المغرب يتأهب لإطلاق المرصد الوطني للإجرام

TT

المغرب يتأهب لإطلاق المرصد الوطني للإجرام

كشف محمد أوجار، وزير العدل المغربي، أن بلاده تعتزم إطلاق «مرصد وطني للإجرام»، خلال الأيام المقبلة، مؤكدا أن هذه الخطوة تروم تمكين المغرب من آلية للإحصاء وتوفير قاعدة بيانات حول الظاهرة الإجرامية.
وأضاف أوجار، في تصريح صحافي على هامش افتتاح ندوة دولية حول «المراصد الدولية للإجرام: الخبرات والتجارب في مجال رصد وتحليل ظاهرة الجريمة»، أمس الأربعاء بالرباط، أن الظاهرة الإجرامية «تطورت وتعقدت وأصبحت تطرح علامات استفهام كبيرة من طرف شرائح كبيرة من المجتمع»، كما أقر وزير العدل بأن هذا التطور يطرح «عدة إكراهات بالنسبة لمختلف الفاعلين المتتبعين للظاهرة الإجرامية».
وشدد المسؤول المغربي على أن المرصد الوطني للإجرام الذي عده مؤسسة «علمية بحتة» سيعمل على اقتراح «البدائل والمقترحات الكفيلة بمحاصرة تطور الجريمة مثل حالات العود والجريمة الإلكترونية».
وأفاد أوجار، في كلمة ألقاها أمام خبراء دوليين من أميركا وفرنسا وإسبانيا وتونس، بالإضافة إلى ممثلي عدد من المؤسسات الحكومية والأمنية بالمغرب، بأن مبادرة إحداث مرصد وطني للإجرام، جاءت «استجابة للعديد من الأصوات ورغبة في تحقيق العديد من الطموحات وكسب مزيد من الرهانات والتحديات». وأوضح أن المغرب يتوخى «رصد ظاهرة الجريمة، من خلال جمع المعطيات الإحصائية بتعاون وتنسيق مع باقي الجهات القضائية والأمنية والإدارية، ووضع مؤشرات تتبع تطورها، وإعداد قاعدة بيانات خاصة بالمعطيات الإحصائية، والقيام بأبحاث ودراسات علمية حول الجريمة والعقوبة، ودراسة حالة العود واقتراح الحلول الكفيلة لمعالجتها، والمساهمة في التخطيط الجنائي عن طريق اقتراح الحلول الكفيلة للوقاية من الجريمة ومكافحتها، وتقديم مقترحات بشأن المنظومة القانونية الجنائية».
وأشار وزير العدل المغربي إلى أن نجاح المرصد «لن يتحقق إلا بوجود إرادة حقيقية طموحة ومقاربة تشاركية تعددية يساهم فيها جميع المتدخلين من قطاعات حكومية وهيئات وطنية وسلطات قضائية وأمنية وإدارية ومؤسسات البحث العلمي بتخصصاتها كافة»، معتبرا أن الندوة الدولية التي تعقدها الوزارة في إطار شراكة مع المركز الوطني لمحاكم الولايات (NCSC) والمكتب الدولي للمخدرات وإنفاذ القانون (INL) على مدى يومين، جاءت بهدف «الاطلاع على تجارب المراصد الدولية والمقارنة العامة في مجال رصد ظاهرة الجريمة وتحليله، بغية إنجاح المشروع المغربي الطموح».
وشدد أوجار على أهمية إحداث المرصد الوطني للإجرام، معتبرا أنه «سيؤسس مشهد العدالة الجنائية ببلادنا ويقدم خدمات جليلة لأجهزتها ولجميع السياسات العمومية للدولة وعلى رأسها السياسة الجنائية التي ما أحوج واضيعها ومنفذيها ومقيميها لمثل هذه الآلية، خصوصا فيما يتعلق برصد مؤشرات الجريمة».
من جهته، سجل هشام ملاطي، مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل المغربية، أن الوزارة كانت أمام خيارات عدة لإخراج المرصد الوطني للإجرام، من ضمنها «جعله هيئة عمومية أو وحدة إدارية داخل وزارة العدل، ولكن مستقلة عن المديريات، أو مؤسسة تابعة لرئاسة الحكومة بمعنى مؤسسة مستقلة قائمة بذاتها»، مبينا أن الخيار الأخير كان هو «جعل المرصد داخل هياكل وزارة العدل وتابع بشكل مباشر لوزير العدل».
ولفت ملاطي إلى أن وزارة العدل كان قد سبق لها إعداد مشروع مرسوم يتعلق بالمرصد الوطني للإجرام، تمت إحالته إلى الأمانة العامة للحكومة، مبينا أن هذا المشروع «ظل حبيسا في الأمانة العامة للحكومة لفترة معينة، وكان فيه طموح وتطلعات أكبر وتصور بشكل أكثر احترافية»، وذلك في انتقاد واضح منه للأمانة العامة للحكومة وتأخرها في إخراج المشروع.
وأضاف المسؤول بوزارة العدل، أنه أمام التأخر الحاصل في الأمانة العامة للحكومة «فضلنا المبادرة وعدم الانتظار، وكانت المبادرة لإحداث المرصد بصفته قسما داخل هيكلة مديرية الشؤون الجنائية والعفو». وأوضح أن مقترح المشروع تحدث عن مجلس إداري للمرصد الوطني للإجرام يضم في عضويته «أساتذة جامعيين وممثلين عن القطاعات الحكومية وعضوية رئاسة النيابة العامة وبعض الهيئات الوطنية مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان وغيرها من المؤسسات».
وتشهد الندوة الدولية التي تتواصل أشغالها اليوم الخميس، عرض تجارب كل من الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا وتونس، في مجال رصد وإحصاء ظاهرة الإجرام في مجتمعاتها، موضحين أهم المحطات التي عاشتها كل تجربة في إطار مساعي هذه البلدان للتصدي للجريمة ومواكبة التطور الذي تعرفه في السنوات الأخيرة، والذي أضحى تحديا يؤرق بال المجتمع الإنساني برمته.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».