منظمات حقوقية وإعلامية تطالب لبنان بالتحقيق في «عملية التجسس السرية»

TT

منظمات حقوقية وإعلامية تطالب لبنان بالتحقيق في «عملية التجسس السرية»

طالبت ثماني منظمات حقوقية وإعلامية من النيابة العامة في لبنان التحقيق في التقارير التي تشير إلى وجود عملية تجسس سرية واسعة النطاق مرتبطة بـ«المديرية العامة للأمن العام اللبناني» (الأمن العام). وذلك، بعدما كان باحثون مختصون بالخصوصية والمراقبة أصدروا تقريرا في 18 يناير (كانون الثاني) 2018، يشير إلى حملة تجسس باستخدام برمجيات خبيثة، مسؤولة عن سرقة مئات الغيغابايتات من البيانات الشخصية، كانت مرتبطة بمبنى يملكه الأمن العام.
والمنظمات هي «تحرك من أجل حقوق الإنسان وحلم وسمِكس ومركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية (سكايز) والمركز اللبناني لحقوق الإنسان ومنظمة إعلام للسلام ومؤسسة الكرامة».
وقال باحثون في «لوك آوت» و«مؤسسة الحدود الإلكترونية» إن جهازا «يُعتقد أنه يدار من مبنى تابع لمديرية الأمن العام اللبناني في بيروت»، كان مسؤولا عن سرقة بيانات خاصة. وبدأت حملة التجسس بحسب التقرير، منذ عام 2012 وكانت لا تزال مستمرة عند نشره، وطالت آلاف الأشخاص في أكثر من 20 بلدا، منهم ناشطون، صحافيون، ومحامون، بالإضافة إلى مؤسسات تعليمية.
انطلاقا من هذه المعلومات، قالت لمى فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في منظمة «هيومن رايتس ووتش»: «إذا صحّت الادعاءات، فإن هذا التجسس يشكل استهزاء بحق الناس في الخصوصية ويهدد حرية التعبير والرأي. على السلطات اللبنانية أن تنهي فورا أي مراقبة مستمرة تنتهك قوانين البلاد أو حقوق الإنسان، وأن تحقق في التقارير عن الانتهاكات الجسيمة للخصوصية».
ويقول التقرير إن التجسس نُفذ في المقام الأول من خلال أجهزة هاتف محمول، اختُرقت عبر تطبيقات مزيفة للتراسل، ما سمح للمهاجمين بالتقاط الصور، تحديد مواقع الأجهزة، وتسجيل الصوت. وقال الباحثون إن تركيز حملة التجسس على الهواتف المحمولة كان الأول من نوعه الذي شهدوه على نطاق عالمي. البيانات الخاصة التي قالوا إنه تم اعتراضها تشمل رسائل نصية، وسجلات المكالمات، وتاريخ التصفح والصفحات المحفوظة، وتسجيلات صوتية. وكانت البيانات متوفرة على شبكة الإنترنت المفتوحة، لأن المشغلين تركوها متاحة علنا.
وقد حدد تقرير في عام 2015 الأمن العام كأحد جهازين في لبنان يستخدمان «فينفيشر»، وهو نظام متطور للتجسس. عام 2016، نشرت «سمكس»، وهي منظمة غير حكومية مقرها بيروت، تقريرا يرسم خريطة للمراقبة الرقمية في لبنان.
وردا على تقرير لوك آوت ومؤسسة الحدود الإلكترونية، قال عباس إبراهيم، مدير عام الأمن العام، لـ«وكالة رويترز» «الأمن العام ليس لديه هذا النوع من القدرات. نحن نتمنى أن تكون لدينا هذه القدرات»، ليعود بعدها ويقر بممارسة الأمن العام للرقابة، كما قال وزير الداخلية نهاد المشنوق إن «التقارير عن التجسس في لبنان مبالغ فيها، ولكنها ليست بالضرورة خاطئة».
مع العلم، أن القانون اللبناني رقم 140 لسنة 1999 سرية الاتصالات من التنصت، أو المراقبة أو الإفصاح، إلا في الحالات التي ينص عليها القانون. ومع ذلك، فإنه يأذن أيضا لوزير الداخلية، الذي يشرف على جهاز الأمن العام، ووزير الدفاع بأن يأمرا باعتراض اتصالات محددة بناء على قرار مكتوب يوافق عليه رئيس الوزراء، لغرض مكافحة الإرهاب، والجرائم ضد أمن الدولة، والجريمة المنظمة.
في المقابل، يحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان أي خرق تعسفي أو غير قانوني للخصوصية، بما يشمل الاتصالات الخاصة. وأي تدخل حكومي في الخصوصية يجب أن يكون ضروريا لتحقيق هدف مشروع، وأن يتم وفقا للقانون الدولي والمحلي. وينص قانون حقوق الإنسان أيضا على أنه، في معظم الحالات، يجب على الحكومات إخطار الأشخاص الذين تخضع معلوماتهم للمراقبة.
وقالت فقيه: «الادعاءات بأن البيانات المسروقة تُركت على شبكة الإنترنت المفتوحة أمر يثير القلق بشكل خاص؛ من شأن ذلك أن يعرض خصوصية الناس لمزيد من المخاطر. لا مبرر للمراقبة التعسفية على نطاق واسع، ولكن ما يزيد الطين بلّة هو ترك بيانات الناس الخاصة مكشوفة على الإنترنت».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.