
أما علي سليمان فاعتبر أن ما يتم طرحه من أفكار تجاه جماهير التيار الوطني الحر لا يمكن أن يُعمم، فالمشكلة مع طروحات باسيل وليس مع جمهور التيار، وأضاف: «نرى أن موقف العماد عون مخالف لرأي باسيل وهذا واضح جدا من خلال الخطابات والمداخلات والتوجيهات، فالتعميم غير واقعي وغير مقبول».
وفي وقت تتحضر خلاله البلاد لمرحلة الاستحقاق النيابي المقرر مطلع مايو (أيار) المقبل، يتطلع اللبنانيون لمعرفة كيف ستؤثر الصراعات الأخيرة على مصير التحالفات السياسية والمعركة الانتخابية.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.